صدرت صحيفة «زمان» التركية بنسختين مختلفتين تماماً أمس، الأولى بعناوين وأخبار مؤيدة للحكومة، وصورة ضخمة للرئيس رجب طيب أردوغان توسّطت صفحتها الأولى، والثانية تحت اسم «نظرة إلى الغد»، ولكن بالنهج القديم المعارض لأردوغان وحكومته، وذلك وفق ما نقلت صحيفة "الحياة" اليوم الإثنين (7 مارس / آذار 2016).
وأظهر ذلك أن جماعة الداعية المعارض فتح الله غولن استعدت لسيناريو وضع اليد على «زمان»، من خلال تأسيس صحيفة بديلة سراً، ظهرت إلى العلن باسم مختلف، بعد يوم واحد على وضع القضاء يده عليها.
ونقلت وكالة «فرانس برس» عن صحافي في «زمان» إن «الإنترنت قُطعت، ولم يعد في إمكاننا استخدام نظامنا»، مؤكداً أن «عدد الأحد لم ينتجه موظفو زمان».
وتساءل «حزب الشعب الجمهوري» المعارض عن «سبب تحوّل الصحف التي يضع القضاء يده عليها، صحفاً موالية للحكومة، فيما يُفترض أن تكون هيئة الوصاية محايدة»؟ كما سأل: «لماذا تكون دوماً بين الأوصياء، أسماء سبق لها الترشح على قوائم حزب العدالة والتنمية الحاكم للانتخابات النيابية»؟
لكن رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو دافع عن فرض حراسة على «زمان»، بقوله: «في تركيا وسائل إعلام كثيرة تنتقد الحكومة، ولم تخضع أي منها لإجراءات قانونية. لا نتحدث هنا عن نشاط صحافي فقط، ولكن عن عملية تستهدف الحكومة الشرعية التي وصلت إلى السلطة بدعم شعبي». وأشار إلى محادثات مع الولايات المتحدة «في إطار القانون الدولي» لترحيل غولن المقيم على الأراضي الأميركية منذ عام 1999. وكانت هيئة الوصاية باشرت عملها بطرد رئيس التحرير عبد الحميد بيليجي وهيئة التحرير بكاملها، وتعيين بدائل من الخارج لإدارة التحرير فيها. تزامن ذلك مع حديث عن احتمال امتداد الوصاية إلى النسخة الإنكليزية من الصحيفة، «تودايز زمان»، ووكالة «جيهان» للأنباء، الوحيدة التي تكسر احتكار وكالة «الأناضول» الرسمية في رصد نتائج الانتخابات ومتابعتها.
وأثار ذلك قلقاً لدى أحزاب معارضة، من أن نتائج أي انتخابات أو استفتاءات، ستتابعها إعلامياً وسائل موالية للحكومة، من دون رقيب مستقل. واعتبر رئيس «حزب الشعب الجمهوري» كمال كيليجدارأوغلو أن السيطرة على «زمان» يمهّد لـ «انقلاب مدني وإعلان الديكتاتورية في تركيا».
وأشار بيليجي إلى أن تهمة دعم الإرهاب التي وُجِّهت إلى «زمان»، تستند إلى دليل واحد وفق محامي القضية، هو شهادة شاهد سري يقول إنه كان يعمل في الصحيفة. وأضاف أن المحكمة لم تسمح لمحامي الصحيفة باستجواب الشاهد، أو الاطلاع على هويته، «ما يجعلنا نشكّ في هويته، أو حتى وجوده».
وأكد بيليجي أن قرار فرض الوصاية صدر من قصر الرئاسة، لا المحكمة، بدليل تسريب «فؤاد عوني» الخبر قبل يوم من صدور الحكم. وفؤاد عوني هو شخصية مجهولة تدير حساباً على موقع «تويتر»، وتسرّب من خلاله أخبار القصر وأردوغان.
وفيما يتابع الجميع تداعيات ما حدث مع صحيفة «زمان»، وردود الفعل الأوروبية والأميركية القلقة على حرية الإعلام في تركيا، أغلقت الحكومة شبكة تلفزة وصحفاً موالية لغولن، كان القضاء وضع يده عليها في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، بالحجة ذاتها في «دعم الإرهاب».
أتى هذا القرار بعد إفلاس تلك الشركات، بسبب تراجع التوزيع ونسب المشاهدة إلى صفر تقريباً، تحت إدارة هيئة الوصاية التي عيّنتها المحكمة آنذاك. ويشي هذا المشهد منذ الآن بمستقبل صحيفة «زمان» التي كانت تتباهى دوماً بتوزيعها الذي فاق مليون نسخة يومياً، متربّعة على عرش توزيع الصحف اليومية في تركيا.
إلى ذلك، شدد داود أوغلو على أن حزب «العدالة والتنمية» الحاكم مصرّ على خطته لصوغ دستور جديد، يحوّل النظام رئاسياً. وتطمح أحزاب المعارضة إلى أن يركّز الدستور الجديد على حماية حقوق الأقليات والحريات الديموقراطية، وتتخوّف من حكم استبدادي، إذا طُبِّق النظام الرئاسي.
وأعرب داود أوغلو عن ثقته بأن «العدالة والتنمية» سينال مساندة كاملة من نوابه الـ317 في البرلمان، مشيراً إلى أن الحزب يسعى إلى أصوات نواب من المعارضة، ما يتيح له الحصول على 330 صوتاً المطلوبة لطرح مشروع الدستور على استفتاء عام.