قبل نحو ثلاثة عقود من الزمن، أجرى رئيس تحرير مجلة «الحوادث» اللبنانية، الراحل سليم اللوزي، حوارًا صحافيًّا موسعًا، مع رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، تحدث فيه الأخير عن حلمه بتأسيس «دولة عصرية» متطورة وقادرة على مواكبة أحداث القرن الحادي والعشرين، وتكون رمزًا للأمل والرفاهية والمصالحات والتسامح.
وعبر الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، عن ثقته بأن تصبح دولة الامارات العربية المتحدة، «دولة رائدة» في مختلف ميادين الحياة العامة؛ لأنها أصبحت عازمة على شق طريق التغيير في ساحل عمان والمنطقة، في وقت ظلت فيه شقيقاتها في الخليج منشغلة في صراعات لا طائل منها في قضايا سياسية وتاريخية وجغرافية معقدة.
ودعا الشيخ زايد، سليم اللوزي، إلى زيارة أبوظبي عاصمة دولة الإمارات، بعد أن يمضي عقداً من الزمن؛ لكي يشاهد بأم عينيه، كيف استطاعت دولة الإمارات العربية المتحدة، تطوير نفسها عبر اتباع استراتيجية واضحة ومتماسكة لتحقيق تلك الأهداف، التي تتمكن من «نقل البلاد» التي ظلت تعيش على امتداد عدة عقود من الزمن، على أعمال الزراعة، ومراعي الجمال والأغنام والحرف اليدوية التقليدية المحدودة والصيد البحري، إلى مصافّ الدول المتطورة والعصرية، والتي تتطلع إلى مستقبل التنمية والاقتصاد الدولي الحديث.
كانت واحدة من المقابلات الصحافية، الجريئة والصريحة، التي أجراها صحافيون عرب وأجانب على حد سواء، مع الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي ظل يتمتع بشجاعة نادرة ورؤية ثاقبة ونهج سياسي مختلف، كان مبنيًّا على إحداث تغيير اقتصادي واجتماعي نحو الأفضل لشعب دولة الإمارات العربية المتحدة، وجعل الدولة أكثر حداثة وأكثر ملاءمة للتحولات والتغيرات الجديدة، التي تحدث على المستوى العالمي، والتي وفرت له في النهاية قبولاً واحترامًا وتبجيلاً كبيرًا من شعبه، وعلى مستوى الوطن العربي وربما الساحة الدولية.
واليوم، وبعد أن أعلن حاكم دبي رئيس وزراء دولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، أوسع تشكيلة وزارية في تاريخ البلاد، مختلطة من الجنسين، في خطوة وصفها المراقبون بالجريئة والفريدة حول العالم، والتي تضمنت استحداث حقائب وزارية جديدة، أنيطت غالبيتها بفئات الشباب، وتمثلت في «السعادة والتسامح والشباب والمستقبل والتغيير المناخي» وهي تعني المشاركة في الآمال الإصلاحية والتغييرية الجوهرية، التي كان قد عبرعنها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، في حديثه التاريخي مع الصحافي اللبناني سليم اللوزي، والتي تستند إلى سياسة «تكرار المعجزات»، إذ اعتمد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بشكل حاسم ومدروس، على أفكار وتطلعات وأماني، مؤسس دولة الإمارات، الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، التي كانت تقود إلى تقوية وتطوير مختلف مؤسسات الدولة الحديثة، وتحمل المسئوليات، وتشجيع الحوافز لتحويل جميع الخيارات الصعبة، إلى حقائق جميلة ومفيدة وثمينة، قائمة على أرض الواقع.
وأكد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، أنه بات يطمح إلى أن تصبح دولة الإمارات العربية المتحدة، في عصر العولمة والتطور، أكثر قوة اقتصادية وسياسية وأكثر ديناميكية ونشاطاً وحيوية وتميزًا، داخل الأسرة الخليجية وفي المنطقة وعلى المستوى العالمي، وأن هذه الحقيقة «تلزمنا تغييرًا جوهريًّا» حقيقيّاً في مختلف مؤسسات وهياكل الدولة الرسمية، في الحاضر وفي المستقبل، واعتبر أن تعيين عناصر شابة وكفوءة ومؤهلة علميًّا وأكاديميًّا ومقبولة على المستوى الاجتماعي، في مناصب وزارية مهمة، هو ضرورة ملحة للآمال المنشودة لبناء الدولة الحضارية الحديثة، ومشاركة أفراد مجتمع دولة الإمارات العربية المتحدة كافة في تبني المشاريع والخيارات السياسية والشعبية والعدالة الاجتماعية، ذات القيم الأساسية الإنسانية والأخلاقية، التي قد توفر لجميع الأفراد الفرصة والحركة، حيث يسود التكافل الاجتماعي والنشاط والعمل، وضرورات تمسك الدولة برؤى مكثفة للتطورات السياسية والديمقراطية، والتخطيط لحشد الموارد الشعبية، وتطور وتنوع اقتصاد الدولة وبناء مشروعات جديدة للبنية الأساسية والمرافق العامة وحماية البيئة، وإزالة بعض القيود على التدفقات الاستثمارية الوطنية والوافدة، وبناء أسواق تجارية جديدة ومفتوحة للجميع، وهذا «ما نريده ليس فقط لمجتمع دولة الإمارات العربية المتحدة»، بحسب محمد بن راشد، بل أيضًا لمجتمعات دول مجلس التعاون الخليجي الشقيقة، وشعوب العالم برمته.
إن بناء دولة حديثة ومجتمع متطور، يستغرق عقوداً طويلة من الوقت، والتزامات وطنية ضخمة واقتصاداً قويّاً للغاية، لكن دولة الامارات العربية المتحدة، كما قال كل من الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في تصريحاتهما للصحافة، قد تخلصت من نمط التفكير التقليدي المنعزل عن واقع العصر والبيروقراطية المعقدة، وأخذت تتقدم بلا عودة على طريق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وعلى نحو جريء وفعال.
إقرأ أيضا لـ "هاني الريس"العدد 4930 - الأحد 06 مارس 2016م الموافق 27 جمادى الأولى 1437هـ
بناء دولة حديثة ومجتمع متطور لايتم اذا كان ابناء الوطن في السجون وفي المنفى والسلام