أكد التقرير الوطني العماني الرابع للأهداف الإنمائية للألفية أن عُمان أولت عناية فائقة منذ بزغ فجر النهضة المباركة في عام 1970 بتحسين الأوضاع الصحية والتعليمية والمعيشية لجميع أفراد المجتمع. لا سيما وأن الأهداف الإنمائية للألفية والعديد من غاياتها مضمّنة في الخطط التنموية الخمسية المتعاقبة في السلطنة خاصة تلك الخطط التي تم اعتمادها في عقد التسعينات من القرن الماضي.
وجاء التأكيد على هذه الأهداف باعتماد العديد من المشروعات والبرامج الوطنية التي تترجم هذه الأهداف في الخطط التنموية الخمسية ابتداء من الخطتين التنمويتين السادسة والسابعة.
وأشار التقرير إلى انه بتقييم ما حققته عُمان من إنجازات يتضح أنها قد خطت خطوات واسعة وحثيثة نحو تحقيق هذه الأهداف بل واستطاعت في العديد من المؤشرات تجاوز المستهدف منها، بحسب تقرير صحيفة "عُمان" اليوم الأحد (6 مارس/ آذار 2016).
وكان المركز الوطني للإحصاء والمعلومات قد أصدر التقرير وفاء بالتزام عُمان نحو تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية. وتزامن إصدار التقرير الذي يعتبر بمثابة تقييم لما تحقق من منجزات على أرض الواقع من تنمية في مختلف القطاعات مع الجهود التي تشارك بها السلطنة دول العالم للانتقال إلى مرحلة جديدة يتم فيها استهداف (17) هدفاً مستجداً للتنمية المستدامة يؤمل في تحقيقها بحلول عام 2030.
الدخل العالي
وذكر التقرير أن الأمم المتحدة والبنك الدولي قد صَنّفت عُمان ضمن الدول ذات الدخل العالي حيث بلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي 7877 ريالا عمانيا في عام 2014.
وبيّن التقرير أن السلطنة تحقق إنجازات مع وجود تحديات في توفير الأيدي العاملة بالإضافة إلى تحدٍ في وجود العمل اللائق للجميع، للنساء والشباب على حدٍ سواء.
مشيراً إلى أن جهود عُمان في رفع مستوى معيشة المواطن اعتبرت إحدى أولويات استراتيجية التنمية طويلة المدى (1996-2020م)، وتم استهداف هذه الغاية في الخطط التنموية الخمسية السادسة والسابعة والثامنة عبر عدة برامج اجتماعية أهمها نظام الضمان الاجتماعي وتوفير المساكن الاجتماعية واعتماد أولوية فرص العمل لأبناء أسر الضمان الاجتماعي وذوي الدخل المحدود وإيجاد مشروعات مُدّرة للدخل لدعم هذه الأسرة، وتوفير منح دراسية للتعليم ما بعد المدرسي لأبناء أسر هاتين الفئتين حيث بلغت نسبة المستفيدين من نظام الضمان الاجتماعي من إجمالي عدد السكان العمانيين 7.9% في عام 2014 مقارنة مع 5.9% في عام 2010.
وأشار التقرير إلى أن عُمان حققت إنجازات عالية في مجال التغذية لا سيما للأطفال الذين تقل أعمارهم عن الخامسة من العمر، وجرى الاهتمام بتطوير وتعزير تغذية هذه الشريحة العمرية بشكل خاص والحد من مشكلة نقص الغذاء. محققة نسبة انخفاض بلغت 63% من عام 1995 والتي بلغت 23% إلى 8.6% عام 2009. وذكر التقرير أن هذه النسبة ارتفعت بعض الشيء في عام 2014 لتصل إلى 9.7%.
وفي الهدف الثاني المتعلق بتحقيق تعميم التعليم الابتدائي يذكر التقرير أن عُمان قد أنجزته بحلول عام 2015، وذلك ببلوغ صافي نسبة القيد في الصفوف (1-6) 99.4% في عام 2014 كما سجل مؤشر نسبة التلاميذ الذين يلتحقون بالدراسة في الصف الأول ويصلون إلى الصف الأخير في المرحلة تطورا مهما بين عام 1990 حيث بلغت نسبته (89.8%) وعام 2014 بلغ (99.1%). وهذا التحسن يعود بشكل رئيسي إلى تطوير كفاءة المنظومة التعليمية مما أدى إلى انخفاض معدلات الانقطاع عن الدراسة في الصفوف (1-6).
تمكين المرأة
وفي الهدف الثالث المتعلق بتعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة أشار التقرير إلى أن عُمان خطت أيضا خطوات حثيثة نحو تحقيق العدالة بين الجنسين وتمكين المرأة إيماناً منها بأهمية هذا المبدأ باعتباره عاملا من العوامل التي تسهم في تحقيق التنمية المستدامة حيث تلاشى التفاوت بين الجنسين في التعليم الابتدائي والثانوي في عام 2014 بلغت نسبة البنات إلى البنين 96% للصفوف (1-6) و95% للصفوف (7-12) كما بلغت نسبة البنات إلى البنين في التعليم العالي 138%. وارتفعت نسبة النساء في الوظائف الإشرافية سواء في القطاعين الحكومي والخاص من 3.75% في عام 2003 إلى 4.26% في عام 2010. أما معدل الباحثات عن عمل فقد انخفض إلى 24.9% في عام 2010 مقارنة بـ26.8% في عام 2003.
وتواصل عُمان جهودها لتطوير واقع المرأة العمانية خصوصا على صعيد المشاركة الاقتصادية والسياسية حيث تتجه لمراجعة السياسات والبرامج والقوانين المتصلة بالمرأة بغرض تطويرها وتعزيز خططها وفقا للمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والمهنية. وكذلك التركيز على المحافظات التي تتسم بنسب أقل لالتحاق البنات في مراحل التعليم المختلفة مقارنة مع البنين ووضع وتنفيذ برامج تدريبية من أجل بناء قدرات ومهارات المرأة العمانية في مجال العملية الانتخابية وإدارة الحملات الانتخابية، والاستمرار في النهج الحالي في تطوير بيئة عمل لانخراط المرأة العمانية في الأعمال الصغيرة والمتوسطة والمتمثل بالدعم الكبير والتحفيز الذي تقدمه عُمان للمبادرات النسوية في الأعمال الصغيرة والمتوسطة سواء من خلال الهيئة العامة لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أو من خلال صندوق الرفد أو من خلال لجان صاحبات الأعمال في غرفة تجارة وصناعة عمان.
وفيات الأطفال
وفي الهدف الرابع المتعلق بتقليل وفيات الأطفال تمكنت السلطنة من خفض معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة بشكل ملحوظ خلال العقدين الماضيين بمعدل 72.3% في حين سجلت 35 حالة وفاة لكل 1000 مولود حي عام 1990 بلغ عدد حالات الوفاة لكل 1000 مولود حي 9.7 عام 2014.
وأوضح التقرير أن تحصين الأطفال يأتي على قائمة أولويات التوجه المعتمد من قبل القطاع الصحي في عُمان خلال العقود الثلاثة الماضية، بغية الحد من انتشار الأمراض المعدية (كالسل والحصبة والتهاب الكبد وشلل الأطفال والدفتيريا والسعال الديكي)، وبالرغم من تحقيق السلطنة لهدف الألفية الرابع إلا أنها تعمل على بذل مزيد من الجهود لتخفيض أكثر لمعدلات وفيات الأطفال من خلال تقوية مختلف برامج الإدارة المتكاملة لأمراض الطفولة والتنسيق فيما بينها وتحسين نوعية وجودة الخدمات المقدمة في مختلف مراكز الخدمة الصحية، وكفاءة العاملين الصحيين خصوصا في المحافظات ذات التوزع النسبي الأعلى لوفيات الأطفال مقارنة مع غيرها مثل شمال الباطنة.
الصحة النفاسية
وفي الهدف الخامس المتعلق بتحسين الصحة النفاسية قال التقرير: إن عُمان أتاحت خدمات الصحة الإنجابية فيما حققت تقدما وإن كان مع تحديات في الغاية المتعلقة بتخفيض معدل الوفيات النفاسية بمقدار ثلاثة أرباع في الفترة ما بين 1990 و2015. وانخفض معدل وفيات الأمهات على مستوى السلطنة بشكل عام من 27.2 حالة لكل 100 ألف في عام 1991 إلى 18.3 عام 2014.
وذكر التقرير أن برنامج رعاية الأمومة والطفولة اهتم بتشجيع الأمهات على الولادة داخل المستشفيات، وتقديم الخدمات المناسبة لهن أثناء الولادة حيث ارتفعت نسبة الولادات التي تتم بإشراف الأخصائيين الصحيين من 95% عام 1995، إلى 99.7% في عام 2014.
وتشير الإحصائيات الخاصة بمراجعة الأمهات للمراكز الصحية فيما بعد الولادة إلى ارتفاع نسبة العمانيات المترددات على عيادات المباعدة بين الولادات حيث جرى اعتماد برنامج للتوعية بضرورة المباعدة بين الولادات، يهدف إلى تعريف النساء بمدى ما يحمله قصر المدة بين الولادة والأخرى من مشكلات جمة.
وفي الهدف السادس المتعلق بمكافحة فيروس نقص المناعة البشرية (الايدز) والملاريا وغيرهما من الأمراض، أوضح التقرير أن عُمان أنشأت في عام 1987م برنامجا لمكافحة الإيدز حيث استطاعت الحفاظ على معدلات متدنية من المرض جراء السياسات الصحية والمتمثلة بالتوعية حول أسباب الإصابة به، مع تعميم العلاج للفيروس منذ عام 2010 لجميع من يحتاجونه. وأوقفت انتشار الملاريا وغيرها من الأمراض الرئيسية في عام 2015 والتي بدأت في الانحسار.
كفالة الاستدامة البيئية
وفي الهدف السابع المتعلق بكفالة الاستدامة البيئية أنجزت عُمان منذ عام 2010 غاية الحد بقدر ملموس من معدل فقدان التنوع البيولوجي، كما خفضت نسبة الأشخاص الذين لا يمكنهم الحصول باستمرار على مياه الشرب المأمونة وخدمات الصرف الصحي الأساسية إلى النصف في حين تحقق السلطنة تقدما مع تحديات في إدماج مبادئ التنمية المستدامة في السياسات والبرامج القطرية وانحسار فقدان الموارد البيئية.
وأوضح التقرير أن مساحة الأراضي المغطاة بالمراعي في عُمان بلغت مليونا و350 ألف هكتار كما أن هناك مشروعا متكاملا لتنمية وتطوير المراعي الطبيعية يهدف لإدارة المساحات الرعوية وتعمير الأراضي المتدهورة وحماية مكوناتها البيئية الطبيعية وأيضا يجري العمل حالياً على مجموعة من البرامج والمشروعات التي تستهدف حماية طبقة الأوزون بما فيها إعداد استراتيجية متكاملة للتخلص من المواد المستنفدة لطبقة الأوزون والإحلال التدريجي للمواد المستنفدة للأوزون بمواد آمنة.
وبيّن التقرير كذلك أن العديد من المسوحات التي نفذت في المياه العمانية العميقة أشارت إلى وجود كمية كبيرة من مخازين أسماك السطح الصغيرة في كل من بحر عمان وبحر العرب.
بل حددت أن المياه العمانية العميقة وتحديدا مياه بحر العرب تحتوي على كتلة ضخمة من أسماك السطح الصغيرة وهي من أكثر المناطق في المحيط الهندي إنتاجا لهذه الأسماك التي لا يزال كثير من أنواعها غير مستغل.
وذكر التقرير أن عُمان تتبع نهج الإدارة المتكاملة للموارد المائية من أجل مواجهة التحديات والمتغيرات المائية حاضرا ومستقبلا حيث تحرص السلطنة على الموازنة بين الاستخدامات المائية والموارد المتجددة والمحافظة على موارد المياه من الاستنزاف والتلوث كما تحرص على توفير المياه الصالحة للشرب حيث بلغت نسبة السكان الذين يستخدمون مياه محسنة للشرب حوالي 94.9% في عام 2014 مقارنة بـ75% في عام 2003م.
وأولت السلطنة اهتماما بتجميع وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة لضمان توفير متطلبات الأمن المائي خاصة في أوقات الجفاف إضافة إلى توفير المياه للاستخدامات الصناعية والتجارية والزراعية في حدود الموارد المائية المتاحة.
نظام مالي مرن
وفيما يتعلق بالهدف الثامن حول إقامة شراكة عالمية من أجل التنمية أوضح التقرير استمرار السلطنة في نهج التقدم والرقي والتنويع الاقتصادي والمضي قدماً في إقامة نظام تجاري ومالي يتسم بالمرونة مع التقيد بالقواعد والقابلية للتنبؤ كما تسعى عُمان بتخفيف وطأة الفقر على الصعيدين الوطني والدولي.
ويبين التقرير النمو المطرد للاقتصاد العماني خلال السنوات الماضية حيث بلغ معدل نمو الناتج المحلي بالأسعار الجارية الى 4.6 مليار ريال عماني عام 2014م.
وأوضح التقرير أن سياسة جلب الاستثمارات الأجنبية ونهج الانفتاح للاقتصاد العماني أدى إلى تنامي مطرد في حجم هذه الاستثمارات الأجنبية التي بلغ حجمها 13.9 مليار ريال عماني في عام 2012 بارتفاع نسبته 9.3% عن عام 2011.