سؤال طرحه أحد الحضور قبل أن أبدأ بمحاضرتي في مجلس عيسى سالمين الاثنين الماضي أدى إلى تغيير كلي في المحاضرة وأخذها باتجاه آخر بعيداً عما كنت قد خططت له.
حدث ذلك عندما بادرني أحد الحضور بالسؤال التالي: كيف أحمي أبنائي من مواقع الإعلام الاجتماعي؟
أقول حقيقةً، إن هذا السؤال مع الأسف هو سؤال قطاع عريض من المجتمع البحريني، وفي أماكن كثيرة أخرى من العالم، وأقول «مع الأسف» لأني أشعر بالأسى لاعتقاد البعض أن مواقع الإعلام الاجتماعي هي «غول» أو «رجس من عمل الشيطان» يجب أن نتجنبه ونحمي أنفسنا وأبناءنا منه.
أحد حضور المجلس كان الشيخ جاسم الذوادي، الذي أثلج صدري بشغف عندما تحدث عن أن الدين الإسلامي الحنيف يحفزنا ويحضنا على تعلم العلوم الحديثة، والعمل على الاستفادة منها وتسخيرها لخدمتنا، وليس رفضها والتحذير منها.
لقد قلنا مراراً وتكراراً إن مواقع الإعلام الاجتماعي ليست ظاهرة جديدة بحد ذاتها، وإنما حلقة ضمن سلسلة تطور تكنولوجيا وسائل الاتصال، التي بدأت بإشعال النار ثم الكتابة مروراً بالصحف والهاتف والراديو والتلفزيون والإنترنت، ومازالت تتطور، وإذا لم نكن مع الأسف مساهمين في هذا التطور فيجب أن نكون على الأقل مستفيدون منه.
إن التصرف الأمثل لحماية أطفالنا من مواقع التواصل الاجتماعي هو تعليمهم وتدريبهم على الاستخدام الأمثل لهذه الوسائل، وكيف يمكن أن يستفيدوا منها في الترفيه والتعليم والتواصل، والبحث عن عمل وتطوير المدارك والمهارات الشخصية.
لكن من أين يستقي أطفالنا كل ذلك؟ ألا يجب أن نبادر نحن أولاً إلى تعزيز المحتوى الجيد المنشور على «فيسبوك» و «تويتر» و «انستغرام» ثم نطلب من أطفالنا الاستفادة منه؟
سألت حضور مجلس سالمين: هل تنشرون على «تويتر» مثلاً معلومات عن المجال الذي تعلمون وتعملون فيه؟ في الإدارة أو التجارة أو العمل الخيري أو غيره؟
لدينا في البحرين مئات المجالس الشعبية والجمعيات الأهلية والمهنية والأندية الثقافية والرياضية والمنظمات الشبابية وغيرها، ويندر أن تجد شخصاً منا ليس عضواً أو على صلة بطريقة أو بأخرى بواحدة أو أكثر من تلك الهيئات، فلماذا لا نبادر بالكتابة عنها بشكل منتظم في «تويتر» مثلاً؟ ألا يساعد هذا في توفير محتوى غني يمكن أن نستفيد منه جميعا؟
في «اليوتيوب» هناك الأفلام الضارة والتحريضية والإباحية التي يجب أن نحمي أبناءنا منها، منها وليس من «اليوتيوب» نفسه، وهذا يتم بمبادرتنا إلى إنتاج أفلام مفيدة تقدم الثقافة والسياحة والفنون والترفيه بطريقة راقية سلسة جذابة.
إن مقولة «العلم في الصدور وليس في السطور» لم تعد صالحة لهذا الزمن، فالعلم والمعرفة يجب أن تكون منشورة حتى يستفيد الجميع منها، وأفضل ما يفيد الإنسان به مجتمعه هو العلم النافع، ومواقع الإعلام الاجتماعي اليوم تقدم قنوات غير مسبوقة لنشر هذا العلم، وإتاحة وصوله إلى شرائح لا متناهية من الناس، أطفالاً وشباباً وكباراً.
وإن القول بعدم جدوى استخدام مواقع الإعلام الاجتماعي في نشر المعارف والتبادل الحضاري والثقافي والترويج وإيجاد فرص عمل وغير ذلك هو قول عارٍ عن الصحة تماماً، لأن المشكلة في عدم إجادتنا استخدام هذه المواقع بالطريقة المثلى وليس في المواقع نفسها.
إقرأ أيضا لـ "علي سبكار"العدد 4928 - الجمعة 04 مارس 2016م الموافق 25 جمادى الأولى 1437هـ
اتذكر عبارة لاستاذ اللغة العربية يكررها دائما العلم في الراس مش في الكراس هي صحيحة ولكن ناقصة لان الكراس او الكتاب يحفظ العلوم ويطورها وينميها العقل الذي في الرأس او القلب