رسمت المقارنة بين قريتي بوري وكرانة، تحديداً فيما خص جامع بوري القديم ومسجد العذار، مشهداً يتحدث عن «الشراكة» بوصفها سبيلاً لإنقاذ ما تبقى من مواقع أثرية في مملكة البحرين.
شراكة، قوامها تلاقي الجانبين الرسمي والأهلي، وصولاً لتعزيز دور المجتمع المحلي في حفظ وصون التراث الحضاري والثقافي.
وتركز هيئة البحرين للثقافة والآثار على هذا الدور، مصحوباً بحديثها عن خطتها للفترة المقبلة، والتي تتضمن تشكيل فرق حماية بالتنسيق مع أهالي عدد من المناطق المحيطة بالمواقع الأثرية، بما يسهم في تعزيز دور المجتمع المحلي في المحافظة على المقومات الحضارية وتقوية العلاقة ما بينه وبين هويته الثقافية.
ويقف جامع بوري القديم، شاهداً على هذه الشراكة، والتي بدأت بحراك أهلي ومطالبات امتدت لسنوات، أتبعتها الهيئة باستجابة أنقذت من خلالها الجامع المهدد بالسقوط، وذلك بفضل أعمال الترميم والتأهيل التي تقاسم تكاليفها الأهالي والهيئة على حد سواء.
يتحدث رئيس جمعية بوري الخيرية عبدالرسول حجيري عن تجربة الشراكة في جامع بوري الكبير، ليقول: «أخذت الجمعية على عاتقها مسئولية القيام بترميم جامع بوري القديم، حيث تم رصد المطلب ضمن المطالب التي تقدمت بها اللجنة الأهلية إلى جلالة الملك خلال الزيارة التي تشرف بها الوفد لجلالته عام 2006»، مضيفاً «رغم التواصل المستمر مع الجهات المعنية إلا أن ملف الجامع بقي معلقاً ولسنوات».
وتابع «بعدها قمنا بزيارة لرئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، والتي كانت حينها وزيرة للثقافة، ولقينا ترحيباً كبيراً من قبلها، كما لمسنا حرصها الشديد على المحافظة على تراث الوطن واستعدادها التام للتعاون معنا، وبالفعل بدأ العمل قبل عام، ولايزال، حيث أعمال الترميم المستمرة بحسب الميزانية المرصودة»، وأردف «نوهت الشيخة مي بضرورة مشاركة الأهالي في عملية الترميم، ليشكل لهم ذلك حافزا باتجاه المحافظة على تاريخ وتراث قريتهم».
وواصل «عطفاً على ذلك، تم تشكيل لجنة خاصة بالمشروع تتولى عملية المتابعة بشكل يومي وتقديم التسهيلات المطلوبة كافة»، مثنياً على المشاركة الواسعة من قبل الأهالي بالتبرع المادي والعيني والحرص على إكمال المشروع على أكمل وجه.
كما بين أن المرحلة الأخيرة من أعمال الترميم، شهدت تواصلاً مع إدارة الأوقاف الجعفرية مرة أخرى وهي تقوم حالياً بالتنسيق مع هيئة البحرين للثقافة والتراث من أجل تنفيذ المرحلة الأخيرة للمشروع وافتتاح الجامع للصلاة، وليتحول لمعلم تراثي للبحرين، معتبراً التعاون مع الشيخة مي الخليفة وطاقم العمل ممثلاً في المسئول علاء الحبشي والمهندس ماريو وبقية المسئولين، «أنموذجاً للشراكة بين المجتمع المحلي والجهات الحكومية».
مقابل ذلك، لايزال مسجد العذار، الكائن في المنطقة المتداخلة بين قريتي كرانة وحلة العبد الصالح، صامداً أمام خطر السقوط الذي بات يتهدده، وذلك بعد توقف أعمال الترميم التي بدأتها الهيئة مؤخراً.
تعليقاً على ذلك، قال الناشط علي خضير (مشرف على حساب «كرانة زمان»): إن كرانة والمنطقة المحيطة بها، تضم مواقع أثرية متعددة بحاجة للإنقاذ العاجل، من بينها مسجدا العذار والنعش، إلى جانب مواقع أخرى.
وأضاف «نحن بحاجة لتحرك أهلي يتعاضد مع جهود الجانب الرسمي من أجل القيام بمهمة الإنقاذ قبل فوات الأوان، مبيناً أهمية تشكيل لجنة أهلية معنية بذلك».
من جهته، قال الباحث جاسم آل عباس: بشكل عام، تعتمد جهات موضوع الشراكة مع الجانب الأهلي، من أجل الحصول على إنجازات أكبر مما هو متوقع.
وأضاف «هذا الأمر منطقي وإيجابي جداً، على اعتبار أن ما يضمه المجتمع المحلي من طاقات، كفيلة وضرورية لحماية المواقع الأثرية، فمن دون عنوان الشراكة لن تتمكن الهيئة من حماية ومراقبة هذه المواقع من أي عبث، وهو الأمر الذي يتطلب إما وجود رجال أمن أو مجموعة من الأهالي تحمي المواقع وتقدر قيمتها الحضارية».
ومقارنةً بين جامع بوري القديم ومسجد العذار، قال: «المقارنة في محلها، فقد رأينا الإنجاز حاضراً في الجامع رغم مساحته الكبيرة ووضعه الذي كان مهدداً بالسقوط، إلا أننا رأينا الإنجاز فيه أسرع مما هو عليه بالنسبة لمسجد العذار».
العدد 4928 - الجمعة 04 مارس 2016م الموافق 25 جمادى الأولى 1437هـ