قدم الاتحاد الأوروبي اليوم الجمعة (4 مارس/ آذار 2016) خطة طارئة تهدف إلى الحفاظ على حرية التنقل في فضاء "شنغن" الذي شهد رقما قياسيا في عدد طلبات اللجوء، في وقت أعلن رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك انه يرى "بوادر توافق أوروبي" حول أزمة الهجرة.
وقالت المفوضية الأوروبية في بيان "الهدف هو ازالة اجراءات التدقيق على الحدود الداخلية بحلول ديسمبر/ كانون الاول حتى نتمكن من العودة الى تفعيل فضاء شنغن بصورة طبيعية بحلول نهاية 2016"، علما أن ثماني دول أعادت اجراءات التفتيش والتدقيق بشكل مؤقت على حدودها منذ سبتمبر/ ايلول، للحد من عدد الوافدين اليها مع تصاعد ازمة المهاجرين.
وأضافت المفوضية ان "إنشاء فضاء شنغن من دون حدود داخلية منح امتيازات كبيرة للمواطنين الاوروبيين والشركات، لكن هذا النظام تعرض في الاشهر الاخيرة لامتحان قاس بسبب ازمة الهجرة".
وقدرت النفقات المباشرة لعودة الإجراءات على الحدود بما بين خمسة مليارات و18 مليار يورو سنويا.
وبالإضافة إلى ضبط حدود اليونان، حددت بروكسل اولويتين أخريين تتمثلان بإنهاء سياسة حرية العبور للمهاجرين، ومقاربة أوروبية مشتركة.
وفي رسالة بعث بها الى القادة الاوروبيين الـ28 نشرت اليوم (الجمعة)، قال دونالد توسك انه يرى "بوادر توافق اوروبي" للمرة الاولى حول استراتيجية تهدف الى استيعاب تدفق المهاجرين.
واضاف في الرسالة التي تضمنت دعوة للمشاركة في قمة بين الاتحاد الاوروبي وتركيا (الاثنين) المقبل في بروكسل "للمرة الاولى منذ بدء ازمة المهاجرين بامكاني ان ارى بوادر توافق اوروبي. انه توافق على استراتيجية شاملة، في حال تم تنفيذها بشكل دقيق، يمكن ان تساعد في استيعاب التدفق، والعمل على حل الأزمة".
والتقى توسك أمس (الخميس) في اسطنبول رئيس الحكومة احمد داود اوغلو، وشدد بعد اللقاء على اهمية التعاون التركي الاوروبي حول هذه الازمة.
وسيطلب توسك من الرئيس التركي رجب طيب اردوغان القيام بخطوات اضافية لإبطاء تدفق المهاجرين الى اوروبا، وذلك قبل ثلاثة ايام من القمة الاوروبية التركية.
واكد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند خلال لقائه المستشارة الالمانية انغيلا ميركل في الاليزيه اليوم (الجمعة) ان باريس وبرلين "تتحركان بروح واحدة وارادة واحدة".
وفيما يستمر تدفق المهاجرين الى اوروبا (130 الفا منذ يناير/ كانون الثاني، بحسب المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة)، تعجز الدول الاوروبية عن ايجاد حل مشترك لهذه المشكلة.
وقدم اكثر من 1،25 مليون اجنبي معظمهم من السوريين والافغان والعراقيين العام الماضي طلبات لجوء في الاتحاد الاوروبي، فسجلوا بذلك اعلى مستوى ورقما يفوق الضعف بالمقارنة مع 2014 (+123%)، كما اعلن المكتب الاوروبي للاحصاءات (يوروستات) اليوم الجمعة.
وقالت المفوضية "هناك حاجة ملحة الى سد الثغرات التي سجلت اخيرا في حماية الحدود الخارجية (للاتحاد الاوروبي) في اليونان" التي شهدت عبور اكثر من 868 الف شخص في 2015.
وتقول اثينا ان حوالى 32 الف مهاجر ولاجىء موجودون حاليا على الاراضي اليونانية.
ودعا توسك في اثينا الى تدابير جديدة للتخفيف من تدفق المهاجرين وحاول ايضا ان يقلل من حماسة المهاجرين لاسباب اقتصادية، قائلا لهم "لا تأتوا الى اوروبا. لا تصدقوا المهربين. لا تعرضوا حياتكم واموالكم للخطر. كل ذلك لن يفيدكم بشيء".
واستغل توسك لقاء مع داود اوغلو، للتذكير بأن تدفق المهاجرين "ما زال كبيرا جدا".
وقال المسئول الاوروبي ان "تدابير اخرى ضرورية"، مقترحا الاتفاق على "آلية سريعة وواسعة النطاق لاعادة المهاجرين غير النظاميين الذين يصلون الى اليونان".
واعلنت تركيا أمس الاول (الاربعاء) استعدادها لتوقيع اتفاق مع 14 بلدا لاعادة مهاجرين غير قانونيين الى تركيا.
وكانت وقعت في نوفمبر/ تشرين الثاني مع الاتحاد الاوروبي اتفاقا يحتم عليها ابطاء تدفق المهاجرين في مقابل مساعدة تبلغ ثلاثة مليارات يورو وتسريع اجراءات ترشيحها الى الاتحاد الاوروبي.
لكن هذا الاتفاق لم يسفر عن النتائج المرجوة ما اثار استياء الاوروبيين. وكرر داود اوغلو الذي تقول بلاده انها تستضيف 2,7 مليون لاجىء سوري، القول ان بلاده عازمة "على القيام بكل ما هو ضروري" من اجل التصدي للهجرة.
وحكم القضاء التركي بالسجن اربعة اعوام على اثنين من المهربين السوريين اللذين حوكما بسبب غرق سفينة كانت تقل مهاجرين في سبتمبر/ ايلول، وتوفي بين ركابها الطفل الكردي ايلان الذي اصبح رمزا عالميا لازمة المهاجرين.
وانتقد توسك الخميس التحركات "من جانب واحد التي يتخذها بعض البلدان الاعضاء في الاتحاد الاوروبي" لجهة تحديد عدد محدد من المهاجرين لدخول اراضيها، مؤكدة انها "تسيء الى روح التضامن الاوروبي".
واجبر الاغلاق الجزئي للحدود على الطريق المؤدي الى البلقان والذي يسلكه اللاجئون الراغبون في الوصول الى شمال اوروبا، الاف الاشخاص على البقاء في اليونان، ما يهدد بحصول ازمة انسانية.
ومن اجل مساعدة الدول الاعضاء الموجودة في الخطوط الامامية على طريق المهاجرين، عرض الاتحاد الاوروبي الاربعاء مساعدة انسانية عاجلة قيمتها 700 مليون يورو.
في مخيم ايدوميني للمهاجرين في اليونان، استيقظ الاف الاشخاص صباح الجمعة وسط الاوحال بسبب الامطار التي لم تتوقف طوال الليل.
وقالت السورية تشرينة شريف الموجودة في المخيم مع طفليها اللذين يبلغان الخامسة والثالثة من العمر، "انه امر بالغ الصعوبة، لم يتمكن احد من النوم، والاطفال يبكون هذا الصباح".