أكدت أستاذ أصول التربية المساعد بقسم السياسات التربوية في كلية التربية التابعة لجامعة الملك سعود في المملكة العربية السعودية، نورة بنت سعد القحطاني، أن المؤهلات العلمية والخبرات العملية لم تعد وحدها كافية في العصر الحديث للحصول على وظيفة مرموقة أو المحافظة عليها، وأن المهارات الشخصية أو ما يطلق عليها مهارات التوظيف «Employability Skills» أضحت أكثر أهمية من المؤهلات العلمية والخبرات العملية في هذا المجال، مشيرة في سياق هذا اللقاء إلى أن النجاح في العمل بات ينبني على مزيج من المهارات تسمى «مهارات التوظيف»، وهذا يعني أن المهارات المتخصصة والتقنية المرتبطة بالأدوار المختلفة قد تكون على قدر أقل من حيث الأهمية من «مهارات التوظيف» ، وذلك وفق ما نقل موقع صحيفة "رسالة الجامعة" اليوم الجمعة (4 مارس / آذار 2016).
- حدثينا بداية عن المقصود بمهارات التوظيف وأهميتها؟
مهارات التوظيف «Employability Skills» هي المهارات اللازمة للحصول على عمل والمحافظة عليه والنجاح فيه، وهي التي تمكن الموظفين من الاستمرار مع زملائهم، واتخاذ القرارات الحاسمة، وحل المشكلات، وتنمية الاحترام بينهم، وتجعل من الموظف سفيراً قوياً للمؤسسة.
وغالبًا ما يذكر في وسائل الإعلام أنها ناقصة عند خريجي المدارس والجامعات، وتقضي المؤسسات وقتاً طويلاً، وتنفق أموالاً على تدريب الموظفين ليس فقط في مجالات تخص العمل، وإنما في المجالات العامة والمهارات الأساسية.
ولقد بات توظيف الأشخاص المناسبين يعني تحديد الأشخاص ذوي المهارات المناسبة لتحقيق الدور المطلوب، والمساهمة في نجاح المؤسسة، وقد يكون لدى المرشحين للوظائف المؤهلات والمهارات الصعبة «Hard Skills» لإدارة الدور الوظيفي، ولكن بدون مجموعة من المهارات المصقولة جيدا «Soft Skills» يكون أرباب العمل أقل ميلاً لتوظيفهم.
- ما أبرز تلك المهارات بالتفصيل؟
تشمل المهارات الشخصية أو مهارات التوظيف جملة المهارات الآتية: مهارة ضبط النفس والتطور الشخصي والإدارة الذاتية والتفكير الناقد ومهارة التواصل مع الآخرين وحسن تقديم النفس والعروض. إضافة للمهارات الحسابية ومهارات استخدام وسائل التقنية وبرامج الكمبيوتر.
- ما العامل الأكثر أهمية في مهارات التوظيف بالنسبة لمعظم أصحاب العمل؟
المهارات الشخصية «Interpersonal Skills» تعتبر العامل الوحيد الأكثر أهمية لمعظم أصحاب العمل، وهي المهارات التي نستخدمها للتعامل مع الآخرين، وتشمل مهارات الحياة اليومية كالتواصل والتفاعل مع الآخرين، وتبين أن الأشخاص الذين عملوا على تحسين مهارات تعاملهم مع الآخرين أصبحوا أكثر نجاحاً في حياتهم على الصعيدين المهني والشخصي.
ويسعى أصحاب الأعمال لتوظيف الأفراد ذوي «المهارات العالية في التعامل مع الآخرين» فهم يحتاجون لأشخاص يعملون بشكل جيد ضمن فريق العمل، ولديهم القدرة على التواصل بشكل فعال مع زملائهم والزبائن والعملاء، واتخاذ القرارات، وإدارة الوقت بشكل مناسب، وتحمل المسؤولية، والعمل بشكل فعال.
- هل يعد التفكير الناقد من مهارات التوظيف وما دوره في تحقيق النجاح الوظيفي والمهني؟
تعتبر مهارات التفكير الناقد «Critical Thinking Skills» مفيدة جدا لأصحاب العمل لأنها توفر المال والجهد، وتعتبر القدرة على حل المشاكل واتخاذ القرارات ثروة كبيرة عند أصحاب العمل، لذلك فإنه يستحسن تطوير هذه المهارات المرغوبة.
ومع أن القدرة على حل المشكلات واتخاذ القرارات تعتبر أساسية لأي عمل، إلا أن الأشخاص الذين يتمتعون بهذه المهارات يعتبرون بشكل خاص مفيدين في المواقع التي تقدم خدمات للعملاء، وبوجه عام فإن المفكرين الناقدين مبدعون ومخترعون ويميلون لابتكار طرق جديدة للقيام بالأشياء التي تضيف القيم لبيئة العمل وتجعل الأنظمة والإجراءات أكثر فعالية.
- ما المقصود بمهارة ضبط النفس أو التطور الشخصي في مجال العمل؟
التطور الشخصي «Personal Development» أو «ضبط النفس» تعني اتخاذ الموقف الصحيح تجاه العمل والمنشأة التي تعمل لصالحها. ويمتاز أصحاب هذه المهارة بالرغبة بالتعلم مدى الحياة ولهم مكانة خاصة في المؤسسات، ولكي تبقى المؤسسات في الصدارة فإنها تحتاج للتعلم المستمر، وتطوير طرقاً أفضل للقيام بالأشياء، والموظف الذي يبدي انفتاحه على التعلم ويتبنى التغيير سيكون أكثر نجاحاً من الشخص الذي يخشى التعلم ويقاوم التغيير في المؤسسة.
إن معظم الأعمال تتطلب التغيير وبعضها يتغير أكثر من الآخر ويسعى أصحاب العمل للحصول على موظفين قادرين على التأقلم ويتمتعون بالمرونة والصبر ويستجيبون للتغيير بشكل جيد.
إن التطور الشخصي يتعلق أيضا بطريقة تطوير الأفراد لممارساتهم بالعمل وموقفهم تجاهه، وتعتبر الدوافع الشخصية والثقة بالنفس نقاطاً أساسية للتطور الشخصي كما هو المظهر الشخصي وكيف يشعر الناس بأهميتك.
إن مهارات الإدارة الذاتية وتعرف أيضا بضبط النفس هي المهارات التي نستخدمها لإدارة مشاعرنا الشخصية وكيف نتفاعل مع التحديات والمشاكل في العمل وفي حياتنا الخاصة، ويتضمن التطور الشخصي تعلم كيفية تجنب المشاعر السلبية المحتملة مثل الغضب والتوتر خلال تطوير الجرأة ومهارات الحوار الفعالة.
- ماذا عن باقي المهارات الشخصية المطلوبة والمؤثرة في هذا المجال؟
هناك مهارات العرض «Presentation Skills» التي تعني تقديم المعلومات بوضوح وفعالية وهي مهارة أساسية في مكان العمل ومطلوبة في معظم مجالات العمل الحديثة، وسواء كنت إداريًا أو مديرًا أو تنفيذياً فعليك توقع القيام بتقديم أفكارك ونتائجك لزملائك بالعمل وجهات التوظيف الخارجية، ولا تشمل هذه المهارة القيام بتقديم عروض رسمية فقط بل يمكن تقديم المعلومات على شكل ملاحظات وتقارير ونتائج بحث وخطط عمل وسيناريوهات تخطيط وتقييم المخاطر والوثائق الإستراتيجية، وقد يطلب منك تقديم عرض كجزء من المقابلة الشخصية الأولية.
وهناك المهارات القيادية «Leadership Skills»، حيث يبحث العديد من أصحاب العمل والمديرين عن مهارات القيادة في المرشحين للوظائف، والقيادة هي القدرة على التأثير في الآخرين بما يخص تحقيق هدف ما، فالقادة إما أن يمتلكوا أو ينظر إليهم بأنهم يمتلكون الثقة بالنفس، فهم يعتبرون لاعبين في الفريق وهم يسمحون للفريق بالعمل لتحقيق أفضل النتائج لصاحب العمل، ويتمتع القادة بمهارات اجتماعية من خلال إظهار احترام أفكار وآراء الآخرين فهم يسعون لنيل احترام الآخرين وكسب المصداقية، وتطوير مهاراتك القيادية لا يساعدك على إيجاد عمل كبير وجيد فحسب وإنما يساهم في حصولك على الترقية في عملك الحالي.
المهارات الحسابية والتقنية
تعد المهارات الحسابية «Numeracy Skills» في غاية الأهمية حيث يبحث أصحاب العمل لدى المتقدمين للوظائف عن القدرة على التعامل مع الأرقام بما في ذلك المهارات الأساسية من الجمع والطرح والقسمة والنسب المئوية، فهي ضرورية لكثير من الأدوار في مكان العمل، إضافة إلى القدرة على جمع وتصنيف وتحليل وتفسير البيانات الإحصائية والرسوم البيانية، وعرضها في تقارير مكتوبة أو عروض شفهية، وهي جزء من صنع القرار والتفكير، وتعتبر المهارات الحسابية أمرا هاما جدا بغض النظر عن اعتبار أن العمل يحتاج للتعامل مع الأرقام، وحصولك على الكفاءة وثقتك بنفسك عند التعامل مع الأرقام هو مهارة يمكن استخدامها لصالحك في مجال واسع من مجالات التوظيف، وتعتبر قدرتك على فهم وتحليل البيانات بصيغ مختلفة مهارة أساسية في العديد من المؤسسات، ويؤدي تحسين المهارات الحسابية إلى وظائف ذات أجور أفضل، وزيادة رفاهية، وحياة أقل إرهاقًا.
وكذلك مهارات استخدام الكمبيوتر ووسائل التقنية «Computer skills» يفتح آفاقاً كبيرة في مجال التوظيف وتزيد من رواجك في سوق العمل، ومهارات الكمبيوتر مطلب حيوي للتوظيف، لأن أصحاب العمل يتوقعون من خريجي الجامعات الحاليين أن يكون لديهم مهارات فيها، ومعظم الوظائف المكتبية تحتاج منك أن تعرف كيفية استخدام المايكروسوفت أوفيس «وورد، أكسل، باوربوينت» والأوت لوك، والعديد من البرامج والمواقع، ومع كل ذلك فقد لا تكفي لوظائف أخرى، حيث إن لكل وظيفة متطلبات خاصة بها، ومن المرجح أن الوظيفة الجديدة سوف تتطلب منك أن تكون على دراية على الأقل ببعض تطبيقات الكمبيوتر.
