يشهد تطبيق اتفاق وقف الأعمال العدائية في سورية «تقدماً واضحاً»، وفق ما أعلن موفد الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا أمس، تزامناً مع انخفاض ملحوظ في حصيلة القتلى المدنيين منذ سريان الهدنة قبل ستة أيام، وفق ما نقلت صحيفة "الحياة" اليوم الجمعة (4 مارس / آذار 2016).
وقال دي ميستورا للصحافيين في جنيف في ختام لقاء لمجموعة العمل حول المساعدات الإنسانية المخصصة لسورية: «الوضع الميداني يمكن تلخيصه بأنه هش، إن نجاح (وقف الأعمال العدائية) ليس مضموناً إنما هناك تقدم واضح... اسألوا السوريين».
وأكد دي ميستورا أن «مستوى العنف في البلاد انخفض بشكل كبير. وبشكل عام، فإن وقف (الأعمال العدائية) صامد». واعترف في الوقت ذاته باستمرار وجود «نقاط عدة حيث تتواصل المعارك، بما في ذلك في حماة وحمص (وسط) واللاذقية (غرب) ودمشق»، لكنه قال إن هذه المعارك تبقى «محصورة».
وصدر موقف موفد الأمم المتحدة إلى سورية عشية مشاورات هاتفية مشتركة ستجرى اليوم بين زعماء روسيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا للبحث الوضع في سورية ومستقبلها. واستبقت لندن وباريس اتصالات اليوم بموقف متشدد للرئيس فرانسوا هولاند ورئيس الوزراء دايفيد كامرون، اللذين طالبا الرئيس فلاديمير بوتين والحكومة السورية بالتوقف عن استهداف المعارضة «المعتدلة» ووقف «المسيرة نحو حلب»، في إشارة إلى الهجوم الذي شنته القوات النظامية وميليشيات موالية على هذه المحافظة.
في المقابل، حذّر المنسّق العام للهيئة العليا للمفاوضات السورية رياض حجاب من انهيار قريب للهدنة في حال لم يحدث تدخل دولي مسؤول للحد من العنف «الذي لم يتوقف منذ الساعات الأولى» لإعلان الهدنة، وفق تعبيره. وأكد حجاب أن الأخبار التي يتم تداولها حول التزام روسيا وإيران والنظام والميليشيات الحليفة بالهدنة «غير صحيحة على الإطلاق»، مشككاً في جدية النظام وحلفائه في توفير البيئة الملائمة للمفاوضات واستعدادهم للدخول في عملية انتقال سياسي، في ضوء إعلان دي ميستورا عقد جولة جديدة من المفاوضات في جنيف يوم 9 آذار (مارس) الجاري.
وأضاف حجاب في بيان صدر عن المعارضة أمس: «ميدانياً، نحن لا نتكلم عن خروق للهدنة، وإنما نتكلم عن استمرار للعمليات القتالية وجرائم الحرب التي لم يتوقف النظام وحلفاؤه عن ارتكابها حتى اليوم، مع أن قرار الهدنة نص على التزام الأطراف كافة وقف الهجمات بأي نوع من الأسلحة، بما في ذلك القصف الجوي الروسي والسوري ضد مواقع المعارضة، والتوقف عن كسب الأراضي أو السعي لكسبها من الأطراف الأخرى المشاركة في وقف إطلاق النار».
وتابع حجاب: «لكن الواقع هو قيام النظام وحلفائه بخرق الهدنة وشن عمليات لكسب أراض جديدة، وتحقق لهم ذلك بالفعل، مشيراً إلى «توثيق أكثر من 100 خرق للهدنة في خمسة أيام، واستشهاد أكثر من 40 شخصاً وجرح 92، بينهم نساء وأطفال». وأكد: «تعرض نحو 13 فصيلاً من فصائل المعارضة للاعتداء على رغم إعلانها الدخول في الهدنة خلال الأيام الأربعة الماضية».
وأردف: «في الوقت الذي يُعدّ فيه دي ميستورا لجولة جديدة من المفاوضات بعد ستة أيام؛ تُعدّ روسيا وإيران والميليشيات التابعة لها لجولة جديدة من العنف، نحن نراقب قيام حلفاء النظام بحشد المزيد من القوات الأجنبية، ونرصد تدفق الأسلحة الثقيلة والقذائف والدبابات إلى مختلف الجبهات، وسننشر معلومات خطرة حول التشكيلات الطائفية من المرتزقة الذين يتم حشدهم من أفغانستان وإيران والعراق ولبنان لشن عمليات عدائية واسعة النطاق في الأيام القليلة المقبلة».
وفي موسكو، قالت وزارة الدفاع الروسية في بيان الخميس، إنها سجلت 14 انتهاكاً لوقف إطلاق النار في سورية خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية. وأضافت الوزارة أن الانتهاكات تتعلق بقصف مناطق سكنية وقوات حكومية في محافظات دمشق واللاذقية وحماة ودرعا.
ميدانياً، تواصلت المعارك بين قوات النظام وفصائل المعارضة السورية في ريف اللاذقية الشمالي (غرب)، واتجهت الأنظار أمس إلى الأوضاع في مدينة حلب (شمال) حيث يهدد تقدم الوحدات الكردية في منطقة حي الشيخ مقصود بقطع طريق الكاستيلو، المنفذ الأخير بين الأحياء التي تسيطر عليها المعارضة في حلب وبين خطوط الإمداد خارجها. وإذا ما أغلق الأكراد هذه الطريق، فإن المعارضة قد تكون باتت محاصرة في شكل كامل داخل الأحياء الشرقية للمدينة بينما يسيطر النظام على أحيائها الغربية ويطوّقها على أطرافها الجنوبية والشرقية والشمالية.