يدخل مشروع بطاقة كفاءة الطاقة لأجهزة التكييف، والذي اعتمدته وزارة الصناعة والتجارة والسياحة في سبتمبر الماضي، حيز التنفيذ قريباً بناءً على قرار مجلس الوزراء، بتكليف الوزارة باستصدار الأدوات القانونية والإجراءات الإدارية اللازمة لاعتماد مواصفات أجهزة التكييف، في خطوة مهمة تسجل نجاحاً أخر لمملكة البحرين في إطار سعيها لتوفير مواردها من الطاقة وكذلك حماية البيئة، وهي خطوة تأتي في وقتها، خاصة في ظل توجه الدولة إلى ترشيد استهلاك الطاقة في ظل تسجيل ارتفاع مفرط في استهلاكها، حيث تُبيّن المؤشرات أن متوسط استهلاك الفرد في المملكة من الطاقة من أعلى المعدلات العالمية حيث يبلغ حوالي ثلاثة أضعاف متوسط الاستهلاك العالمي.
ويبدأ العمل بمشروع بطاقة كفاءة الطاقة المثبتة على المكيفات في 20 فبراير 2016 بعد أن قامت وزارة الصناعة والتجارة بإعطاء فترة سماح لمدة 6 أشهر، لتمكين مصنعي ومستوردي المكيفات من التوافق مع المتطلبات التي يلزم بها المشروع.
ويقوم المشروع على إلزام الشركات بوضع بطاقة الكفاءة على أجهزة التكييف وهي بطاقة توضح مدى جودة المنتج في استهلاك الكهرباء، وتحمل نظام النجوم لتعطي للمستهلك دلالة سهلة وسريعة في هذا الشأن، إذ تحمل البطاقة 6 نجوم، وكلما زاد عدد النجوم الموضحة على البطاقة كلما زادت كفاءة المكيف وقل استهلاكه للطاقة الكهربائية. كما تحمل البطاقة أيضا الاستهلاك السنوي للطاقة مقدرة بالكيلو وات ساعة بالسنة. وبالتالي تشرح البطاقة بشكل عملي ومبسط أمور فنية غاية في الأهمية، كانت حكرًا على المتخصصين لفترة طويلة من الزمن. فهي دليل بصري إرشادي يعتمد على رسوم مبسطة مثل النجوم، وسعة جهاز التكييف، ومعامل كفاءة الطاقة.
ومن المعروف أن أجهزة التكييف من الأجهزة الأكثر استخداماً واستهلاكاً للطاقة، وإمكانية تطبيق مثل هذه المشاريع لم يعد أمراً مستعصياً أو صعباً في ظل التقنيات الحديثة في التصنيع، وفي ضوء البرامج المختلفة المطبّقة لتوفير الطاقة في دول كثيرة في العالم.
وهناك برنامج رقابيّ متكامل لتنفيذ مشروع بطاقة كفاءة الطاقة لأجهزة التكييف، بالتعاون بين وزارة التجارة والصناعة ووزارة الكهرباء والماء، فبطاقة الكفاءة يجب أن تعلق أو تلصق على الجزء الأمامي من المكيّف وذلك بعد عملية تسجيل طراز المكيف لدى إدارة ترشيد الكهرباء بهيئة الكهرباء والماء، التي تقوم بدورها بمراجعة الطلب والتحقق من استيفاء المكيف للمتطلبات اللازمة. وتقوم إدارة المواصفات والمقاييس بوزارة الصناعة والتجارة، من خلال موظفيها في المنافذ الجمركية، بالتحقق من وجود التسجيل المسبق للمكيفات ووجود بطاقة الكفاءة عليها، وسيتم الإفساح فقط عن المنتجات المستوفية للاشتراطات المطلوبة. ويمكن الاطلاع على لائحة بطاقة كفاءة الطاقة لأجهزة التكييف عن طريق إدارة المواصفات والمقاييس.
وللمشروع منافع عديدة لمملكة البحرين، منها منافع عامة للدولة ومنافع للمستهلك وكذلك أيضاً منافع للتجار المستوردين والموزعين، فبالنسبة للمنافع العامة للدولة فيأتي في مقدمتها المنافع الاقتصادية والتي من أبرزها مساهمة المشروع في الدفع نحو تخفيض استهلاك المكيفات للطاقة سواء مكيفات الوحدة المنفصلة أو مكيفات النافذة (window or split system non-ducted air conditioners)، وذلك تماشياً مع التوجهات العالمية المهمة والرامية للحفاظ على مصادر الطاقة وترشيد استهلاكها وتنامي البرامج والتشريعات الداعمة لتحسين استخدام الطاقة وتقليل هدرها.
كذلك يتم تخفيف العبء على الشبكة الكهربائية مما يوفر أموال الصيانة وتقليل انقطاع التيار الكهربائي، إلى جانب تخفيف الضغط عن المصادر الطبيعية اللازمة لإنتاج هذه الطاقة وفي مقدمتها النفط والغاز والثاني تستورده المملكة، وذلك يعمل على توفير المزيد من الموارد الطبيعية التي يمكن الاستفادة منها لأغراض أخرى كالتصدير مثلاً وكل ذلك يخفف من العبء على الموازنة العامة للدولة عن طريق تخفيض الواردات.
ومن فوائد المشروع للمملكة أيضاً الفوائد البيئية فكما هو معروف إن الكهرباء التي تعد من المصادر الرئيسة للطاقة في مملكة البحرين يعتمد توليدها على محطات الاحتراق الداخلي وما ينتج عنها من غازات ضارة تتسبب في مشاكل بيئية من أخطرها مشكلة الاحتباس الحراري الذي يسعى العالم الآن لمواجهته والحد من خطورته، ويسهم مشروع كفاءة الطاقة لأجهزة التكييف في تقليل التلوث البيئي الناتج من محطات الطاقة.
أما الفوائد التي تعود على المواطن ففي مقدمتها أن المشروع يجعل خيار المواطن في الشراء يتم وفق رؤية واضحة بمكونات الجهاز الفنية. فضمان سلامة وكفاءة المكيّف هو أحد نتائج تطبيق لائحة بطاقة كفاءة الطاقة لأجهزة التكييف. وبالتالي تمكن البطاقة المستهلكين من المقارنة بين أجهزة التكييف بحسب كفاءتها واختيار الملائم منها مما يوفر على المواطن إنفاق أمواله في أجهزة رديئة الكفاءة وذات كلفة تشغيل عالية. ومن ثم يكون المواطن قادرًا على شراء ما يناسبه عبر اتخاذ القرارات الصحيحة في اختيار أجهزة التكييف ومعرفة المعلومات اللازمة عن طريق بطاقة الكفاءة. كما أن مشروع كفاءة الطاقة له تأثير على خفض فاتورة الكهرباء التي يدفعها المستخدمون لهذه الأجهزة، كما أن تقليل انقطاع التيار الكهربائي مكسب إيجابي آخر سيتحقق نتيجة تراجع الاستهلال المتوقع. كما أن من الفوائد التي تعود على التجّار والمصنعين الارتقاء بالمنتج الذي يطرحونه في الأسواق ليكون وفقاً للمواصفات العالمية، وحماية التجار من المنتجات غير المطابقة من خلال التسجيل المسبق للمنتج.
يذكر أن مملكة البحرين اتخذت العديد من الخطوات من أجل ترشيد استخدام الطاقة باعتبار ذلك ضرورة وطنية للمحافظة على موارد المملكة وحسن استغلالها، فبينما تسعى المملكة لزيادة مواردها النفطية التي تعد أحد المصادر الرئيسية لتمويل الأنشطة الاقتصادية وتشكل رقمًا مهمًا في الصادرات، فإن الاستهلاك المتزايد للطاقة يقتنص جزءًا كبيرًا من ثمار هذه الجهود.
وقد أدركت البحرين منذ وقت مبكر الخطورة الكبيرة التي ينطوي عليها التزايد الكبير في استهلاك الطاقة، حيث يجور هذا الاستهلاك على ما يمكن تصديره، فأنشأت لجنة للمحافظة على الطاقة تضم مختلف الأطراف المعنية بمقتضى القرار الوزاري رقم 3 لسنة 2006، ويشمل نطاق عملها دراسة إمكانية الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة، ووسائل الحد من الاستهلاك غير المستدام، وعقد مؤتمر سنوي للمحافظة على الطاقة اعتبارًا من عام 2008، كما قامت المملكة بعدة دراسات ومشروعات وبرامج بهدف المحافظة على الطاقة منها: مشروع تقييم استخدام طاقة الرياح مع شركة إنتردومن اليابانية، ودراسة استراتيجية وسياسة استيراد الغاز الطبيعي، وتنفيذ مشروع استخدام الطاقة الشمسية في إنارة شوارع المملكة، ودراسة نمذجة طلبات الغاز، وإعداد دراسة بالتعاون مع شركة تبكو اليابانية حول كفاءة استخدام الطاقة في الصناعة.
ومن المشروعات أيضاً تدشين برنامج الاستخدام الأمثل للطاقة في المملكة في 23 سبتمبر 2013 من خلال الاتفاقية التي تم توقيعها بين وزارة المالية والبنك الدولي، حيث تم تنفيذ هذا البرنامج على ثلاث مراحل من أكتوبر 2013 حتى أكتوبر 2016. ويأتي مشروع بطاقة كفاءة الطاقة المثبتة على المكيفات كخطوة أخرى وموفقة من جانب المملكة توفر المزيد من الموارد وتدفع بالاقتصاد الوطني إلى مزيد من التقدم.
مشروع جيد ولكن الأجدى منه مشروع بطاقة كفاءة الطاقة للشباب العاطل عن العمل واحلالهم بدل الوافدين في القطاع العام .