العدد 4924 - الإثنين 29 فبراير 2016م الموافق 21 جمادى الأولى 1437هـ

قصة قصيرة... ليلة مع توفيق الحكيم

دخلت عليها أمها غرفتها لتسارع بإغلاق هاتفها على قولها: أحقاً ستأتي أمك لخطبتي اليوم؟

أم علي: سارعي بتجهيز حالك يا مريم فلدينا ضيوف ويريدون رؤيتك أيتها العروس.

ارتسمت على شفاه مريم بسمة عريضة واحمرَّ خدها خجلاً.

مريم : حسناً يا أماه دقائق معدودة وأكون بينكم.

ارتدت أحلى ما لديها وأعدت الشربات للضيوف ، دخلت عليهن وخطواتها تصارع الخجل مطأطأةً رأسها عند عمتها.

أم علي: ارفعي رأسك يا عروس لترى وجهك الجميل عمتك أم يوسف.

شهقت مريم شهقة لتسقط من أياديها الناعمة كؤوس الشربات على الأرض وتفرُّ هاربة باكية لغرفتها.

أم علي: اعذريني يا أم يوسف أنه خجل البنات.

أم يوسف : لا بأس يا أم علي .. طاح الشر وانكسر، ما رأيكِ بأن يكون الخميس المقبل موعداً للملچة؟

أم علي:على بركة الله، أنتم تخيطون ونحن نلبس.

مرَّ الأسبوع سريعاً على مريم بينما أمها في عجل تجرها من خياطة لأخرى لتخيط لها فستانها الأبيض، جاء الخميس وتم عقد القران وعلى صوت الزغاريد والجبّاب أدخل يوسف عروسته مريم في عشهما الذي تفوح منه رائحة الرازقي والمشموم.

يوسف: ما بالك أخائفة أنت ؟ لا تخافي إنها سنة الحياة.

مريم: يوسف... يجول في خاطري سؤال.

يوسف: تفضلي واسألي ما بدا لك ولا تخجلي فأنا كتاب مفتوح أمامك الليلة.

مريم: هل قرأت لتوفيق الحكيم؟

يوسف: نعم قرأت له الكثير... وما علاقة توفيق الحكيم بليلة زفافنا؟

مريم: هذا يعني بأنك قرأت قصته الرائعة ليلة الزفاف.

يوسف: نعم قرأتها وكذلك شاهدت فيلمها لسعاد حسني و أحمد مظهر مراراً.

مريم: يوسف... أعذرني لا أريد أن أكون معك نسخة من سونة أو سعاد حسني فأنا أحب شخصاً آخر.

وقف يوسف تحت المصباح مطرقاً رأسه، وبعد ساعة من الصمت أدار دفة الحديث مع الكوكب المنير.

يوسف: مريم... هل قرأت كل قصص توفيق الحكيم؟

مريم: لا لم أقرأها كلها.

يوسف: وماذا قرأت مثلاً؟

مريم: قرأت وضعي كشهرزاد قلقة وضعتها أمها في ورطة وتخشى أن تراها منتحرة مخفي سرها، وهي الآن بين يديك ترغب بإتمام الصفقة لتخرج سالمة من أشواك زهرة عمرك أيها السلطان الحائر.

يوسف: اسمعي نحن الآن في الوقت الضائع وليس بمقدوري انتزاع الرصاصة من قلبي، فماذا سيقول أهل القرية؟ قبل يوم وليلة فسخوا رباطهم المقدس! لا لن أكون كأحمد مظهر... ولست حماراً متخرجاً من مدرسة المغفلين.

مريم: أفهم منك بأنك عقدت عهداً مع الشيطان... أرجوك عُد إلى وعيك ، فأنا اعشق شاباً غيرك.

يوسف: لو عرفت أيتها الشابة ما قاله لي حماري الحكيم لعذرتني.

مريم: صلِّ على محمد، أنت تلعب بالموت.

يوسف: بل أنا غارق في نهر الجنون... كفاك... هيا قومي وارقصي في معبدي.

همَّ بها فاستعصمت خائفة من رحلة الغد، صفعها وطرحها أرضاً وعنوة حاول انتزاع طرحتها، وإذا بالطارق من خلف الباب يصيح: يوسف... يوسف... تريث قليلاً... لا تلمس مريم... رباطكم باطل ليس بمقدس.

يوسف: أماه ماذا تقولين... أجُننتِ؟!

أم يوسف: نعم يا بني جاءتني للتو عصفورة من الشرق لتخبرني بأن مريم تكون أختك من الرضاعة ولا تحلُّ عليك.

فتنفست مريم الصعداء بعودة الروح.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 3:11 م

      رااااااائعة

    • زائر 4 | 4:09 ص

      توفيق الحكيم

      جميل جدا تلك الحياكة لقصص وروايات الكاتب الكبير توفيق الحكيم واختزالها في قصة. عنوان جميل. موفق

    • زائر 3 | 4:07 ص

      جميل جدا تلك الحياكة لقصص وروايات الكاتب الكبير توفيق الحكيم واختزالها في قصة ، عنوان جميل، موفق

    • زائر 1 | 4:00 ص

      جميل جدا تلك الحياكة لقصص وروايات الكاتب الكبير توفيق الحكيم واختزالها في قصة ، عنوان جميل، موفق

    • زائر 5 زائر 1 | 7:36 ص

      فلم هندي

      احين هذه القصة تفوز بالمركز الأول !

اقرأ ايضاً