يبدو أن الهبوط الحاد الذي شهدته أسعار النفط أخيرا، كان بمثابة جرس إنذار للدول التي تعتمد اعتمادا كبيرا على الوقود الاحفوري في توليد الطاقة الكهربائية وتحليه المياه، للتوجه نحو توطين الطاقات البديلة واستغلال الثروات الطبيعية التي تزخر بها بيئاتها، لاسيما الصحراوية منها والغنية بأشعة الشمس ، وذلك وفق ما نقلت صحيفة "القبس" الكويتية اليوم الإثنين (29 فبراير / شباط 2016).
هذا التوجه الذي اعتمدته دول كثيرة، وعلى رأسها الكويت، التي باشرت بإنشاء مشروع محطة الشقايا بهدف توليد %15 من الطاقة المتجددة نهاية 2030، حيث ستنهي المرحلة الأولى من المشروع مطلع العام القادم، ومن المتوقع ان يوفر مشروع المحطة حرق 12.5 مليون برميل من النفط المكافئ سنوياً، وبالتالي سيقلل المشروع انبعاث 5 ملايين طن من ثاني اكسيد الكربون.
القبس التقت مع المدير التنفيذي لمركز الطاقة المتجددة في معهد الكويت للابحاث العلمية د. سالم الحجرف ليحدثنا عن المحطة ومراحل انجازها.
في هذا السياق اعلن المدير التنفيذي لمركز الطاقة المتجددة في معهد الكويت للابحاث العلمية سالم الحجرف عن انتهاء الجزء الأول من المرحلة الأولى لمشروع الشقايا نهاية العام الجاري، حيث سيسهم هذا الجزء بتوليد 10 ميغاواط من الطاقة الشمسية الكهروضوئية، و10 ميغاواط لطاقة الرياح أي بما يعادل %1 من الطاقة الكهربائية والتي سيتم ربطها بالشبكة العامة للكهرباء فور البدء بانتاجها.
واضاف الحجرف: اما بالنسبة للجزء الثاني من المرحلة الاولى التي تتضمن انتاج 50 ميغاواط من الطاقة الشمسية الحرارية باستخدام تقنية العواكس الشمسية، والمزودة بتقنيات حديثة لتخزين الطاقة لمدة 10 ساعات بعد غروب الشمس، حيث سيتم تدشين هذا الجزء خلال العام القادم، وبذلك تنتهي المرحلة الاولى بانتاج مجموع 70 ميغاواط بما يقارب %3 من 2000 ميغاواط التي يهدف مشروع الشقايا انتاجها حتى عام 2030.
وتابع: ومع بداية العام المقبل ستطرح الدولة المرحلة الثانية والثالثة من المشروع للاستثمار الخاص، ويحق للمستثمر ان يحوز على انتاج الطاقة لاكثر من 25 عاما، وتهدف محطة الشقايا لانتاج %15 من الطاقة باستخدام المصادر المتجددة حتى عام 2030.
وعن تكلفة الطاقة المتجددة بالنسبة للمستهلك والدولة، قال الحجرف ان تكلفة انتاج التيار الكهربائي من الطاقة الشمسية الحرارية 50 فلسا لكل كيلوواط/ساعة، ومن المتوقع انخفاض هذه التكلفة الى مستويات تنافسية في السنوات القليلة القادمة، مع زيادة اعداد المشاريع المشابهة في كل من اسبانيا والولايات المتحدة الأميركية والمغرب وجنوب افريقيا، مضيفا ان تقنيات الطاقة الشمسية الكهروضوئية وطاقة الرياح وصلت اسعارها الى مستويات تنافسية تبلغ 23 فلس و28 فلس كيلوواط/ساعة على التوالي، مقارنة بالتقنيات التقليدية التي تعتمد على حرق الوقود الاحفوري الذي يكلف الدولة 24 فلس كيلوواط /ساعة قبل النقل.
وذكر الحجرف ان مشروع الشقايا للطاقة المتجددة سيوفر عند توليد 2000 ميغاوات من الطاقة حرق 12.5 مليون برميل من النفط المكافئ سنوياً، وسيخفف انبعاث حوالي 5 ملايين طن من ثاني اكسيد الكربون، وستضاف الشقايا الى جانب المحطات الاربع لتوليد الطاقة الكهربائية وتحلية المياه.
من جانبه، اكد الوكيل المساعد لقطاع الخدمات الفنية والمشاغل الرئيسية في وزارة الكهرباء والماء م. محمد الشرهان حرص الوزارة على تنفيذ مشاريع الطاقة البديلة ودعمها، مشيرا الى وجود 14 مشروعا تدخل من ضمنها الطاقة البديلة، مشيرا الى ان هذه المشاريع تضم 6 مخازن رئيسية بمنطقة صبحان تستخدم فيها الالواح الكهروضوئية، وتنتج 3.7 ميغاواط/ساعة، اضافة الى 6 مبان صديقة للبيئة لخدمة المواطن، يضاف اليها مشروع مظلات قائمة ومستحدثة بالمشاغل الرئيسية وخدمات الديزل في صبحان.
وأشار الى تنفيذ مشروع الطاقة الكهربائية باستخدام الألواح الكهروضوئية على مظلات مرافق ابراج الكويت، والتي اثبتت نجاحها بنسبة %100 فضلاً عن المشاريع القائمة، وهي مبنيا وزارة الكهرباء والماء والأشغال اللذان يعتبران من المشاريع الاولى في مجال استخدام الطاقة الشمسية.
عن حظوظ الكويت في استخدام الطاقة النووية في توليد الطاقة، شدد سالم الحجرف على عدم فاعلية هذه التجربة في الكويت من الناحية الجغرافية، موضحاً ان محطات المفاعل النووي يجب ان تكون بعيدة عن المناطق المأهولة بالسكان، كما يشترط ان تكون مطلة على منفذ مائي لعملية تبريد المحطة، بينما يرتكز النشاط في البلاد على الشريط الساحلي، مما يحول دون وجود مفاعل نووي لتوليد الطاقة.
وتابع: في حال رغبت البلاد في امتلاك محطة نووية يمكن ان تحقق في بناء محطة باحدى الدول العربية ويتم الامداد كما هو الحال في التمديد الخليجي للكهرباء، والذي يمر بعمان وصولاً الى الكويت.
بين سالم الحجرف ان المعهد يقوم حاليا بتنفيذ عدد كبير من مشاريع الطاقة المتجددة، ابرزها يتمثل بإقامة محطات تعمل بالطاقة الشمسية على اسطح المنازل في البلاد، والذي من خلاله سيتم اختيار 150 منزلا كويتيا من اصل 1400 منزل ابدى اصحابها الرغبة في استضافة المحطة كتجربة لتطبيقات الطاقة الشمسية فوق اسطح المنازل، ومن المتوقع ان تسهم في تقليل فاتورة الكهرباء، مضيفاً ان هذا المشروع ينتهي في عام 2017.
1983 شهد افتتاح اول محطة للطاقة الشمسية بسعة 100 كيلوواط في الكويت، وبدأ المشروع عام 1977 بالتعاون مع شركة MBB الالمانية، وتم استخدام 56 وحدة من اللاقطات لتجميع الطاقة الشمسية، الا ان المشروع توقف في عام 1985 بسبب الظروف الجوية وكميات الغبار والحرارة العالية للمنطقة ومحدودية التقنيات وعدم صلاحيتها للاستخدام في البلاد.
يعتبر مجمع الشيخ راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية او «شمس 1» اكبر محطة للطاقة الشمسية المركزة قيد الخدمة في العالم، والتي ستوفر %75 من طاقة دبي بحلول عام 2050، بينما المغرب عملت على تنفيذ مشروع للطاقة الشمسية بخمس محطات لإنتاج الكهرباء بتكلفة مالية تصل إلى 9 مليارات دولار أميركي، ما يمكنها من إنتاج حوالي 2000 ميغاواط في 2020، واستنادا إلى وثيقة أعدتها وزارة الطاقة والمعادن والبيئة والماء فإنه سيتم تشغيل محطة «نور ورزازات1» أواخر العام الحالي، وستنتج 480 غيغاواط/ساعة سنويا، مما سيمكن من تفادي انبعاث 240 ألف طن من ثنائي أكسيد الكربون، فضلا عن استحداث ستين فرصة عمل مباشرة.
اوضح سالم الحجرف ان الغبار يسهم في خفض انتاجية الالواح الشمسية الى مايقارب %60، الا انه لا يعتبر عائقا رئيسيا، ولا يتسبب في اطفاء المحطة، ومن الممكن معالجة هذه المشكلة من خلال عمل تنظيف الالواح اسبوعيا او شهريا.