أثارت الرئيس التنفيذي للهيئة الوطنية للمؤهلات وضمان الجودة جواهر المضحكي في مقالٍ عُمّم على الصحف للنشر، قضية التعليم العالي باعتباره «يصنع الفرق»، وهو أمرٌ يمكن قبوله إذا أخذ كعاملٍ وحيدٍ ومعزول.
لا خلاف إطلاقاً على أن الارتفاع الكبير في أعداد الملتحقين بمؤسسات التعليم العالي، في عالمٍ تتسارع فيه منتجات العقل البشري، «يتطلب وضع أنظمة واضحة وشفافة، بمعايير تتوافق مع المتطلبات الدولية لضمان الجودة والاعتماد الأكاديمي». ولا خلاف أيضاً على أنه «لا يمكن أن يتم ذلك إلا بتخطيط شامل؛ وإدراك حقيقي لمحاور التغيير، من تحديث وتطوير لأنظمة وأساليب الدراسة الجامعية، وتوجيه البحث العلمي في الجامعات لخدمة المجتمع... وضمان جودة ذلك النوع من التعليم»، لكن الخلاف وراء ذلك.
الخلاف أولاً حول دور وزارة التربية والتعليم، المصنع الحقيقي والأول للتعليم، التي قامت بمسئوليتها سابقاً في تعليم وتخريج عشرات الآلاف من أبناء هذا الوطن، لما يقارب التسعين عاماً، لكنها باتت اليوم بحاجةٍ فعليةٍ إلى معرفة «ما يصنع الفرق».
هذه الوزارة العريقة ليست بعيدةً عن التعليم العالي، فهي التي تخرج الكوادر المرشحة لمواصلة التعليم العالي، وتضخ فيه الدماء الجديدة. وقد دأبت على ذلك طوال العقود الماضية عدا العقد الأخير، بفعل السياسات التي انتهجتها، والإجراءات التي اتخذتها، حتى تحوّل التعليم إلى مهنةٍ طاردةٍ للكفاءات، حتى عادت نسبة العاملين فيها من الخارج إلى 20 في المئة، بعدما أشرفنا على تحقيق نسبة عالية من البحرنة في قطاع التعليم.
إنه لا يمكن الاسترسال في النظريات، وذكر الأرقام العالمية للطلبة الجامعيين في الهند والصين، دون التوقف على واقع التعليم الجامعي عندنا، وخصوصاً من جهة التخلي عن المبادئ الأساسية التي تحفظ للعملية التعليمية حرمتها وقداستها وحتى جودتها. ولا يمكن الحديث عن «تعليمٍ يصنع فرقاً» ونحن نمارس التمييز في توزيع البعثات على مستحقيها. لا تعليم يصنع فرقاً ونحن مستمرون على حرمان الخريجين الجامعيين من أبناء الوطن من شرف الخدمة في قطاع التعليم، فنعرقل التحاقهم بالعمل مرةً بحجة الامتحان التحريري، ومرةً باسم المقابلة، ومرةً ثالثة بعنوان «ليس هناك شواغر»، بينما نفتح الأبواب لتوظيف وافدين من دول أخرى دون امتحانات ولا مجادلات.
لا جودة للتعليم يمكن تحقيقها ونحن نصرّ على استبعاد أهم عوامل نجاح لما حققناه من نهضة تعليمية بعد الاستقلال، وهو المساواة ومبدأ تكافؤ الفرص، بحيث فتحت الدولة الباب لكل راغبٍ جادٍ في مواصلة التعليم، وحدّدت له شرط الحصول على أعلى المعدلات، دون نظر إلى حسب أو نسب أو انتماء مناطقي أو قبلي.
إنه من دون «ديمقراطية التعليم»، لن يرتقي التعليم ولن تتحقّق جودته، مهما أقمنا من ورشٍ، ونفّذنا من برامج، وكتبنا من مقالات، واستوردنا من نظريات، لأنه سيتم استنباتها ببساطةٍ في أرض يباب. ومادمنا نتحكّم سياسياً في مساراته ومخرجاته، فسيبقى التعليم نفسه جسداً يعاني من المرض والحمّى، بدل أن يسهم في تقديم العلاجات.
نعم... «التعليم يعدُّ من أهم أدوات خفض مستوى الفقر، وتحقيق المساواة، وبه يتم بناء الأسس لتنمية اقتصادية مستدامة»... ولكن بشرطها وشروطها، وأول شروطها العدل وتكافؤ الفرص والمساواة بين الطلاب المتفوقين والمتفوقات، دون محاباة ولا واسطات.
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 4923 - الأحد 28 فبراير 2016م الموافق 20 جمادى الأولى 1437هـ
طرق التدريس في الجامعات الخاصة والمناهج وفلسفة التعليم والتعلم غاية في التخلف ولن تنتج سوى قطيع خال من البداع ولكن يحمل كارتونة للتوظيف العشوائي...
ولكن بشرطها وشروطها
وأول شروطها العدل وتكافؤ الفرص والمساواة بين الطلاب المتفوقين والمتفوقات، دون محاباة ولا واسطات.
العلاج
عالجوا وزارة التربية وبعدين تكلموا عن جودة التعليم
سياسه التعليم
عندما يستخدم التعليم والتوظيف كاداه للمعاقبه والمكافاه فقل على الدنيا السلام و ستجني البلد نتايج كارثية لتلك السياسه بعد خمس سنوات من الان
عدد الجامعات لا يتناسب مساحة و نفوس البحرين. السؤال هو : هل هناك تعليم ام حاملي شهادات؟ المعلومات متغيرة بسرعة كبيرة و دره عدد من الكتب و النجاح في الامتحان و الحصول علي شهادة جامعية لا تعني التعلم. يجب ان يكون هناك تغيير جذري في جميع مراحل التعليم لمواكبة العلم ثم نصل للتعلم.