أحياناً نمتلك بعض الأشياء الثمينة من غير أن نعرف لها قيمة حقيقية. أشياءٌ تتراوح بين الماديّ والمعنويّ، بين الملموس والمحسوس، لكن لا نلتفت إليها إلا بعد ضياعها أو بعد فوات الأوان، تماماً كالفلاح في إحدى القصص المشهورة الذي كان يعيش على إحدى الروابي في الهند، وقد أبقى تمثالاً نحته له أحد الأساتذة الكبار مطروحاً على الأرض يعتليه الغبار وتلعب عليه القطط، فمرّ صدفةً عليه أحد تجار التماثيل الذي يعرف قيمة المنحوتات، وسأل عن صاحبه لرغبته في شرائه، فضحك الفلاح وسخر من التاجر، لكن الأخير دفع له قطعةً فضيةً مقابل التمثال، ونقله إلى متجره في المدينة على ظهر فيلٍ كان يمتطيه.
وفي أحد الأيام زار الفلاح المدينة فوقع نظره على جمهورٍ من الناس أمام أحد المحلات يصيح صاحبه: تعالوا لتشاهدوا أجمل وأغلى التماثيل في المنطقة مقابل قطعتين فضتين فقط من النقود. دفع الفلاح للرجل قطعتين ليرى تمثاله القديم الذي باعه بقطعةٍ واحدة. وبالطبع كانت حسرته كبيرةً حين وجد التمثال الذي أهمله لسنواتٍ محط أنظار واهتمام الناس.
لو أن هذا الفلاح عرف قيمة ما لديه لكان تعامله معه مختلفاً، ولاستطاع الاستفادة منه كما يجب، سواء عند بيعه أو عند الاحتفاظ به، لكن جهله بقيمة ما يملك جعله يفرّط به ولا يشعر بوجوده، وبالتالي فقد خسر الشيء الكثير مما كان من الممكن أن يحققه.
هذا على مستوى الأشياء المادية، فكيف بالأمور التي تتعلق بما نملك من مواهب وقدراتٍ وهباتٍ من الله تميّزنا عن الآخرين وقد تجعل منا نجوماً تضيء لتنير دروبها ودروب غيرها؟
بعضنا يمتلك من العلم والموهبة والقدرة ما يجعله قادراً على خدمة نفسه وغيره بشكلٍ لا يقلّ عمّا يقدمه الآخرون، لكن غفلته عن قيمة ما يملك تجعله يعيش أسيراً لفكرةٍ واهيةٍ، مستسلماً لقانون القدرات المحدودة، معطلاً كل ما لديه من ملكاتٍ وعطايا من الله عزّ وجلّ، حتى إذا ما اكتشف صدفةً أن ما كان يصفّق له عند غيره هو أقلّ بكثيرٍ مما كان من الممكن له أن ينجزه، أصيب بالحسرة وبدأ بجلد ذاته على إضاعته فرصاً كان من الممكن أن تكون بدايةً لمستقبلٍ أجمل.
هِباتُ الله وكنوزُنا الثمينة لا تقتصر على ما نمتلك من مواهب وقدرات، ولا على ما بحوزتنا من أشياء مادية، لكنها تتعدى ذلك إلى ما هو أهم وأثمن، إلى أشخاصٍ قد نفقدهم على حين غفلةٍ منا ونكتشف فيما بعد أنهم لا يُعوَّضون. أشخاصٌ جعلهم الله في حياتنا؛ لأننا نستحق رفقتهم، لكننا لم ننتبه إلى قيمتهم إلا بعد أن فات الأوان، فهاهم الأبناء يعقّون آباءهم، وهاهم الآباء يسيئون التعامل مع أبنائهم، وهاهم الإخوة يختصمون، والأصدقاء يفترقون، والأزواج والأحبة يودّعون بعضهم من غير أن يعرف أي منهم قيمة ما يمتلك، ليعيش الألم والحسرة حين يعرف هذا متأخراً، وحين لا ينفع الندم ولا يرجع ما رحل أو يصلح ما انكسر.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 4923 - الأحد 28 فبراير 2016م الموافق 20 جمادى الأولى 1437هـ
..
اليوم وانا اجهز فطور صغيري واستمتاعي معه بتلك اللحظات الجميلة وكنت اتابع مطالبه الصغيرة والتى يسعد وانا البيها له لان تلك الدقائق تواصل روحي وجسدي جميل مع الصغار هم لا يبحثون عن أشياء كبيرة هم أكثر تركيزا على الجانب المعنوي والتواصل الجميل هم أغلى المقتنيات لنحافظ عليهم معنويا ندعم التواصل الحقيقي نحميهم بحب بدخلهم في الماضي الجميل ونتواصل مع رغباتهم بهدوء السلام والهدوء والرضا من جليل النعم ملمات من القلب من أم عادت لصغارها من موت محقق شاركتهم بأني لن أستطيع الكثير ولكن وجودي معهم هو الأهم
ولدينا
طلبة جامعات تخرجوا ولا تقبلهم الاسواق لعدم التوجيه الاكاديمي الصحيح لهم فاصبحوا كالاميين رغم حصولهم على الشهادات ومنهم من هاجر.