استضافت مملكة البحرين أولى فعاليات مهرجان ربيع الثّقافة في نسخته الحادية عشرة تحت عنوان "البحرين وجهتك" استعراض لمسرح كركلا اللبناني على خشبة مسرح البحرين الوطني إذ قدّمت عرضها الموسيقي الراقص "كان يا ما كان" بدعم من مشروع دلمونيا كأولى أمسيات ربيع الثقافة لهذا العام، وذلك بالتعاون ما بين وزارة الثّقافة ومهرجان إكس الفرنسي، وبالتنسيق مع مسرح دو جو دي بوم وأوبرا دي ديجون.
وهذه هي المرة الثالثة التي تستضيف مملكة البحرين عروض مسرح كركلا.
وأعرب الموسيقار عبد الحليم كركلا، مدير المسرح، عن تشرفه بالاشتراك بربيع الثقافة مشيدا بحركة الثقافة في المملكة لأنه لا توجد أكبر من الثقافة كدليل حضاري في العالم فالشعوب تُقاس بثقافاتها ومسرح كركلا لا يمثل لبنان فقط بل يمثل العالم العربي ويمثل تراثه والذي يصنع من التاريخ العربي وحكاياته وأزيائه وموسيقاه مواداً غنية يقدم فيها مسرح كركلا عروضه.
وعبر عن شديد افتخاره بأن يرى في مملكة البحرين هذه النهضة الثقافية وهذا شعور يثلج الصدر حين يهتم وطن عربي هذا الاهتمام الكبير بالثقافة والذي ينبأ عن انبلاج مستقبل مزدهر للثقافة العربية فبناء الإنسان وثقافته أهم من بناء الحجر مشيداً بالجهود التي تبذلها رئيسة هيئة الثقافة والتراث في هذا الشأن.
وقد أسس مسرح كركلا الموسيقار اللبناني عبدالحليم كركلا في العام 1968 والتي ضمت في ذلك الوقت نحو 14 عضواً وبدأ إبداعها الفني المتميز والمتكامل، يلوح في أفق لبنان والعالم العربي، مستوحياً أعماله المسرحية الراقصة من التراث العربي الغني.
وفي حوار مع وكالة أنباء البحرين "بنا" أوضح مدير مسرح كركلا الموسيقار عبدالحليم كركلا بأن مسرح كركلا أوجد أول مسرح عربي راقص وأخذ على عاتقه إيصال رسالة يُظهر فيها التراث العربي بمضمونه الجمالي ومضمونه الإنساني، منوهاً أن التراث العربي مليء بالقيم الإنسانية والفنية بما في ذلك الألحان والموسيقى والأزياء والعادات والتي تكشف عن تاريخ عربي عريق وهو الهوية التراثية والثقافية والإنسانية العربية.
وأضاف كركلا بأن هذا التراث كان بحاجة إلى لغة حتى تفهمه شعوب العالم ومسرح كركلا أوجد أول أسلوب راقص عربي يجمع فيه التقنية الغربية والتقنية الشرقية بما فيها من تراث وحركات شعبية وآلات موسيقية أعطتها لغة عالمية لتظهره على تقنية الفن الحديث دامجاً سحر الشرق والغرب بقطع موسيقية وهو بالنهاية يظهر ثقافة غنية هي ملك للعرب حين كان الشرق العربي هو الذي يزرع الفنون في أنحاء العالم وكان شمس الحضارة بالأندلس وشتى بقاع الأرض جامعاً معها العلوم والدراسات وأعطى في ذاك الوقت الحضارة والمدنية للبشرية قاطبة.
وأشار بأن مسرح كركلا اليوم حريص جداً على إبراز التاريخ العربي وحكاياته من خلال فن راق والذي يفهمه كل شعوب العالم.
وأكد بأن مسرح كركلا استطاع أيضاً أن يزيل القناع ليكشف عن سحر الشرق حيث نافس هذا المسرح أشهر المسارح الأوربية والروسية ونال نصيب الأسد في التغطيات الإعلامية حيث ما حل في مختلف دول العالم ويرجع الفضل في ذلك بأن التراث العربي غني والإبداع الذي أوجده مسرح كركلا وطريقة عرض المسرح العربي للعالم كشف عن هذا الجمال.
كما نوه مدير المسرح قائلاً "أن الشرق جذب الموسيقيين والكتاب من مختلف أنحاء العالم وسمي بعصر الشرق العربي حيث وجدوا بهذا الشرق حضارة وحركة مميزة للفنون وكانوا يجمعون بين عبقرية الفنانين وجمال الشرق ولا تزال التحف الشرقية هي أغلى المقتنيات بالعالم."
وأضاف مدير مسرح كركلا بأنه ومن خلال عروضه الفنية يريد أن يوصل رسالة بأن الشعب العربي حضاري وثقافي، وتعزيز الاحترام للفن العربي وأصبح ينافس مسارح أقدم منه بمائة وخمسين سنة حتى أصبح من أهم الفرق العالمية.
كما نوه بأن لكل عمل فني ثلاثة نصوص رئيسية وهي النص الأدبي والتي هي القصة ثم النص الموسيقي والذي يعبر عن القصة والنص الكوروغرافي والذي تترجمه الحركات وكل هذه يجب أن يكون عنصر الإبداع هو العنصر الأساسي فيها حيث لا توجد له حدود ولا شروط ولكل زمن إبداعه الذي يميزه والذي يتمثل برواية القصة بأجمل شعر وأجمل كلمات متوجة بأجمل لحن وأداء فني.
وأوضح بأن العمل الفني لا يقاس بالعدد ولكن بالجودة والتميز حيث يتراوح عدد أعضاء الفرقة حوالي الثلاثمائة شخص إذا كان العمل كبير وقد حصل مسرح كركلا على عدة أوسمة منها وسام من ملك الأردن الراحل الملك حسين، ومن رئيس الجزائر عبدالعزيز بوتفليقة، ومن الرئيس التونسي السابق، ومن لبنان أربعة أوسمة ووسام شكسبير وآخر وسام حصل عليه مسرح كركلا مؤخراً من رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة سمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان وهو وسام الاستقلال حين قدّم عرض "زايد والحلم" وعرضت في مختلف أنحاء العالم.
كما أوضح رفعت طربيه راوي العمل بأن مسرح كركلا يطرق بقوة أبواب المسرح العالمي فقد حضروا للتو من الصين حيث حضر العرض هناك ما يقارب الخمسة آلاف مشاهد في أكبر أوبرا بالعالم منوهاً بأن مسرح كركلا سيقدم في نهاية العرض عملا فنياً للبحرين من كلمات الشاعر طلال حيدر المستشار الأدبي لمسرح كركلا يختتم به عرضها الفني.
ويقدم ربيع الثقافة في نسخته الحادية عشرة وعلى مدى شهرين متتابعين، فعاليات وأنشطة متنوعة والتي تحاكي أمزجة ومناخات متعددة تتناسب مع عدة شرائح مجتمعية، حيث يقدم الندوات الفكرية، الأمسيات الموسيقية والغنائية.