هنالك الكثير من القادرين والمبدعين ممن قاموا بعمل المعجزات وحققوا الكثير من الإنجازات في بدايات حياتهم، يتعثرون فجأة ويُضيعون طريقهم ولا يتمكنون من تحقيق مآربهم التي كانوا يحلمون بها، وإما يتوقفون مكانك سِر أو يتراجعون إلى الوراء وتتضاءل تطلعاتهم وتبدو بعيدة المنال حتى يخفتون ويتوارى نجمهم.
وإذا بحثنا في الأسباب قد تكون متنوعة يصعب تحديدها، ولقد قام اثنان من العلماء من الذين حصلوا على جائزة نوبل في عمل الأبحاث الخاصة في الأمور البيولوجية والعاطفية والتي تؤثر في هذه النوعية من الـ (Behviour) السلوك الإنساني، وباختصار، في إن هنالك مادة تُفرز من الدماغ اسمها مادة الكورتيزول ومنها تخرج مادة (Endorfeen & Eupameen) تفرز أثناء الممارسات اليومية سواء في العمل أو الأنشطة الأخرى والتي تتسبب في الارتياح والسعادة، لما يمارسونه والتي تعودوا عليها وبطريقةٍ روتينية متواظبة.
وفي محاولاتهم للتغيير أو التجديد في الحياة حتى لو كان بدءاً نوع من الرياضة التي لم يتعودوا عليها أو مشروع تراهم يتقاعسون ويترددون وذلك بسبب القلق والتوتر الذي يصاحبهم فتتأثر تلك الخلايا وتنعدم قدرتها على إفراز تلك المادة (الكورتيزول) للأنسجة بالطريقه السابقة التي تعودوا عليها ما يسبب عدم الارتياح والشعور الغريب، وبالتالي عدم تقبل العقل الباطن للتجديد ومقاومته؛ ولكن في حال ما إذا تمكنوا من التغلب على تلك المشاعر والتوتر في بداياته والتواصل في المحاولات المتجددة، تبدأ الخلايا في التعود على ذلك التغيير والثبات في توزيع الكورتيزول وعودة ذلك الشعور المريح والقناعة.
ومع ذلك فهنالك نوعان من البشر نوعٌ يُسمى بالـ (oww) وهو الذي يرفض أي نوعٍ من التغيير، ويبدأ العقل الباطن بالاحتجاج في أية محاولة بقوله هذا لا يعجبني، أو أنه لا يناسبني ولا أريد القيام به، وغير متعود عليه، ولماذا التغيير، ولاحاجة لي به...!
هذه النوعية من البشر يبدأون يومهم بالتذمر وبأشكال مختلفة من الحجج والاعتذارات، وكله بسبب ما ذكرته ويقررون بقاء الأمور على حالها، وأن يعيشوا في منطقة يصنعها لهم العقل الباطن تُسمى (المنطقة المريحة) (saftey zone) فيصابون بعدها بالاكتئاب، ومحلك سر، ومن ثم الملل من الحياة، لعدم تمكنهم من تحقيق رغباتهم وذواتهم بعدما كانوا من المشاهير أو المبدعين.
وتزداد الحالة سوءاً كلما تقدمنا في السن، حيث يزداد تردد الأفراد في محاولة أي تجديد، ومقاومتهم له لتوقع الفشل مع تلك المشاعر السلبية، أما النوع الآخر ويُسمى (wow) من الذين يحبون الحياة ويتصورون الأشياء التي يريدون تحقيقها بخيالهم، ولديهم الحماس والحب للمغامرة للتغيير والصعود، وإنهم بحاجة دائمة للإبداع، وعلى عكس الفريق الأول، فهم إيجابيون في نظرتهم، فتتعود إفرازاتهم على إفراز الحد الأعلى من الكورتيزول، فينجحون وينضجون بثقتهم العالية بالحياة، ويحققون كل ما يتمنون من أهداف.
وبعد كل تلك المقدمة أرى بأننا نحتاج إلى أن ننظر للحياة على أنها رحلة ومغامرة مليئة بالمفاجآت الجميلة، وأحياناً غير الجميلة، وأن نأخذها على عِلَّاتها (as package) ومقاومة الضعف الذي يُشعرنا بأننا عاجزون عن تحقيق أهدافنا، وأن تكون لدينا الثقة بأنفسنا، فالمبدعون يقومون برؤية وتحديد أهداف وخطط للمستقبل، ويسجلون كل ما يريدون عمله في دفاتر خاصة لأيامهم، بدءاً بقصيرة المدى، ليوم الغد مثلاً وثم لأسبوع وأخرى طويلة للسنوات القادمة، كبرنامج منظم وتخيُّل كل من الفشل والنجاح، والاستعداد لهما، وألا نيأس ونُصاب بالخمول، من تكرار المحاولات للتجديد والفرح، بكل ما تعطينا إياه الحياة، فكل إنسان يعطيه الله مشاكل وحلول بقدرٍ محسوب، وكلما ازدادت رغبته في الأخذ وكان جاهزاً لتحمل المشاق زاده الله من النجاح والفشل، فعليه الاستعداد للتقبل والتحفز للنجاح، والسعي للتغلب على علامات الفشل، هي الحياة هكذا خذوها بِحلوها ومُرِّها تُسعدوا.
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 4922 - السبت 27 فبراير 2016م الموافق 19 جمادى الأولى 1437هـ
رائعة...احب تفاؤلك ... كلنا نحتاج الى الكزتازول لكي نتقدم الى الامام كل يوم خطوة صغيرة تكفي ، فهي جرعة من الامل اللذيذ والعزيمة والروح الايجابية التي تقوي علاقاتنا مع نفسنا ومع الاخرين ومع الكون من حولنا.. بالتوفيق عزيزتي وتهانينا الصادقة لفكرك النير والايجابي..نعم.. الحياة ( بكج ) ويجب ان نستفيد من حلوها ومرها ونتعامل مع هذا البكج او الحصيلة بانها هدية او منحة او فرصة للتعلم والنضج.. ودمتي سالمة. د. هدى المطاوعة..
حلوة الحياة
والله مقاله رقيقة
حقيقه وامان
غالباً ماتختلط الافكار وتصبح مشوشه لذا السعي وراء القدرة على التركيز هي من اهم العوامل الاساسية للصعود موضوع مريح وجيد وهام جداً شكراً
شكرالكم
عندما يكون الهدف واضحا فإن طريق الوصول سيكون أسرع ومانشاهده من تخبط لدى الكثير في برامج السير والسلوك الديني والسياسي والايدلوجي الشاهد كبير على مانقول