الكثير منا يتخبط في الحياة بين مسئولياته وواجباته لتأتي نهاية اليوم وهو في قمة التعب والإحباط احياناً. لكن من منا سأل نفسه ولو لمرة واحدة لم أفعل كل هذا؟ وإلى متى سأستمر؟

من يسأل نفسه قد يجد أنه من غير المجدي الاستمرار في دوامة المسئوليات والملل الروتيني المصاحب لها، دون ان تضيف لحياة الشخص سوى التعب الناتج عنها. السر الحقيقي يكمن في معرفة رسالتك في الحياة، لم انت هنا على هذه الارض؟ هل لأتعب واشقى وأظل تعيسا؟ ام هناك سبب آخر أنا هنا لأجله؟

إخصائية علاج شامل واستشارية شخصية هنادي المرزوق، التي تصف طفولتها بـ»الحائرة»، استطاعت أن تغير حياتها من تعب وإرهاق إلى حب وسعادة. المرزوق التي تقدم تقدم برامج متنوعة ومنها الريكي، شفاء الميتا، الطاقة، وجلسات تأمل وجلسات علاجية، سردت قصتها في كتاب ستصدره قريباً، سردت لـ «الوسط» قصتها مذ كان عمرها 13 عاما، فكان هذا اللقاء:

تقول المرزوق، عام 2006 كان عام التغير في حياتي، فبعد شعوري بالتعب سواء كان نفسياً أو عاطفياً أو جسمياً، كنت أتمنى أن أحقق طموحاتي وأهدافي، إلا انني لم أستطع أن أحقق شيئا وهذا يرجع للحالة النفسية التي اشعر بها.

وتضيف «هناك شيء اشعر بأنه خطأ سواء كان جسمياً أو نفسيا (...)، حينها ابتدأت من الداخل لتغيير نفسيتي للأفضل، فبدأت أشارك في دورات وجلسات من التأمل، استطعت بعدها ان أشعر بداية بالتغيير. فالهدوء والسكون يساعد الشخص على أن يحقق أهدافه، فلذلك أنصح الناس أن يكون لهم وقت للهدوء والتأمل يستطيعون بعدها ان يشعروا بطمأنينة بالتغير نحو تحقيق أهدافهم وسعادتهم».

وتقول: «هناك اشخاص يعتقدون ان الرياضة الروحية مرتبطة بديانات معينة وهذا ليس صحيح، فمثلاً «اليوغا» وغيرها من الرياضة التي تشعر بالتأمل والهدوء هي رياضة للجسم وتنمي العقل الذي يبدأ بالتغير من خلال الهدوء. وليس مطلوبا منك أي جهد، فقط اجلس وقتا بهدوء، لتحضير افكارك بهدوء وستشعر بالتغير نحو الحب والسعادة».

وتابعت «الجميع لاحظ على شكلي وجسمي بعد أن أخذت دورات في التأمل وبدأت بالتغير، فالجميع من حولي يقول لقد تغيرت، فالآن نشعر بأنك أصغر من قبل، فهناك تغير كبير في شكل الجسم ونظرات العين». وتضيف «من خلال نظرة العيون تعرف من خلالها ما إذا كان يشتكي من شيء أم لا، ومن خلال العيون تكتشف أنك ستغير من حياتك».

اخصائية علاج شامل واستشارية شخصية، هنادي المرزوق تقول: «منذ صغري وأنا شغوفة بحب القراءة، فمنذ كان عمري 13 سنة استطعت أن أقرأ مئات الكتب والمجلدات، وكنت أبحث كوني انسانة عن وجودي في الحياة، وتيقنت ان هناك هدفا أكبر وكنت ابحث عنه، هناك تساؤلات عدة ولا أشبعها إلا من خلال قراءاتي من الكتب والبحث عن هذه العلوم».

وتابعت «عندما سمعت عن وجود دورات عن التأمل وغيرها، قمت بدخول هذه الدورات سواء بالبحرين او خارجها، فشعرت بتغير مبدئي من خلال الفكر وطريقة الحياة، ولكن هناك بعض الاشياء لم يتم علاجها إلا من خلال الدورات التي دخلتها التي تقوم على الهدوء والتأمل. فمن خلال دخولي هذه العالم ومن خلال هذه الدروات استطعت كشف حالتي من الداخل، وايضا ايام طفولتي...».

وتستذكر «إن أكثر المشاكل التي تحصل للإنسان هي تكون مشاكل نفسية، فعندما نجد أن هناك مشاكل لدينا لابد لنا أن نبحث عن حلول، وهذه الحلول لابد أن نعرضها على مختص ليس لأي شخص كان، فلابد للشخص ان يفهم نفسه وأن يعرض نفسه على اخصائي قبل أن يحدث له اكتئاب».

وتابعت «هناك بعض الحلول لا تخطر على البال، ولكن التفكير من خلال الهدوء والتأمل تستطيع ان توصل إلى رسالتك وهدفك من الحياة، فهناك رسائل ترسل لنا عن بعد ولابد لنا أن نستغلها من خلال فهم شخصيتنا ونفسيتنا».

كيف أكتشف «ذاتي»؟

تقول هنادي المرزوق: «لابد لك ان تكتشف الذات من خلال نفسك، اي من خلال الأسرة والعمل والحياة المجتمعية، كما أن هناك اشخاصا اقوم بمعالجتهم فقط يشعرون بألم جسدي، وأغلب الأحيان الألم الذي يشعر به الشخص هو يرجع للطفولة».

وتضيف «هناك بعض الاشخاص يشعرون بآلام بالجسد وعندما تلجأ للعلاج الجسدي لايشعرون بتحسن، ولكن عندما نقوم بعلاجهم بالعلوم «الميتافيزيقية» والمقصود بها (المرونة في الحياة)، ومن خلال وصف المريض حياته نستطيع ان نعالجهم من خلال الاستماع لهم منذ طفولتهم».

وتابعت «هناك مشاكل أسرية من خلال الاسر تجعل الشخص يتعرض لمشاكل نفسية عدة، هذه المشاكل تكون ملازمة له للأسف على طول حياته اذا لم يتم علاجها بالطريقة الصحيحة والعلمية».

وأفادت «هناك بعض الاشخاص يحاولون (اللف والدوران)، هؤلاء يعتبرون غير صادقين مع انفسهم، ولذلك سوف يكون العلاج صعبا لهم. نبدأ حينها بالعلاج عن طريق توجيه اسئلة عدة للشخص وبعدها نتابع العلاج من خلال التعلم على المرونة في الحياة».

وتضيف «أغلب الحالات التي تراجعني تكون هي حالات تشتكي من مشاكل نفسية، وهناك حالات للأسف يكونون ضائعين في كشف حالتهم بين الحالة الجسدية أو النفسية، وأغلب الحالات التي تشتكي منها النساء هي حالات نفسية من شريك الحياة أي الزوج».

وتابعت «هناك حالات تكون بسبب العمل سواء من المسئوليات في العمل او مضايقة من زملاء او من المسئولين بالعمل».

العلاج

تقول المرزوق عن العلاج: «يبدأ العلاج من خلال شغل الوعي من خلال مايدور حوله، والوعي يعتبر حجزا للشخص أن يرى ما هو اللاوعي وهذا الذي نريد الوصول إليه، واللاوعي مهمته أن يحمي الإنسان من خلال الصدامات والاحداث الذي تحصل للشخص».

وتضيف «من خلال شغل الوعي بانشغاله بشيء ما، وبطرق عدة تتناسب مع حالته، نستطيع الدخول في اللاوعي وبعدها نشخص حالته ومن هنا نبدأ العلاج».

وتابعت «هناك بعض العلاجات التي تكون على أساس التنويم، هذه العلاجات تظهر مدى احساس الشخص ان يتحدث بما حصل إليه من حالات ومشاكل، ويبدأ الشخص بالتحدث، وهناك من يبكي وهناك من يصرخ عندما يتذكر الاحداث التي مر بها، ومن خلال التذكر يستطيع المختص بعلاجه استبدال التجارب؛ من سلبية إلى ايجابية ومن الحزن للسعادة».

المصداقية مع النفس

تقول المرزوق: «الأفكار التي تحصل لنا هي أفكار لا نراها ولكن نشعر بها، فيمكننا أن نراها عن طريق العقل ونكتشفها. وعلى سبيل المثال، الألم الذي يحصل لنا مثلاً في جزء معين من الجسم، هذا الألم لانراه وانما نشعر به، وايضا المشاعر خلقها رب العالمين، وهذا المشاعر لانراها وانما نشعر بها وايضا لايوجد مقياس لقياسها».

وتضيف «عندما تتحدث مع شخص ما وهو يشعر بالحزن، تسأله بماذا تشعر؟ يقول «لا أعرف»، هؤلاء الاشخاص يشعرون بالألم ولكن لايرونه، فالتوتر والاحساس بالتعب له أثر نشعر به». وتتابع «هذا التأثر له أثر روحي، ومن خلال مصداقية الشخص في طرح مشكلته يرى انه من خلال التحدث يفرغ ما يحتويه من مشاكل وأحداث».

وتقول: «من خلال علاجي بعض الحالات المزمنة، استطعت وبفضل رب العالمين أن اعالج هذه الحالات ليرجعوا لحياتهم طبيعياً، فمن خلال الطاقة الايجابية التي اقوم بعلاجه بها يخرج من العيادة وهو سعيد ويشعر بإيجابية».

وعن أحدث الحالات التي قامت بعلاجها، تقول المرزوق: «هناك حالات تشعر انها تحدٍ، فمثلا هناك بعض النساء تريد ان تقوم بمهام أفضل من خلال مسئوليتها في العمل، وفي الوقت نفسه تريد ان تخلص لعائلتها، فهي في حيرة من أمرها انها لاتريد أن تكون مهملة او مقصرة في حياتها الأسرية او العملية». وتضيف «تشعر بألم في جسمها وتشعر بأنها مشوشة».

وتتابع «من خلال الكشف عن هذه الحالة، تستطيع ان تكتشف العلاج من خلال التحدث مع الشخص المريض، فهناك اشخاص يرون ان لابد من الكمال في كل شيء وهذا للأسف ليس صحيحاً، فحين اقوم بعمل بمجهود أكثر في مكان ما، سوف يعكس هذا على العمل الآخر اي سيكون هناك تقصير. وفي الوقت نفسه ليس بمعنى انني لا استطيع ان اعطي مجهودي في كلا الشيئين، فممكن ان اوزع جهدي بطريقة صحيحة وأتقن مهماتي في العمل كما اتقن مهماتي العائلية بنجاح».

تقمص الألم

تقول المرزوق: «هناك بعض الحالات المترددة على عيادتي لديهم حب تقمص المرض، هؤلاء ليس من الصعب كشف حالتهم، فبمجرد الحديث معه اكتشف انه يخفي شيئا عنده. وهنا يأتي دوري كمعالجة؛ ان اكتشف هذا التقمص وأقوم بمعالجته بطريقة مباشرة وليس بالتجريح».

وتضيف «هناك بعض الحالات التي يقوم الشخص بإصراره على شيء، وعندما اقوم بكشف أنه هو يخادع نفسه، فأقوم بمصارحته إما ان يكون صادقاً معي او ان العلاج ليس مناسبا له؛ لانه هو بالذات يتقمص الحالة المرضية الموجودة لديه».

وتختم اللقاء المرزوق «أقدم نصيحتي للناس بأن يوفروا وقتا للهدوء والتأمل، فقط لو 5 دقائق بالنهار و5 دقائق بالليل تكفي للتأمل والهدوء، وتراقب التنفس وبعض الأفكار، وتقوم بالاسترخاء بعيدا عن اي افكار تشويشية، وستشعرون وتلاحظون بتجدد النشاط والهدوء وأكثر راحة وتركيزا».