عاد التوتر بين حكومتي السودان وجنوب السودان بسبب اتهام الخرطوم جارتها الجنوبية باستقبال متمردين مناهضين لها ودعهم بالسلاح، وذلك بعد أسابيع من التقارب وفتح الحدود بينهما، فيما أجرى الأمين العام للأم المتحدة بان كي مون محادثات مع الرئيس سلفاكير ميارديت في جوبا أمس، ركّزت على تطبيق اتفاق السلام والانتهاكات بحق المدنيين ، وذلك وفق ما نقلت صحيفة "الحياة" اليوم الجمعة (26 فبراير / شباط 2016).
وذكرت تقارير رسمية في الخرطوم أن حكومة جوبا تراجعت عن تعهدات بوقف دعم وإيواء متمردي «الحركة الشعبية – الشمال» وحركات دارفور، وسمحت لـ «حركة تحرير السودان» برئاسة عبدالواحد نور بعقد ندوة في أحد فنادق العاصمة حُرّض فيها ضد الحكومة السودانية ودُعي شبان دارفور إلى الانضمام إلى صفوف الحركة لقتال القوات السودانية.
وكشفت التقارير ذاتها أن وفداً من متمردي «الحركة الشعبية –الشمال» بقيادة أمينها العام ياسر عرمان أجرى مشاورات مغلقة في جوبا مع قادة عسكريين بحضور مسؤولين في وزارة الدفاع ناقشت إمداد المتمردين السودانيين بشحنات أسلحة وذخائر متنوعة لشن هجمات في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق المتاخمتين لجنوب السودان.
في المقابل، نفت حكومة جنوب السودان اتهامات الخرطوم بدعم مناهضين لها، وجددت التزامها باتفاقات التعاون الموقعة بين البلدين واتهمت جهات لم تسمها بالوقوف خلف تلك الاتهامات.
وقال وزير الدفاع الجنوبي كوال ميانغ إن حكومته لا تدعم متمردي «الحركة الشعبية – الشمال» وليست لديها إمكانية لمساعدتها، مؤكداً أن عرمان ليس موجوداً في جنوب السودان.
كما أكد وزير خارجية جنوب السودان برنابا بنجامين أن الاتهامات السودانية المتكررة لبلاده لا أساس لها، ورأى أنها لا تساعد على تحسين علاقات حسن الجوار بين البلدين، مؤكداً أن حكومته لا تدعم «الحركة الشعبية» وحركات دارفور وليس لديها ما تقدمه لهم، وترى أنه ليس من مصلحة البلدين أن يكون هناك توتر أو أزمة.
من جهة أخرى، أجرى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أمس، محادثات مع رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت عقب وصوله إلى جوبا قادماً من العاصمة الكنغولية كينشاسا.
وصرح مسؤول رئاسي في جوبا لـ «الحياة» أن بان ناقش مع سلفاكير خطوات تطبيق اتفاق السلام بينه وبين زعيم المتمردين رياك مشار، وشدد على ضرورة تشكيل الحكومة الانتقالية في أقرب وقت بعدما تأخرت عن موعدها. ودعا الأمين العام الطرفين إلى الجدية بهدف تجاوز مرحلة الحرب الأهلية والتركيز على تضميد جراح شعب جنوب السودان. وأشار المصدر ذاته إلى أن بان كي مون ركّز أيضاً على الهجوم الذي استهدف مخيم النازحين التابع للأمم المتحدة في ملكال عاصمة ولاية أعالي النيل الأسبوع الماضي، وطالب بتوقيف المسؤولين عن العنف ومحاكمتهم بعد مقتل 18 شخصاً وإصابة أكثر من 70 آخرين في العنف بين مجموعات قبلية، بينهم عسكريون ينتمون إلى القبائل المتنافسة.
إلى ذلك، رفضت جوبا تهديدات وزير الخارجية الأميركي جون كيري بفرض عقوبات على طرفي النزاع في جنوب السودان إذا ما فشلا في تطبيق اتفاق السلام، ورأت أنه يجب توجيه اللوم إلى المتمردين وليس إلى الرئيس. وقال كيري إن سلفاكير ومشار قد يواجهان عقوبات فردية إذا لم يلتزما باتفاق السلام. وأضاف: «هذه لحظة حرجة بالنسبة إلى بقاء جنوب السودان، ومن المهم بالنسبة الى مَن يعتبرون أنفسهم زعماء أن يقوموا فعلياً بدور الزعامة».
ولكن الناطق باسم الرئاسة في جنوب السودان أتيني ويك قال إن التهديد «يجب أن يوجَه إلى الذي يضعون العراقيل أمام عملية التنفيذ، المشكلة ليست مع سلفاكير». وأكد أن سلفاكير مستعد لتشكيل حكومة انتقالية «الليلة» إذا ما قدمت حركة مشار أسماء مرشحيها للمناصب الوزارية.
أما الناطق باسم المتمردين جيمس قديت داك فأكد أنهم مستعدون «للوفاء بتعهداتهم»، مشيراً إلى أن تصريحات كيري مفيدة لأنها مارست ضغوطاً على الطرفين واتهم جوبا بانتهاك اتفاق السلام.