في ذلك اليوم الكئيب يوم (26 فبراير/ شباط 2015) يوم وفاة أغلى الناس، مراتب، تلبدت السماء بغيوم الحزن، واكفهرت السماء وزلزلت الأرض، نعم هذا هو يوم غريب ومخيف، مراتب أين أنت لأحكي لك عما يجول في خاطري، أين أنت؟ لتربّتي على كتفي، وابتسامتك الملائكية تسبقك وأنت تقولين رفيقة ويحك من هذه الأفكار السوداوية، تفاءلي بالخير وتمسكي بالحياة، تجاهلي الأمور التي تقلقك، هكذا أنت أيتها الغالية مراتب تخففين عن كل من حولك إلا نفسك، مستعدة للتضحية بكل ما تملكين في سبيل إسعاد الآخرين، ترى!
هل هناك من يضاهيك؟ صدقيني مراتب العالم من حولي بات مختلفًا لم يعد كما كان، كل شيء يذكرني بك حتى أبسط الأمور، نتحدث هاتفيًّا كل يوم من مرتين إلى ثلاث، يمتد بنا الحديث والضحك والفرح والسعادة من دون شعور بمرور الوقت، نعيش الهواجس، نتقاسم الأفكار، مراتب أذكر تلك الأيام الجميلة التي عشناها معًا في سكن الطالبات في أجمل العواصم بغداد، أنا وأنت والغاليتان على قلبي بدرية مرزوق، وفضيلة البحارنة... الله على تلك الأيام، نضحك من أعماقنا، وكأنه ليس هناك في العالم سوانا، أربع سنوات متتالية مرت كمر السحاب كانت أجمل أيام حياتنا، تخرجنا وظلت علاقتنا ممتدة إلى هذا اليوم منذ السبعينات، مراتب من يصادقك لا يعرف الخبث ولا الحقد ولا الكراهية، أصبحت عائلتك وصديقاتك جزءًا مني، صدقيني، لن أستطيع أن أبتعد عنهم؛ لأني أراك فيهن، والدتك الغالية، أخواتك رباب وأنيسة وأمينة وكوكب ولمياء وهنادي وفاطمة وآلاء والجميع أصبحن شيئًا هامًّا في حياتي، وصديقاتك المقربات وجيرانك ملكة ومعصومة وأميرة ومديحة وفاطمة وغيرهن أستمتع برؤياهن وإن كان قلبي يدمى لعدم وجودك بيننا.
صعبٌ جدًّا عليَّ يا مراتب أرتاد الأماكن التي كنا نرتادها كل أسبوع، وكان يوم الخميس من الأيام المقدسة لدي؛ لأنني ألتقيك، ولا أفرط في هذا اليوم، كم كان جميلاً هذا اليوم صدقيتي! مراتب أين أنت؟ لماذا تركتنا في هذه الحياة الصعبة التي يحتاج فيها المرء إلى أمثالك. يحضرني الآن قول الرافعي الكاتب الكبير عندما مات صديقه القريب: «لا تقل مات لك ميت، بل قل مات فيك ميت»، صدقت أيها الكاتب، (ففي) تعني الاندماج بين الروحين اندماجًا لا تغيره الأيام، ولا يهزّ من جوهره مرور السنوات.ستبقين كما أنت حبيبتي الغالية لن تفارقينا بروحك أبدًا حتى لو غاب جسدك عنا في هذا العالم السرمدي المخيف... لا اعتراض على مشيئة الله سبحانه وتعالى ... فقد اختارك بهدوء؛ لأنه أحبك ورضي عنك.
رفيقـــة بن رجــــب
مراتب، تعالي زحفًا من بين ظلال النخيل وأغصان الياسمين، تعالي يا مراتب زحفًا... مثل طفولة ضائعة أو عدوًا، مثل حجرٍ يتدحرج من أعلى قمة في قنديل، تعالي يا مراتب، ولا تخافي طغيان الماء، أو عبث الموج، تعالي، محمولة على متن زورق غريب، وادخلي أنفاسي إلى الرئة، فأنا بانتظارك، يا مراتب... وإذا لم تأتِ فأطلب منك أن تفسحي لي المجال لأكون بقربك، وأسافر مع الحيرة... لعله الزمن المادي... زمن الخوف... زمن الاستكانة، الإجابة... الصمت، وأحدق بعيدًا... أبحث عنك يا مراتب، عن شواطئ خضراء في بلادي تسمح لمرتاديها بالبقاء على رمالها، مع أحلامهم المستحيلة، وليكن هو الزمن الذي أنتظره، هو زمن الصمت... الصمت المطلق دومًا عندما أشعر بمحاصرة كل الأصوات، وكل الوجوه، لعله الصمت، الوجه الأوحد للخروج، من مأزق الحياة، ينتابني ارتياح بالصمت، وصمت مطلق فاعل، مع كل صور الاعتزاز، ولن أملك إلا أن أغيب، داخل رداء من الصمت، ويحملني الصمت إلى دروب مائية، تبلورني في داخلها، وانتظر لحظة أن تجيبيني.
أمينة القفاص
لا فـي ربـيع أو صــفـر
تـلقى وزيــراً إن حـضر
قــد رمــت لــقــياه و«حاجــبـه»
تـمـلـــمل، واعــتــــذر
وأردت أن أجري مكالمة
.... ومــا شـــاء الـــقــدر
حــيناً يـقـــول مــســافر
أو فــي اجــتماع ذي خطـر
أو أنــّه بـــين الضــيوف
وهـم على وشـــك الــسـَّـفر
أو غـير ذلك من كـــلام
العــــذر فــيه لــمن عــــذر
و يقــول «يأتيك الجواب»
ولا جــواب ولا خــبـــــر
بيــني وبـين أخي الوزير
مــودّة... لا تــســتـسر
قــد زرتـه فــي بـيـتــه
فحـسـبت (حاتم) قد حضر
وألــفــتــه بـين المحافــل
شــعــلــة تـعشــي البــصر
قـلـب الوزير من الغمام
و فـي«المكاتب» مـن حجر
يا «حاجباً» إنـي مللـت
ومطــلـــبي... فــيه نـظـــر
ولـعـلّ لو سـئل الوزيـر
يــقول: مــا عـندي خـبــر
( أبو أسامة)
العدد 4920 - الخميس 25 فبراير 2016م الموافق 17 جمادى الأولى 1437هـ
استاذتنا الغالية
الله يرحمك استاذتنا الغالية مراتب القفاص طيبة وحنونة وخلوقة .. لاننسى فضلك علينا في بذل المجهود لتوصيل المعلومات .