وثق تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان انتهاكات وتجاوزات واسعة النطاق ارتكبت في ليبيا منذ بداية عام 2014، وأوصى بتدابير عاجلة لمكافحة الإفلات من العقاب وتعزيز وإصلاح قطاع العدالة، حسبما ذكرت إذاعة الأمم المتحدة.
وقال المفوض السامي لحقوق الإنسان زيد بن رعد الحسين إنه على الرغم من حالة حقوق الإنسان في ليبيا، ألا أنها لا تحتل عناوين الأخبار إلا بشكل متقطع.
وذكر أن العديد من الجهات الفاعلة - سواء الحكومية أو غير الحكومية- متهمة بارتكاب انتهاكات وتجاوزات خطيرة للغاية ترقى في كثير من الحالات إلى مستوى جرائم حرب.
عمليات قتل غير قانونية
وتشمل تلك الانتهاكات والتجاوزات الموثقة عمليات القتل غير القانونية، حيث تم الإبلاغ عن حالات في كل مناطق النزاع تم ارتكابها من قبل معظم الجماعات بما فيها من إعدام أشخاص تم احتجازهم أو اعتقالهم أو اختطافهم أو من يُنظر إليهم على أنهم معارضة.
الهجمات العشوائية
وتشمل الانتهاكات شن الهجمات العشوائية، فمنذ عام 2014، اتخذت العديد من الهجمات طابع العشوائية التي تؤثر بشكل خاص على مناطق سكنية مكتظة بالسكان، بما في ذلك بنغازي، وطرابلس، وورشفانة، ومنطقة جبال نفوسة، وفي جنوب ليبيا.
التعذيب
كما أفاد التقرير بأن ممارسات التعذيب والمعاملة السيئة واسعة الانتشار، ولا سيما في مرافق الاحتجاز، مع ورود تقارير حول الضرب بالأنابيب البلاستيكية أو الكابلات الكهربائية، والتعليق لفترات طويلة في أوضاع مؤلمة، والحبس الانفرادي، والصعق بالكهرباء، والحرمان من الطعام أو الماء، وتهديدات ذات طبيعة جنسية والابتزاز. وقد نتج عن التعذيب وفاة المعتقلين في المعتقلات والعديد من مرافق الشرطة العسكرية والاستخبارات العسكرية.
الاعتقال التعسفي
وأفاد التقرير بأن آلاف الأشخاص مازالوا قيد الاحتجاز منذ بدء الصراع المسلح عام 2011، والغالبية العظمى منهم لم يتم النظر في قضاياهم كما يجب.
كما تم احتجاز البعض في منشآت سرية أو منشآت غير معترف بها تديرها الجماعات المسلحة.
العنف ضد المرأة
وتضمن تقرير مكتب حقوق الإنسان حدوث أعمال عنف قائم على النوع الاجتماعي والتمييز ضد المرأة. وأشار إلى وقوع سلسلة من الهجمات التي شنتها الجماعات المسلحة ضد الناشطات منذ 2014.
وقال إن الاغتيالات للناشطات المعروفات، مثل سلوى بوقعيقيص، فريحة البركاوي وانتصار الحصائري، والتهديدات والمضايقات والاعتداءات التي استهدفت العديد من الأخريات، مصممة لتوجيه رسالة أوسع نطاقا مفادها أن المرأة لا ينبغي لها أن تكون ناشطة في المجال العام.
وذكر التقرير أن توثيق تقارير انتهاكات العنف الجنسي كان صعبا بسبب الخوف من الانتقام، ووصمة العار، وضغط الأسرة أو الصدمة.
وفي حالة واحدة، قالت امرأة إنها اختطفت في طرابلس من قبل أعضاء جماعة مسلحة، وتم تخديرها واغتصابها مرارا وتكرارا على مدى ستة أشهر. وقدمت أيضا معلومات تفيد بأن ست فتيات لا تتجاوز أعمارهن الحادية عشرة تعرضن للعنف الجنسي من قبل أفراد من نفس الجماعة.
ويورد التقرير الدولي حدوث انتهاكات ضد الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، والمهاجرين، بالإضافة إلى توثيق حالات التجنيد القسري للأطفال واستخدامهم في الأعمال العدائية من قبل الجماعات الموالية لداعش.
كما أرغم البعض على الخضوع لتدريب ديني وعسكري، ومشاهدة أشرطة فيديو قطع الرؤوس، وقد قال بعضهم إنهم تعرضوا للاعتداء الجنسي.
وقال زيد رعد الحسين إن أحد أهم العناصر البارزة لهذا التقرير هو الإفلات التام من العقاب الذي ما زال سائدا في ليبيا وفشل نظام العدالة. وأضاف أن التقرير يبرز بوضوح أن النظام القضائي لا يملك الوسائل أو القدرة على إجراء تحقيقات فورية ومستقلة وذات مصداقية أو محاكمة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان أو التجاوزات.
التوصيات
ومع الاعتراف بالتحديات الكبيرة التي تواجه السلطات، يوصي التقرير باتخاذ إجراءات عاجلة لوقف انتشار الجماعات المسلحة من خلال نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج، وإيجاد برنامج للتدقيق وإزالة ومنع تجنيد الأفراد المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان والتجاوزات.
ودعا التقرير المجتمع الدولي إلى ضمان حصول المحكمة الجنائية الدولية، التي لها ولاية قضائية على ليبيا، على الموارد اللازمة لإجراء التحقيقات والمقاضاة.
ويقترح التقرير أيضا عددا من الإجراءات ذات الأولوية، والتي تشمل: