الشم هي احدى الحواس الخمس الهامة، وبالرغم من قلة خلايا الشم المستقبلة في أنف الانسان (خمسة ملايين مقارنة مع 200 مليون عند الحيوان) إلا أن لها دورا أساسيا في صحته, فهي تحلل وتميز الروائح التي بإمكانها التأثير على جميع أجهزة الجسم وخصوصا الجهاز العاطفي والعصبي, فالمولود الجديد مثلا لا يرى أمه ولكنه يعرفها بالشم فيطمئن ويستقر بجانبها. للروائح سحرها العجيب ومفعولها القوي فهي بإمكانها نقل الجسم من حالة من الهدوء والسكينة والراحة والسعادة إلى الغضب والتوتر وفقدان الأمل وحسن أو سوء الظن كما تساعد الروائح على فتح الشهية, الإلتزام بأخذ الدواء أو عدمه وسرعة أو إبطاء الشفاء. أما على العلاقات الاجتماعية والأسرية فتعمل الروائح على تقوية هذه العلاقات أو النفور منها وتؤثر علي حميمية العلاقة الزوجية. ومما يدل على ذلك حدوث بعض حالات الطلاق بسبب نفور طرف عن الآخر بسبب الرائحة. كما ينشىء لدى الكثير من النساء الحوامل ما يسمى بالوحم من رائحة الزوج فيصابون بحالة صحية مصطحبة بالقيء عند اقتراب الزوج.
إن نفحة من الروائح العبقة تساعد على افراز الهرمونات التي تجعلنا أكثر سعادة وتؤثر على طبيعة الشخص وتصرفاته.
وجدت الدراسات أن الروائح لها تأثير على ما نشتريه وكم ننفق علية, فالمشتريات تزداد عندما يزدان المحل برائحة عطرة وحتى في كازينوهات القمار تزداد المغامرة وصرف الأموال عندما ترش ماكينات القمار برائحة لطيفة.
إن لرائحة الورود تأثير في انخفاض ضغط الدم والتقليل من معدل التنفس والمساعدة في حالات الأرق وتعزيز الاسترخاء والخلود لنوم مريح وأحلام هادئة ورفع المزاج العام بالأشخاص الذين يعانون من اضطرابات النوم كما أن اللافندر يساعد في حالات القلق والإجهاد وآلام ما بعد الجراحة ويحسن الإنتاجية, فلقد وجد بإن الإنتاج يتحسن في المصانع اليابانية بعد رش رائحة اللافندر أثناء فترات راحة العمال. وكذلك رائحة القهوة والفانيليا لهما تأثير مهدئ.
كما تعتبر الروائح محفزات قوية جداّ للذاكرة، فقد تستخدم في العلاج وللمساعدة في استعادة الذكريات المفقودة. فالذكريات الناجمة عن الروائح تميل إلى أن تكون أكثر وضوحا وأكثر كثافة وأكثر عاطفية كما نجد أن أول ما يفقده المصاب بداء الرعاش والخرف هو حاسة الشم.
ويمكن استخدام الروائح لتشخيص بعض المشاكل دون الحاجة للنظر، مثلاّ يتم التعرف على العفن وتسرب الغاز من روائحها.
يعتبر فقد حاسة الشم عاملاّ مهدد لحياة الانسان وما هو دال على ذلك فإن أول أكسيد الكربون يؤدي إلى الوفاة الحتمية بسبب عدم وجود رائحة له.
بروفيسور فيصل عبداللطيف الناصر
رئيس قسم طب الأسرة و المجتمع جامعة الخليج العربي
العدد 4919 - الأربعاء 24 فبراير 2016م الموافق 16 جمادى الأولى 1437هـ