التوتر والقلق حالاتان طبيعيتان يمر بهما الإنسان في شتى الأوقات ولأسباب مختلفة، مثل ضغوطات العمل، الخلافات العائلية، المدرسة، وغيرها. ثم يتجاوز هذه الفترات القصيرة ويمضي في حياته، منتصراً على مسبب الحالة. ولكن، ماذا يحدث إذا عاشر التوتر دماغ الانسان ومكث فيه؟!

للإجابة على هذا السؤال نستعرض بحثاً علمياً تحليلياً جديداً يحذر من مخاطر التوتر المزمن وتأثيره الفيسيولوجي على الإنسان، حيث يدعو البحث على ضرورة إيجاد طرق للتغلب وتخفيف التوتر المزمن، حتى لا يتحول إلى الإصابة بالإكتئاب والخرف.

نُشِر البحث في شهر يناير/كانون الثاني من هذا العام في دورية «

“Current Opinion in Psychiatry المتخصصة في الآراء الحديثة في مجال علم النفس. تم اعداد البحث بقيادة معهد روتمان للأبحاث داخل مستشفى بايكريست للعلوم الصحية، وركز على مناطق محددة في الدماغ تتأثر بهذه الحالات ( القلق، الإجهاد، والتوتر) وبالتحديد استعان المعدين بأبحاث سبق نشرها تخص الإنسان والحيوان.

استنتج البحث وجود تداخل مكثف في المناطق العصبية في الدماغ في الحالات الثلاث، و يعطي ذلك تفسيراً للعلاقة بين الإجهاد المزمن والإصابة بالأمراض النفسية، مثل الإكتئاب ومرض الزهايمر.

يشن الإجهاد النفسي الدائم (التوتر والقلق) حرباً على أنظمة الجسم، مثل الأيض، والجهاز الدوري، وجهاز المناعة. بعدها يسبب الزيادة ضموراّ في منطقة الحصين في الدماغ، والذي يعتبر في غاية الأهمية لتكوين الذكريات الطويلة الأمد وللتنقل المكاني.

قالت الدكتورة ليندا ماه، المُعِدة الرئيسية للبحث، والتي تعمل برتبة طبيبة عالمة في معهد روتمان، وأيضاً كبروفيسور مساعد للطب النفسي بجامعة تورنتو:» القلق المرضي والتوتر المزمن يتزامن مع الخلل والضمور الهيكلي لمنطقة الحصين والقشرة الأمامية الجبهية، وهو ما قد يفسر زيادة احتمالية الإصابة بالأمراض العصبية - النفسية، بما في ذلك الإكتئاب والخرف.»

يحمل البحث في آخره ذرة تفاؤل، حيث تختم الدكتورة بالتذكير إن أضرار القلق المزمن بعضها قابل للتحسن، عن طريق التعالج من الإكتئاب وممارسة الرياضة.