هل تجد وظيفتك الحالية مُرهِقة، مُتعِبة ومُجهِدة؟ هل تُشعِركَ بالضيق والضجر والرتابة والملل؟ وهل دفعكَ التفكير يوماً لترك وظيفتك «الصعبة» للحصول على أخرى «سهلة»؟؟ وهل تحسبها التجربة الأكثر شقاءاً على الإطلاق؟ أو هل تراءى لك الوجود «أجمل» بدونها؟! أم أنكَ تخال نفسك الأوفر حظاً لكونها وظيفة من نصيبك؟!، إليك إذن حكاية الدكتور Gary Kobinger عالم الأحياء الدقيقة الكندي والذي في سبيل عمله قد أقدم على التجربة الأكثر مجازفة، حيث قام بحقن نفسه بالإيبولا ليجرب فعالية لقاح يحارب ويتصدى للفيروس تم تصنيعه داخل معمله المختبري.
حكاية د.غاري هي حكاية عن الإنسانية، عن التضحية بالنفس من أجل الإيمان بالعمل ... حكاية مهنة وضعت صاحبها على حد الموت فأضحت بعدها طوق نجاة للملايين.
إيبولا .. ستة حروفٍ أثارت في النفوس الذعر وأسكنتها الرهبة، حروفٌ كَبُرَ هاجسها وباتت كَشبحٍ يطارد القلوب والعقول!
منتصف تشرين الثاني من العام 2015، عند مرج بلدة مانيتوبا الأخضر وتحديداً حيث يقبع المختبر الكندي الوطني للأحياء الدقيقة، يُقدِمُ د. غاري على أعظم بل أخطر تجاربه المختبرية بعد حولٍ كاملٍ من التدريب. في غرفة محكمة بزجاج مضاد للرصاص يُجدد هواؤها بمعدل 15 مرة في الساعة، وبدلة بطبقات حماية مزودة بالأكسجين بدا فيها كرجل فضاء يسبر أغوار المجهول، أُعلِنت إشارة البدء. انطلق غاري في مهمته يحذوه أمل نجاح عشر سنوات من العمل المضني اكتنفتها لحظات من الفشل توالتها ساعات من اقتراب تحقيق الحلم.
الدواء المستحضر ضد الإيبولا والذي أُطلق عليه اسم ZMapp، تمت تجربته على القردة دونما الإنسان، مما يجعل استخدامه الآدمي غير مشروع. هُنا وفي سبيل عمله قرر د. غاري أن يضحي بحياته بإن يحقن نفسه بفيروس الإيبولا ليتجرِّع بعدها الدواء المجرب.
تحضيرالــ ZMapp المستخلص من أوراق نبات التبغ عملية ليست بالمريحة البتة، إذ تتطلب 6 أسابيع مكتملة لإتمامها! أولا تتم زراعة نبات التبغ لمدة 24 يوماً، تُنقع بعدها الأوراق في سائل يحتوي على جين محفز لإنتاج الأجسام المضادة المحاربة لفيروس الإيبولا. الــ ZMapp وباعتباره نتاج لإتحاد 3 أنواع متباينة من الأجسام المضادة، فإن العملية تُكرر وجوباً 3 مرات بمساعدة 6000 طن من أوراق نبات التبغ لانتاج جرعات تكفي العشرات من المصابين فقط ! 6000 طن لعلاج عشرات المصابين من بين ما مجموعه 9000 مصاباً .. وكأنك تطفئ حرائق الغابة بقارورة ماء.
نجا غاري، وتحققت نبوءته، فقد عرف اليقينُ مساره .. عرف إنه لا يهم كم كنتَ بطيئاً في التقدم طالما إنك لا تتوقف عن صنع بدايات جديدة.
1000 جرعة ناجعة بحسب منظمة الصحة العالمية في طريقها إلى أفريقيا الغربية .. إلى بلدان أنهكها الألم والفقر والمرض، بلدان لم تخلو بعد من مساحات الأمل والحلم والأماني.
عزيزي،،،
تعلم أن تقع في الحب .. أن تحب عملكَ ..
وتذكر قول جبران خليل جبران: «أجل، إن العمل هو الصورة الظاهرة للمحبة الكاملة، فإذا لم تقدر أن تشتغل بمحبة وكنت ضجراً ملولاً، فالأجدر بك أن تترك عملك، لأنك إذا خبزت خبزاً وأنت لا تجد لك لذّة في عملك، فإنما أنت تخبز علقماً لا يُشبع سوى نصف مجاعة الإنسان...».
العدد 4919 - الأربعاء 24 فبراير 2016م الموافق 16 جمادى الأولى 1437هـ
مقال رائع زميلتي، سلمت أناملك
OK ashwaq
although environment is tough to let u love u r work but will give it a try
safa