دخلت المساعدات المالية التي يقدمها الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) إلى الاتحادات الـ 209 الأعضاء عبر العالم في المزايدات الانتخابية للمرشحين، في وقت تمر فيه المنظمة الكروية الأهم، ليس في أخطر أزمة عرفتها منذ تأسيسها قبل أكثر من قرن وحسب، بل أيضا في ظروف مالية صعبة.
وأظهرت البيانات المالية للفيفا في العام الماضي عجزا ينذر بدخول هذه المنظمة في نفق صعب مع مرور الوقت في حال لم تستعد توازنها وهيبتها وثقة الشركات الراعية التي انسحبت تباعا من ضخ الملايين بعد فضائح الفساد التي ضربتها قبل أقل من عام.
ويقدم الفيفا مبلغ 250 ألف دولار سنويا إلى كل اتحاد وطني، كما كان يساهم عبر مشروع الهدف ببناء مقرات لهذه الاتحادات وتأمين احتياجاتها من المعدات والأجهزة الرياضية.
لكن مرشح الاتحاد الأوروبي، السويسري جاني إنفانتينو، الذي حل في اليوم الأخير قبل إقفال فترة الترشيحات مكان رئيس الاتحاد القاري الموقوف الفرنسي ميشال بلاتيني، رفع السقف عاليا، إذ أطلق وعودا بمنح كل اتحاد وطني مبلغا يصل إلى خمسة ملايين دولار كل أربع سنوات في حال انتخب رئيسا.
وإذا كان إنفانتينو سعى من خلال وعوده هذه إلى استقطاب مزيد من الاتحادات في حملته لخلافة مواطنه جوزيف بلاتر الموقوف أيضا في رئاسة الفيفا، فإنه واجه انتقادات كثيرة خصوصا من أبرز منافسيه على الرئاسة، رئيس الاتحاد الآسيوي الشيخ سلمان بن إبراهيم، وأيضا من مرشح أوروبي آخر لا يملك حظوظا وفق موازين القوى الحالية في الجمعية العمومية هو الفرنسي جيروم شامباني.
التفريق بين الواقع والوعود
تحدث الشيخ سلمان بن إبراهيم في مقابلة سابقة مع "فرانس برس" عن المساعدات المالية والوعود التي أطلقها إنفانتينو من دون أن يسميه، واعتبر أن الفيفا قد يصل إلى حالة الإفلاس في حال تحقق ذلك.
ورفض رئيس الاتحاد الآسيوي ما طرحه مرشحون آخرون بزيادة كبيرة للمساعدات المالية التي يقدمها الفيفا إلى الاتحادات الأعضاء، مؤكداً "احتمال الوصول إلى وضع مالي غير جيد لهذه المنظمة في هذا الحال خصوصاً أن بياناته المالية أظهرت عجزاً في الولاية الأخيرة".
واقترح "دعم الاتحادات المحتاجة أكثر في مختلف القارات وأن تكون المساعدات منطقية"، مشيراً إلى أنه "يجب التفريق بين الواقع المالي للفيفا وبين الوعود الانتخابية".
مقترحات خطيرة
حتى إن شامباني نفسه وعلى رغم أنه لا يشكل خطورة على المرشحين الأبرز في الانتخابات وهما الشيخ سلمان وإنفانتينو، فانه دعا إلى التنبه من هذه الوعود الكبيرة غير المنطقية.
ويلم شامباني بإمكانات الفيفا كونه عمل لسنوات مساعدا للامين العام وينظر إليه كأحد المقربين من بلاتر، وهو يعرف بطبيعة الحال إن تقديم خمسة ملايين دولار لكل اتحاد على مدى أربع سنوات سيعرض الفيفا إلى عجز مالي.
وقال شامباني في تصريحات صحافية "إن مقترحات إنفانتينو مغرية على الورق، ولكنها في الواقع تشكل خطرا جدا".
وتابع "الفيفا يمر حاليا بفترة صعبة جدا مع عجز يقدر بنحو 100 مليون دولار في العام 2015، والعديد من العقود مع الشركات الراعية لم توقع حتى الآن، وهناك احتمال أن يصل العجز إلى 600 مليون دولار حتى العام 2018".
وسخر المرشح الفرنسي من منافسه قائلا "يبدو من المضحك تقديم وعود تصل إلى مليار دولار لأهداف سياسية وانتخابية، خصوصا بعد انتقاد بلاتر لسنوات على أساس تلقيه الأصوات مقابل برامج التطوير التي كان يقدمها للاتحادات".
وأشار في المقابل إلى أن "الأمر يتطلب خفض التكاليف الإدارية حتى تتضح الروية بشأن المستقبل المالي للفيفا".
ووعد إنفانتينو أيضا بتقديم مبلغ 50 مليون دولار إلى كل اتحاد قاري (ستة اتحادات) في الفترة الزمنية ذاتها.
ثلاثة أيام فقط تفصل عن موعد الانتخابات، وسيكون أمام أعضاء الجمعية العمومية تحديد ما إذا كانت هذه الوعود الانتخابية قابلة للتطبيق أم أنها وسيلة لجذب الأصوات في وقت اعتمد مرشحون آخرون على الواقعية في التعامل مع الأمور المالية لإمبراطورية الفيفا.
ويتنافس في انتخابات الفيفا التي تجري في أجواء استثنائية جدا خمسة مرشحين هم فضلا عن إنفانتينو والشيخ سلمان وشامباني، الأردني الأمير علي بن الحسين والجنوب إفريقي طوكيو سيكسويل.
ويمر الفيفا بأسوأ أزمة في تاريخه مع توالي فضائح الفساد وتبييض الأموال التي أدت إلى إيقاف واعتقال واتهام نحو 40 مسئولا كرويا معظمهم أن لم يكن جميعهم يمثلون أميركا الجنوبية ومنطقة الكونكاكاف، ومنهم نواب لرئيس الفيفا.