العدد 4917 - الإثنين 22 فبراير 2016م الموافق 14 جمادى الأولى 1437هـ

مستقبل أسر بحرينية على حافة الانهيار والانزلاق إلى المجهول

بحارة يتحدثون إلى «الوسط» أمس     -      تصوير : عيسى إبراهيم
بحارة يتحدثون إلى «الوسط» أمس - تصوير : عيسى إبراهيم

رأوا بقلوبهم جمالاً يملأ الآفاق، فغمرتهم مشاعر التفاؤل بمستقبل مشرق لأبنائهم، وآمنوا بأن كل يوم يأتي سيكون أجمل من اليوم الذي يمضي.

هذا التفاؤل والأمل جعلهم يرون ركوب الأمواج الهائجة حياة، والعمل الشاق راحة، والعرق على جبينهم، نبع ماء يروي مستقبل أبنائهم.

كلما كبر أبناؤهم، وتفوقوا في دراستهم، كلما اشتعلت نار الإرادة لمواجهة أعتى الصعاب وأقوى تحديات البحر، فكان مصيرهم على حافة الانهيار، ومستقبل أبنائها ينزلق نحو المجهول بسبب قرار طبق في ليلة وضحاها، عليهم ولا يعرفون من أصدره.

إنهم بحارة فقدوا مستقبلهم عندما كانوا صغاراً، ولكنهم عزموا على بناء مستقبل لأبنائهم، فخاضوا البحر لتوفير لقمة العيش وتأمين الحياة لأبنائهم، ومساعدتهم على بناء مستقبل مشرق.

تجمعوا يوم أمس أمام إدارة خفر السواحل، ثم تجمعوا أمام إدارة الثروة السمكية، يطلبون توضيحاً بخصوص قرار لا يعرفون من أصدره، ولا إدارة أخبرتهم بأنها تقف وراءه. قرار تأثيراته تطول إلى أرزاقهم ويحد من قدرتهم على توفير لقمة العيش وبناء مستقبل أبنائهم.

اتصل البحارة لـ «الوسط» يطلبون تغطية لتجمعهم أمام إدارة الثروة السمكية بهدف إيصال رسالتهم إلى أربع جهات مسئولة، وهي: إدارة خفر السواحل، إدارة الثروة السمكية، وزارة العمل وهيئة تنظيم سوق العمل. فاستمعت «الوسط» إلى رواياتهم وقصصهم، وحياتهم الأسرية.

فيسرد الصياد علي يتيم قصته: «أحبك أبي» كلمة تذوب حروفها في قلبي، عندما أعود من البحر، وأسمعها من ابنتي التي تدرس في الجامعة سنة ثانية، فيزول الهم، ويختفي التعب، وأشعر بسعادة غامرة.

أملي كبير بها، أن تتخرج وتبني مستقبلاً سعيداً، سأبذل كل جهد لتحقيق هذا الحلم، الذي راودني منذ أول يوم ولدت فيه، وهاهي تكبر يوماً بعد يوم، ويكاد الحلم يتحقق.

ولكني اليوم خائف على مستقبل ابنتي، فلا أعرف هل سأكون قادراً على توفير احتياجاتهم للدراسة الجامعية؟ بعد تطبيق إدارة خفر السواحل قراراً مفاجئاً لم يتم إخبارنا حتى الآن من أصدره.

وهو قرار بسحب بطاقات (رخص رسمية) للبحرينيين الذين يساعدون أو يعملون مع مالك القارب، وهذا القرار يحرم الابن من مساعدة أبيه في أيام العطل، ويمنع الأخ من مساعدة أخيه، ويمنع الصديق من مساعدة صديقه.

فتحدث عاشور محمد تقي وهو صياد رجل كبير في السن موضحاً تأثير القرار بقوله: «أنا بحار منذ عرفت الحياة، أحببت البحر لأنه مصدر لقمة العيش، والمكان الوحيد الذي من خلاله أستطيع مساعدة أبنائي على بناء مستقبل لهم، الحمد لله، الآن أحد أبنائي يدرس في إحدى جامعات الهند، ولدي ابنان في المدرسة وأنا فخور بهم».

وتابع «اليوم أنا كبير في السن، وأبنائي عندما يكونون في إجازة، يساعدوني، فصدر قرار بأن أي بحريني يدخل البحر، يجب أن يحصل على رخصة (بطاقة مكتوب عليها بحار غير متفرغ)... فأبنائي أصدروا لهم بطاقات حتى يتمكنوا من مساعدتي في أيام العطل.

ولكن يوم الأربعاء الماضي، في ليلة وضحاها، صدر قرار بسحب هذه البطاقات، ومنع أي بحريني الدخول من مالك القارب. وهذا القرار يحرم أبنائي من مساعدتي، وأنا كبير في السن أحتاج لمساعدة عند دخول البحر، ومن يريد الدليل فهذا العكاز الذي أتوكأ عليه أبلغ برهان.

وهذا القرار جعل أبنائي في خيارين صعبين: أما أن يتركوني وحدي في البحر، وأنا لن أستطيع أن أتحمل بسبب سني وبالتالي تراجع قدرتي على تمويل دراستهم، والخيار الآخر مظلم، وهو أن يتركوا الدراسة ودخول سوق العمل لتوفير لقمة العيش فيضيع مستقبلهم في لحظة، فكل هذا البناء الذي شيد لسنوات طويلة سيهدم في لحظات.

وكل ما التمسه من المسئولين هو إعادة النظر، ودراسة تأثير أي قرار قبل تطبيقه، مع إيجاد حلول وبدائل. لأن الأمر قد يتعلق بلقمة عيش، أو مستقبل عائلة.

وأوجه خطابي إلى المسئولين في وزارة العمل وإدارة خفر السواحل وإدارة الثروة السمكية، وأقول لهم: «أتمنى لكم كل الخير، وأن أراكم في أفضل حال، وأن تنجحوا في أداء مسئولياتكم وخدمة الوطن، وتترقوا في مناصبكم... ولكني أرجو منكم النظر بعين إنسانية إلى الصيادين، وإعادة النظر في القرار، فهو يؤثر على لقمة العيش ومستقبل أسر وعوائل».

من جهته، سرد الصياد عبدالإله عبدالكريم قصته مع القرار الجديد قائلاً: «في الصباح الباكر يوم الخميس، سجلت في مرفأ سترة لدى خفر السواحل لدخول البحر، وفي وسط البحر عند الساعة السابعة والنصف صباحاً، جاءت دورية تابعة لخفر السواحل، فطلبوا البطاقات، ولم يتركونا أو يخبرونا بأي شيء لمدة ساعة نصف، ثم قلت لهم هل هناك شيء؟ فلم يجيبوا؟ ثم طلبوا منا أن نتبعهم إلى نقطة إدارة خفر السواحل في المحرق، وعندما سألناهم لماذا وما المشكلة، فقالوا ستعرف هناك.

أخذونا إلى المحرق، وهناك سحبوا البطاقات، وأوقفوا القارب، ولم يخبرونا لماذا، وكان جوابهم فقط، راجع إدارة خفر السواحل في سترة.

في اليوم الثاني، ذهبت إلى خفر السواحل بسترة، فقالوا، إن هناك قرار بسحب البطاقات المكتوب عليها (بحار غير متفرغ) وهي بطاقات تصدر إلى الأشخاص الذين يساعدون مالك القارب أو البحار المحترف في صيد السمك.

فالبحار المحترف الذي يكون مصدر رزقه صيد السمك، يحتاج إلى عمال، فإذا أرد من ابنه أو أخيه أن يساعده في يوم العطلة، فيطلب منه إصدار بطاقات لهم تحمل اسم (بحار غير متفرغ).

ومع القرار الجديد بسحب البطاقات، فالصياد المحترف سيفقد مساعدة ابنه أو أخيه أو صديقه، أو العاطلين من أبناء قريته الذين يجدون فرصة لتوفير لقمة العيش حتى يجدوا وظيفة في القطاع الخاص أو العام.

وأنا الآن لا أستطيع دخول البحر، فمن غير المعقول أن أدخل وحدي إلى البحر، أنا أعتمد على البحر في توفير لقمة العيش، وأحتاج إلى من يساعدني من أصدقائي العاطلين عن العمل، وهم بذلك يستفيدون في سد الفراغ إلى أن يجدوا وظيفة.

وعن الجهة المسئولة عن القرار، قال: «إلى الآن لم نعرف من هي الجهة المسئولة، إدارة خفر السواحل طبقت القرار، وإدارة خفر السواحل هي جهة رقابية تنفيذية، وهي تنفي أن تكون خلف القرار، ولكن هذا القرار لا يخرج عن الجهات المسئولة عن تنظيم صيد السمك، وهي إدارة الثروة السمكية وإدارة خفر السواحل، ووزارة العمل وهيئة تنظيم سوق العمل».

وأضاف «أتمنى من الجهات المعنية إعادة النظر في القرار، وإعادة صياغته بما لا يؤثر على مستقبل العوائل، وبما يتماشى مع الغاية من وجود الجهات والإدارات».

وتابع «الغاية من إيجاد إدارة للثروة السمكية وإدارة خفر السواحل ووزارة العمل هو تنظيم الصيد بما يساعد الصيادين على بناء حياة سعيدة ضمن غاية أسمى وهي بناء وطن جميل يشعر كل من فيه بالسعادة».

وذكر أنه المسئول الوحيد عن إعالة أسرته، أمه وزوجته وإخوانه وأخواته، بعد وفاة والده.

ودعا الجهات المعنية إلى فترة سماح، إلى حين إعادة النظر، بدل من التطبيق المفاجئ للقرارات المؤثرة على مستقبل أبناء الصيادين.

العدد 4917 - الإثنين 22 فبراير 2016م الموافق 14 جمادى الأولى 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 11 | 5:06 ص

      هؤلاء معظمهم متقاعدين ...تعرف شنو المشكلة الا كل الا في البلد مو فاهمينها ان الاسعار ورتفعها في حال عدم قدرة المستهلك الحصول عليها ويش اصير تتكسد عند التاجر وفي هذا الحال = انهيار لأن مستهلك لا يستطيع امتلك السلع وهذا الوضع يسبب الخسارة على كافة البلاد في القريب العاجل

    • زائر 10 | 3:53 ص

      من المفترض من البحارة و الجزازيف ان يعلنو اضراب عاام لشل الاسواق لمدة معينة .. منذ سنين ونحن نطالب بهذا الاضراب ولكن لا حياة لمن تنادي .. الكل يرى مصلحته فقط وليس مصلحة الجميع

    • زائر 9 | 3:35 ص

      .....

      كل هذه القوانين الغير مبررة و تضييق على المواطن من كل الجهات و الناس في سبات . نامي يا جياع الشعب نامي

    • زائر 7 | 2:41 ص

      حسبي الله و نعم الوكيل

      ارحمونا عاد ضاقت ابنا الارض

    • زائر 5 | 1:29 ص

      ..

      و القهر انه يطلعون لك ناس المواطن و المواطن .. خلنا ساكتين

    • زائر 4 | 1:04 ص

      ارحموا من في الارض

      لا حول ولا قوة الا بالله
      ارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء

    • زائر 2 | 11:52 م

      عجيب

      كنت أتوقع قرارا لتقلص العمالة الأجنبية، لكنني تفاجأت أن القرار يزيد العمالة الأجنبية ويقصي البحريني من رزق البحر أو ممارسة هوايته ومساعدة الأقربين، فكل صياد سيجلب كم أجنبي لدخول البحر.

    • زائر 1 | 9:30 م

      شي غريب

      الله يستر البحرين تذهب الى عالم غريب ومجهول بسبب كل تلك القوانين الجائره والمجحفه واخذ القرارات الغير مدروسه

    • زائر 13 زائر 1 | 7:10 ص

      مانقول

      إلا حسبي الله ونعم الوكيل قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق

اقرأ ايضاً