لم تتوقف مشاكل المراكز البحثية في مصر على انخفاض الميزانيات المخصصة لها ولا البيروقراطية الحكومية التي تعطل أبحاثها بحجة أن اللوائح والقوانين لا تسمح بذلك، بل امتدت إلى التعتيم على الأبحاث التطبيقية، التي تسعى لحل المشاكل المجتمعية والمساهمة في التنمية، ومن أبرزها المركز القومي لبحوث المياه التابع لوزارة الموارد المائية والري، فقد وصفه وزير الري حسام مغازي بأنه جامعة الوزارة التي تعد أهم عامل مساعد في اتخاذ القرارات، وفق ما قال موقع "البيدل" الإلكتروني اليوم الاثنين (22 فبراير / شباط 2016).
قالت مديرة معهد بحوث الموارد المائية كريمة عطي، إن المعهد يقوم بإعداد الدراسات الهيدروجيولوجية والهيدرولوجية لحساب كميات مياه الأمطار والسيول التي يمكن حصادها؛ لضخها في مجالات التنمية، مؤكدة أن المعهد قام بالعديد من الدراسات بمحافظتي شمال وجنوب سيناء من أجل المساهمة في تنميتهما، والحفاظ على المنشآت السياحية والاستثمارية، كما حدث في مدينة طابا، فتم إعداد دراسات حماية من أخطار السيول، متمثلة في إقامة حواجز وسدود وبحيرات تصل تكلفتها إلى 50 مليون جنيه، بغرض منع تكرار ما سبق في عام 2013، عندما تعرضت المدينة لسيول وخسائر، مما كلف الدولة 800 مليون جنيه خلال ثماني ساعات.
وأوضحت عطية، أن المشاركة في مشروع حصاد أمطار بجنوب سيناء «سانت كاترين – نويبع – وادي فران»، وذلك من خلال إقامة بحيرات جبلية يتم تنفيذها بمشاركة المنظمة العربية للتنمية الز راعية، وتم الانتهاء من 68 بحيرة من إجمالي101، وتصل السعة التخزينية لكلا منها 1000 متر مكعب مياه سنويا، وهي تكفي سد احتياجات أسرتين سواء لشرب أو الزراعة.
وتابعت عطية، برغم الأمطار التي تسقط على الحضر، فالتحكم بتصريفها من شأن وزارة الإسكان من خلال شيكات تصريف مياه، إلا أن المعهد يساعد في إنشاء مخرات للسيول، للتغلب على تراكم الأمطار في الطرق العامة والاستفادة من تلك المياه، مشيرا إلى أن المعهد قد انتهى بالفعل من إعداد أطلس سيول لكل محافظة.
وفي نفس السياق، قال مدير معهد بحوث النيل مدحت عزيز ، إن المهام الرئيسية للمعهد هو رصد وتقدير الترسيب في بحيرة السد العالي وتأثير ذلك على كفاءة التخزين وتشغيل السد العالي، بجانب دراسة الخواص الرسوبية لنهر النيل وتغير نظامه والتقييم والتنبؤ بتأثير التغيرات الرسوبية الهيدرولوجية على المنشآت بالنيل، بالإضافة إلى تجهيز الدراسات والمشروعات التي تتطلبها الحماية والتنمية، متضمنة التأثيرات الاقتصادية والبيئية والاجتماعية بهدف تحسين الأراضي داخل حدود حرم النهر.
وأضاف عزيز، أن جسور نهر النيل تتعرض إلي انهيارات وتآكل بالعديد من المواقع على طول النهر، مما يؤثر على تشغيل محطات المياه والنقل النهري والأراضي الزراعية والمراسي والوجهات النهرية، ولذلك تجرى دراسات للحفاظ على ممتلكات الدولة والمواطنين من الأراضي الزراعية لتقليل تأثير النهر والترسيب على طوله، مما يؤثر إيجابياً على الحركة السياحية.
وأوضح عزيز، أن المعهد يقوم بعدة مشاريع لرصد ومراقبة التلوث بالمجاري المائية وبحيرة السد؛ بهدف حماية المياه من التلوث وتوفير الأموال الخاصة للعلاج من الآثار السلبية للتلوث، وتوفير بيئة صحية آمنه للمواطن بطول مجرى النهر، بجانب إجراء دراسة حركة الرسوبيات ببحيرة ناصر، لما تتعرض له من فقدان جزء من سعتها التخزينية؛ نتيجة حجز السد العالي معظم الرواسب القادمة من أعالي النيل، ومراقبة التخزين بالبحيرة لرصد التغيرات الحادثة فيها وتأثيرها على السعة الحالية، موضحًا ان هناك دراسات خاصة لتقدير فقدان البخر من السد العالي البالغة 10 مليار متر مكعب، وإمكانية تخفيضها.
ومن جانبه قال، مدير معهد بحوث المياه الجوفية أكرم فكري، أن التعرف على أماكن المياه الجوفية في مصر ومدى استدامتها لم يرتبط بالمشروع القومي لاستصلاح الـ4 مليون فدان، مشيرا إلى أن المعهد يعمل منذ انشاؤه عام 1975 على استكشاف مناطق المياه الجوفية في مصر.
وأكد فكري، وجود ستة أحواض للمياه الجوفية في مصر، منها حوض الحجر الرملي النوبي، والذي يشغل 30 % من المساحة، ويختفي تحت تكوينات الحجر الجيري في الجزء الشمالي من الصحراء الغربية وبعض أجزاء شبه جزيرة سيناء ويمتد الحوض إلى حدود السودان جنوبا وليبيا غربا، أما حوض الحجر الجيري فهو يغطي 50% من مساحة مصر شمال الصحراء الغربية وبعض الأجزاء الشرقية ووسط شبه جزيرة سيناء، وهو غير مستكشف إلا في بعض المناطق التي تظهر بها الكهوف بغرب المنيا، وبالفعل تم حفر 6 آبار إختبارية إنتاجية، أما حوض المغرة لا يتعدى مساحته الـ 2000 كم غرب الدلتا وجنوب منخفض القطارة ويمتد حتى غرب الفيوم وشمال الواحات البحرية، الاحواض الساحلية تمتد على ساحل البحر الأبيض غرب مدينة الإسكندرية، والأحواض الممتدة بشمال سيناء وعلى امتداد سواحل مصر على البحر الأحمر، أما حوض نهر النيل وهو لا يغطي سوى 4% من مساحة مصر ويمتد من أسوان حتى البحر الأبيض المتوسط، وأخيرا حوض الصخور الصلدة المتشققة وهو يغطي معظم مساحة الصحراء الشرقية وجنوب سيناء.