ارتبط الكاتب العربي المصري الكبير محمد حسنين هيكل بإيران، عبر ثلاث مراحل من تاريخها السياسي الحديث، فكتب عن محمد مصدّق، وعن الشاه محمد رضا بهلوي، وعن الإمام الخميني.
أول كتابٍ ألّفه هيكل كان «إيران فوق بركان»، عن الصراع المرير الذي خاضه مصدق، ضد الشاه وحلفائه البريطانيين والأميركيين، لتأميم النفط واستعادة الثروة الوطنية، والذي انتهى بالانقلاب الذي قادته وكالة المخابرات المركزية الأميركية، والقبض على مصدّق والحكم عليه بالسجن، حيث عاش في ظروف قاسية بزنزانة رطبة تسببت بإصابته بالروماتيزم، ومات لاحقاً في الإقامة الجبرية العام 1967.
يروي هيكل قصة لقائه بالشاه لأول مرةٍ في 1951، في منزل شقيقته التوأم أشرف، التي توفيت في يناير/ كانون الثاني 2016، وكان لها تأثيرٌ كبيرٌ على أخيها منذ الصغر، حتى أن أباهما كان يقول إن الطبيعة أخطأت في بطن زوجته، فقد كان عليها أن تجعل أشرف هي الذكر ومحمد رضا هو الأنثى! ويروي هيكل أنها كانت متزوجة من شخص مصري يعرفه ونزل في بيته، دون أن يدري أن الشاه سيحضر لمقابلته، حيث كان حريصاً لإيصال رأيه للشعوب العربية التي اتخذت موقفاً معادياً له ومتعاطفاً مع مصدّق. وعلى مائدة الطعام أُحرِج هيكل لأنه لم يستسغ طعم الكافيار، فخلّصه الشاه بدعوته للذهاب إلى الحمام والتخلص مما علق بحلقه، وحين عاد قال له مخفِّفاً: «كلّ من جرّب الكافيار لأول مرة حصل له ما حصل لك». وفي اليوم التالي قابله الشاه في قصر المرمر، بحضور زوجته الثانية ثريا بعد زوجته المصرية الأولى فوزية أخت الملك فاروق، التي طلّقها لأنها لم تنجب له ولياً للعرش. وعموماً أوجز هيكل الحديث عن ذلك اللقاء الذي لم يشمل غير دفاع الشاه عن نفسه وسياساته.
في أعقاب هزيمة 67، سعى الشاه لتحسين العلاقات مع مصر، نتيجة التعاطف الكبير للشعب الإيراني مع العرب في هذه المحنة التاريخية، وتم تبادل الرسائل من خلاله بين الشاه وعبدالناصر، واعتذر هيكل عن قبول وسام من الشاه لدوره في هذا المجال. وفي 1975، دعاه الشاه لزيارة إيران، في ظل الحصار الذي فرضه السادات عليه ومنعه من الكتابة، إذ أعلن حينها أنه عدوه رقم 1.
حين وصل هيكل طهران في مايو/ أيار 1975، وجد الوضع الجديد مختلفاً كلياً عمّا كان قبل ربع قرن، حين وقف الشاه يخاطب ضابط الـ «سي آي ايه» كيرميت روزفلت بعد إعادته للعرش: «إنني مدين لله ولجيشي ولشعبي وللولايات المتحدة ولك»! فالطفرة النفطية غيّرت أوضاع إيران وغيّرت نفسية الشاه أيضاً، الذي أخذ يتشبه بنابليون، وأطلق يد السافاك للفتك بالمعارضين.
في هذه الزيارة استقبله وزير إعلام الشاه، وخرج من مطار مهراباد في موكب رسمي دون إجراءات جمارك، وتقدّمته سيارات المرسيدس ودراجات الشرطة، فقد كان ضيفاً على الشاه. وشعر هيكل بالخجل حين كانت تطلق سيارات الشرطة المرافقة أبواقها مع صيحات بكلمات عربية مفهومة: «توقف كن»، لتتنحى السيارات عن طريق الموكب ويعبر الزحام. والتقى رئيس الوزراء ووزير الخارجية في اليوم الثاني، ووزير البترول والداخلية في اليوم الثالث، وحضر دعوة غداء أقيمت على شرف نائب الرئيس العراقي صدام حسين الذي وقّع الاتفاق يومها مع الشاه. وفي اليوم الرابع زار داري «اطلاعات» و»كيهان»، أما بقية طلبات هيكل بزيارة جامعة طهران، واللقاء برئيس السافاك نصيري وقائد حرس الشاه، وزعماء المعارضة الوطنية، فلم تتحقق. وحين قابل الشاه آريامهر (نور الجنس الآري) أدرك من اللحظة الأولى أن الشاه هو صاحب الكلمة العليا التي لا ترد.
استقبله الشاه في قصر نيافاران، وبادره بالقول ملمحاً إلى كتابه: «لم نعد فوق بركان. قل لي عن انطباعاتك الآن»، فأجابه بأنه يحتاج لفترة أطول ليستوعب المشهد كله. وفي الحديث انتقد الشاه استمرار «بعض الجهات في دعم عوائل قيادات حركة مصدّق في أصفهان»، وكان يلمح إلى دفع جمال عبدالناصر مخصّصات مالية لأسر الرموز في حركات التحرر الوطني (أحدهم فاطمي وزير داخلية مصدق الذي ترك أرملةً وأطفالاً بعد مقتله). وسأله هيكل عن برامج تسلح إيران، ومحاربتها لثورة ظفار، ودعمه لمصطفى البارزاني.
هذه التفاصيل يذكرها هيكل في أحد فصول كتابه «زيارة جديدة للتاريخ»، تحت عنوان «محمد رضا بهلوي: عرش الطاووس والدروس المنسية»، ويبدأه بعبارة «يثير استغرابي بيني وبين نفسي أنني ما زلت حتى هذه اللحظة حائراً في تحديد مشاعري تجاه شاه إيران السابق وأظنه الأخير». كان ذلك بعد مرور 34 عاماً من مقابلته الأولى له العام 1951، ويضيف: «مازلت حائراً بعد مرور 10 سنوات على آخر مقابلة في 1975، جلست إليه لأكثر من 7 ساعات توزّعت على لقاءين في قصر نيافاران».
حين غادر هيكل طهران، ورغم كل ما شاهده وسمعه ورآه، من أبهة ومجد ومظاهر عظمة خلابة، كان قد ترسّخت لديه قناعته السابقة بأنه مازالت «إيران فوق بركان»... وهو ما تأكّد فعلاً بعد ثلاث سنوات!
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 4916 - الأحد 21 فبراير 2016م الموافق 13 جمادى الأولى 1437هـ
عملاق الفكر
إذا أردت أن تتعرف على التاريخ السياسي فعليك بهذه البوابة العملاقة هيكل.
ننتظر نعي رسمي
من المرجعية الشيعية في قم لهذا المصاب الجلل
الأميرة أشرف:::: وكان لها تأثيرٌ كبيرٌ على أخيها منذ الصغر، حتى أن أباهما كان يقول إن الطبيعة أخطأت في بطن زوجته، فقد كان عليها أن تجعل أشرف هي الذكر ومحمد رضا هو الأنثى!
يمدح السوق من ربح فيه
كان فعلاً عملاق
كان فعلاً عملاق
دعم عوائل قيادات حركة مصدّق في أصفهان»، وكان يلمح إلى دفع جمال عبدالناصر مخصّصات مالية لأسر الرموز في حركات التحرر الوطني (أحدهم فاطمي وزير داخلية مصدق الذي ترك أرملةً وأطفالاً بعد مقتله>>>> يعني لا أرحمك ولا أخلي الرحمة تنزل عليك.
رحمك الله يا هيكل الشرف
وقفت مع الحق ونصحت مخلصا وهوجمت من قبل متطفلين الصحافة بإيعاز من يملك القرار في طول تتدعي الديمقراطية وهي تخاف من إبراز الحقائق نام قرير العين وغفر الله لك متقدم ومتاخر من ذنوب فلقد كنت شريفا عفيفا
عملاق من عمالقة القومية العربية فعلا لذلك تكرهه بعض الدول التي تتبجح بعروبتها في الظاهر بينما تمارس دورا معكوسا في الخفاء
كان من العمالقة
إمتدحه
حقيقة
هالكاتب عظيم، ويظهر الحقائق كما هي، خصوصاً وانه عاصر جميع التحولات في المنطقة، وكان شاهد اثبات على عروبة شعب البحرين وحقه في مطالبه المشروعة