ككثير من الكيانات والحركات التي ازدهرت في زمن ما ثم خبت وزالت، كان الاتحاد الوطني لطلبة البحرين في الخارج أهم ما يمكن للمرء أن يستذكره بكثير من الشوق والحنين والكبرياء.
ظروف شتى ومؤامرات وحروب خفية وظاهرة ساهمت في تلاشي هذا الكيان الذي يمكن أن يعتبر بحق من أزهى وأجمل الحركات الوطنية والاجتماعية والثقافية في البحرين.
من عايش تجربة الاتحاد الوطني لطلبة البحرين في الخارج لا يمكن له إلا استذكار مرحلة من أنقى وأجمل ما مر به في حياته، ليس فقط لأن مرحلة الحياة الجامعية تعتبر في جميع المجتمعات مرحلة الشباب المفعم بالحيوية والنشاط والانفتاح على المجتمعات والثقافات الأخرى، ولكن لأن الاتحاد الطلابي كان بحد ذاته تجربة فريدة لا يمكن تخيلها إلا لمن ذاق حلاوة البراءة والصداقة والزمالة في أرقى أشكالها.
لم نكن نعرف التشطير المذهبي حينها، وكان الطالب ينظر للطالبة كأخت لا كأنثى وفي المقابل كانت الطالبات يتعاملن مع الطلبة كإخوة، كان أي فرع من فروع الاتحاد في مختلف دول العالم يعيش كأسرة واحدة دون حواجز أو عقد.
ورغم مرور السنوات الطوال منذ انتهاء فترة الحياة الجامعية لكن البذرة الطيبة لاتزال يانعة في قلوب الجميع مهما اختلفوا بعد ذلك في الأفكار والاتجاهات، فما زرع حينها من حب الوطن وأبنائه لا يمكن أن يمحى.
في بدايات السبعينات من القرن الماضي لم تكن هناك من الجامعات والمعاهد في داخل البحرين ما يستوعب الأعداد الهائلة من الخريجين من المدارس الثانوية لتكملة دراستهم الجامعية، ولذلك بادر الآلاف من الخريجين للالتحاق بالجامعات خارج البحرين، مما شكل تجمعات طلابية بحرينية في عواصم عربية وعالمية بعينها، حينها تم تشكيل روابط طلابية تهدف إلى مساعدة الطلبة البحرينيين من الناحية المعيشية والأكاديمية، هذه الروابط الطلابية ارتأت تشكيل اتحاد طلابي وطني يؤطر عملها النقابي، وبذلك تم الإعلان عن تشكيل الاتحاد الوطني لطلبة البحرين في الخارج بعد اجتماع 11 رابطة طلابية في العاصمة السورية دمشق في 25 فبراير/ شباط من العام 1972، ومنذ ذلك الحين اعتمد يوم 25 فبراير من كل عام يوم الطالب البحريني.
كان الثقل الطلابي في ذلك الحين متوزعاً بين عدة عواصم عربية وأجنبية من أهمها القاهرة والإسكندرية والكويت ودمشق وموسكو وكييف وبغداد وبيروت، وكان من أهم الأهداف التي سعى الاتحاد الوليد حينها لتقويتها هي العمل على تشكيل فرع للاتحاد في الداخل، والمطالبة بإطلاق الحريات الديمقراطية، وحرية تشكيل النقابات في البحرين، ونشر وتعميق الوعي النقابي، والعمل على تحقيق ممارسة الطلبة للأساليب الديمقراطية وتعويدهم العمل الجماعي.
خلال السنوات اللاحقة وحتى أواخر الثمانينات من القرن الماضي، كان الاتحاد الوطني لطلبة البحرين في الخارج يمر بمرحلة من ازدهار عاصف حتى وصل عدد الفروع المنتمية اليه إلى 16 فرعاً تضم الآلاف من الطلبة البحرينيين الدارسين في الخارج، ولم يقتصر الأمر على ذلك؛ بل كانت هناك العديد من المحاولات لتأسيس فرع الاتحاد في الداخل.
كان الاتحاد في ذلك الحين يعتبر الذراع الطلابية لحركات النضال في البحرين الذي تتنفس من خلاله، وخصوصاً خلال العطلة الصيفية حين يرجع الطلبة للوطن ليمارسوا أنشطتهم الشبه علنية، وذلك ما سنتطرق إليه في العمود اللاحق إضافة للمحاولات التي بذلها عدد من طلبة الداخل لتشكيل الفرع الأهم، والذي كان الهدف الصعب وربما المستحيل في ذلك الوقت... فرع الاتحاد الوطني لطلبة البحرين في الداخل.
إقرأ أيضا لـ "جميل المحاري"العدد 4915 - السبت 20 فبراير 2016م الموافق 12 جمادى الأولى 1437هـ
الاتحاد الوطني لطلبة البحرين كان صرح شامخ لتعاون أبناء الوطن وهكذا كان الأجداد والآباء زمن جميل لا أحد يعير أي اهتمام لمذهب الآخر أو فصله وأصله كانت الأخلاق والمعاملة هي السائدة وكانت المشاركة بين الشعب هي السائدة لهذا اللحمة الوطنية كانت في عزها بين الشعب