باتزان الوثوق بتجارب التاريخ، وبأعصاب هادئة، دعنا نطرح على أنفسنا الأسئلة الصحيحة، ونحاول الإجابة عليها، وذلك بمناسبة مرور خمس سنوات على حراكات الربيع العربي الكبرى المبهرة، ولتكن أسئلتنا وأجوبتنا متحررة كليّاً من أجواء شعارات الإثارة الإعلامية من مثل انتهاء الربيع العربي ليصبح خريفاً ذابلاً أو شتاء عاصفاً مدمراً.
وكذلك لتكن أسئلتنا وإجاباتنا متحررةً من أجواء التشفّي والغمز واللّمز المجوني الذي تمارسه كل أنواع القوى المضادَّة لشعارات وأهداف حراكات الربيع العربي، وذلك كله من أجل تنمية وترسيخ مشاعر الدونية والعجز والبلادة في نفس الإنسان العربي وفي العقلية الجمعية لأمّة العرب.
لنسأل، هل أن مشهد الملايين الغاضبة في ساحات مدن العرب قبل خمس سنوات كان مسرحية أعمى يقود أعمى، وأطفالاً يتسلّون في الشوارع، أم أنه كان تعبيراً عن وعي شعبي تاريخي بالظلم والاستبداد والفساد والنهب الذي ميز حياة العرب عبر القرون؟ ألم يكن شعار الكرامة الإنسانية والحرية رفضاً للظلم والاستبداد، وشعار العدالة الاجتماعية رفضاً للفساد والنًّهب؟
وإذن، فالشعوب استجابت بنبل لشعارات واقعية نبيلة طرحتها قيادات شابة مناضلة نبيلة. وإذن أيضاً فالبدايات كانت صحيحة، والشعارات كانت صحيحة، والاستجابات كانت صحيحة. ولن تستطيع شعارات التضليل والغمز واللًمز والانتهازية تدنيس كل ما حدث آنذاك، ولا إطفاء نوره الذي سيضيء مسيرة الحاضر والمستقبل، طال الزمن أم قصر.
لنسأل أيضاً، هل أن ظواهر الأخطاء ونقاط الضعف والعثرات والانتكاسات المفجعة التي رافقت مسيرة حراكات الربيع العربي منذ بداياتها هي ظواهر تتميّز بها البيئة العربية، أم أنها ظواهر أصابت كل ثورات العالم لأسباب وبأشكال مختلفة؟
وإذا كانت ثورات وحركات الآخرين قد تعلّمت الدروس وصحَّحت مساراتها، ومن ثم نجحت بنسب متباينة بالطبع، فلماذا يطلب البعض من حراكات الربيع العربي أن تكون بلا أخطاء أو نواقص، وبالتالي متميزة وشاذة عن سائرالحراكات المماثلة لها في المجتمعات البشرية الأخرى؟
لنسأل أيضاً، هل أن مفاهيم الديمقراطية وسُبل الانتقال إليها، وهي بصورة مباشرة أو غير مباشرة، المطلب الأساسي لكل الحراكات التي اجتاحت الوطن العربي... هل كانت واضحة ولها خلفية فكرية، وتجارب ناضجة في تاريخ هذه الأمة، وفي ثقافتها السياسية والفقهية وفي علاقات مكوّناتها الاجتماعية؟ ألم يكن غياب تلك الخلفية التاريخية والثقافية عائقاً إضافيّاً وسبباً مؤكداً لما أصاب الحراكات العربية من تشويه، ومن اختطاف لها من قبل بعض الأحزاب والقيادات المتخلفة الجاهلة الانتهازية؟ الم يؤدّ ذلك إلى أن تصبح حراكات الربيع العربي مناسبة لاقتسام الغنائم وتوزيعها على أسس مذهبية أو عرقية أو قبائلية بدلاً من أن تكون مناسبة لبناء الدولة العربية الحديثة المحكومة بقيم العدل والمساواة في المواطنة وبأحكام الدساتير والقوانين المعبرة عن الحقوق الإنسانية؟
لنسأل ايضاً، هل واجهت ثورات العالم الأخرى، بالقدر نفسه من الضّخامة والتنوع والحقارة، ما واجهته حراكات الربيع العربي؟ هل واجهت كل الثورات الأخرى تآمراً هائلاً، تقوده على المستوى الدولي الآلة الأميركية – الصهيونية الأخطبوطية، تقويه العديد من الدول الإقليمية، تقحم نفسها في جحيمه وعبثتيه العديد من الأنظمة العربية، تؤجج صراعاته الطائفية السنية – الشيعية مؤسسات وقوى لا حصر لها ولا عد، ليمتزج كل ذلك بممارسات الرُّعب والذَّبح والسَّبي من قبل تحالف جهادي تكفيري عنفي عربي - إسلامي - دولي؟
فاذا أضيف إلى كل ذلك التوقُّف شبه التام، إلاَّ فيما ندر، لأيّ إصلاح معقول أثناء خمس السنوات، وذلك باسم التفرُّغ لمحاربة الإرهاب، ولإعطاء الأولوية القصوى للحلول الأمنيّة كرد لاختلاط حابل المطالب والحركات الشرعية بنابل المطالب والحركات غير الشرعية، وأضيف أيضاً الشّلل التام الذي أصاب الجامعة العربية ومؤسسة القمّة العربية... إذا أضيف كل ذلك أدركنا حجم الجحيم والجنون والتآمر الذي واجهته حركات الربيع العربي، وأدركنا أنه كان ربيعاً أريد له من قبل أعدائه أن يكون بلا هواء ولاغذاء ولاروح.
نسأل أيضاً، هل من الممكن أن تنتهي كل أو بعض حراكات الربيع العربي إلى الفشل التام وتنتهي حقبة تاريخية في حياة العرب إلى لا شيء؟ والجواب هو نعم، لكن من الممكن أيضاً وصولها أو وصول بعضها إلى نجاحات تاريخية مبهرة في تحقيق أهدافها الكبرى.
غير أنَّ الفشل والنجاح سيعتمدان على غياب أو توافر الإرادة الواعية الكفؤة عند من سيقودون وينظمون ويجيشون، وعند من سيساندون بالنضال والتضحيات، وحتى بالاستشهاد.
لن تستطيع قوة في الدنيا، خارجية أو داخلية أو كلتاهما، منع شعوب من أن تريد، إذا عرفت وفعّلت ما تريد من خلال إرادة لا تضعف أمام العواصف. وهذا رهان المستقبل الذي بدأ منذ خمس سنوات.
إقرأ أيضا لـ "علي محمد فخرو"العدد 4913 - الخميس 18 فبراير 2016م الموافق 10 جمادى الأولى 1437هـ
التدخل الخارجي لا يأتي إلا بالمصاءب على الشعوب الحل الصحيح من الداخل بوحدة الشعب
دكتور
نريد أن نعرف منك بشكل مباشر ....ماذا كان دور القوّة الإقليميه الكبري ( إيران ) في موسم الربيع العربي؟
هل كان دوراً مسانداً ومساعداً ، أم محرِّضاً ، أم إنتهازّياً أم قمعيّا ؟؟؟
ولكم الشكر
ربما لا يرد الدكتور
رايي ..موقفها مؤيد ودعم اعلامي بارز .. لكنها لاتستطيع فعل اكثر والا اصطدمت بالموقف الغربي والدولي
تونس الدولة الوحيدة التي انتقلت إلى الديمقراطية بأقل الخسائر ومستقرة اما باقي الدول العربية فشعبها انقسم على نفسه فأي قسم منهما سينتصر تونس انتصرت بوحدة شعبها فهل باقي الشعوب العربية تأخذ الدرس من الشعب التونسي ومؤسساته المدنية التي جمعته
الشعوب الغير ديمقراطية ﻻ تملك الحرية والعدالة الاجتماعية وﻻ يمكن لها أن تنهض وتتطور وتواكب الدول المتقدمة
الشعوب التي ﻻ تملك الديمقراطية ﻻ تملك الحرية، ومن غير الديمقراطية ﻻ يمكن لها أن تنهض وتتطور وتواكب الدول المتقدمة
سننتصر بلا شك
.....، نحن ماضون في ما عزمنا عليه
وما النصر إلا من عند الله
النصر حليف الشعوب
بلاءنا نفاق العالم الغربي
الغرب منافق ومصالحه الاقتصادية هي الأهم وهم الأهم هو المحافظة على الكرسي ولا يهم القرار السيادي بالنسبة له فلذلك مشكلتنا في نفاق الغرب ودعمهم للاستبداد فعليه وجب التوجه لشعوبهم للضغط عليهم لرفع ايديهم عنا غير ذلك ستكون الصفقات ان كانت تسليح او غيرها هي الطعم لاسكاتهم للغرب