رأى مدير معهد عبدالله الطيب بجامعة الخرطوم في السودان، الصدّيق عمر الصديق، أن جميع الدول العربية تعاني من انصراف الجامعيين عن العلوم نفسها، والإلمام فقط بطرائق حل الامتحانات، مشيراً إلى أن الطلبة الجامعيين أصبحوا مهووسين بالتسلية والترفيه، على الرغم من امتلاكهم التقنيات السهلة للوصول إلى المعلومات والثقافات المختلفة.
الصدِّيق، الذي شارك في الملتقى التشاوري الثاني للملحقين الثقافيين العرب الذي أقيم أخيراً في البحرين، أفصح في تصريح لـ «الوسط» عن مساعٍ لتوقيع مذكرات تفاهم بين المعهد ومركز عيسى الثقافي، معبراً عن إعجابه باهتمام البحرين بالثقافة والتراث، والإنفاق على المشاريع الثقافية.
وبسؤاله عمّا إذا كان الطلبة الجامعيون شغوفون بقراءة الكتب وتحصيل العلم والمعرفة، قال: «إن مما يحزن المشروع الكبير الموصول بالثقافة العربية هو أن الفرق بين التنظير والتطبيق فرق شاسع؛ لأن الناس يهتمون بالمظهر أكثر من المحتوى، ولهذا أصبح التعليم في كل البلاد العربية هو أن يلم الطالب بطرائق حل الامتحانات ولا يلم بالعلوم نفسها، وهذه المشكلة تعاني منها كل البلاد العربية».
وأشار إلى أن «الجامعيين منصرفون عن كل ما ليس له صلة بالامتحان، في حين أن القراءة تحتاج إلى طريقة مستوعبة واسعة، فالإنسان ينصرف فيها بكلياته إلى المعرفة، يقرأ ويكتب ويتوسع في هذه القراءة، ولكن هذه المسألة هي التي هزمت المشروع».
وذكر الصديق أن «هناك مشكلة أخرى تعاني منها كل دول العالم، وهي من سمات العولمة، أن الطلاب، وخصوصاً الشباب، يميلون إلى الوسائط الجديدة في كل ما هو غير جاد، للتسلية وأمور كثيرة، وانصرفوا عن حقل المعرفة، وحتى التقنية التي سهّلت العلم وجعلته ميسراً، ويمكن من خلالها الحصول على المعلومة بسهولة، تلك المعلومة التي كنا نبحث عنها في بطون الكتب وفي الأرفف الكثيرة، رغم ذلك فهم لا يميلون إلى اغتراف العلم منها (التقنية)، بل يميلون إلى أشياء أخرى موصولة بالتسلية، وهذه الأمور تهزم أن يكون الشباب العربي شباباً مثقفاً مندمجاً في إطار الحضارة العربية الإسلامية».
ورداً عن إسهام الأيام العالمية التي تخصصها الأمم المتحدة للاحتفاء بالثقافة والآثار واللغة العربية، وعمّا إذا كانت تعيد شيئاً من الثقافة، بيّن أن «هذه المناسبات تمثل وقفة تأمل يمكن أن تستثمر فيما بعد، وليس الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية معناه أننا سنعيد مجد اللغة العربية والتراث العربي، ولكن أن نقف وقفة تأمل في مشكلات اللغة العربية، وحينما نعي هذه المشكلات فهذه أولى الخطوات في طريق الحل، ولذلك نحن في معهدنا نحتفي باليوم العالمي للغة العربية، ونستعرض فيه المشكلات العربية، ونحاول أن نبذل الجهد الضئيل الذي يضاف إلى الجهد العربي. وقاعدتنا هي أن تشعل شمعة واحدة خير من أن تلعن الظلام ألف مرة».
وتحدث عن معهد عبدالله الطيب في جامعة الخرطوم، مبيناً أنه معهد مختص في البحوث العالمية، وفي العام المقبل (2017) سيضم الفروع المتعلقة بالتخصصات الدراسية المختلفة.
وأضاف «هو معهد معني بالبحث العلمي، وخدمة المجتمع وتقديم الدورات التدريبية في اللغة العربية في القطاعات المهنية الهندسية والزراعية والطبية وغيرها، ويرعى التراث العربي والثقافة».
العدد 4913 - الخميس 18 فبراير 2016م الموافق 10 جمادى الأولى 1437هـ