أقامت جمعية وعد وقفة تأبينية للراحل اللورد ايفبري في مقرها، مساء الأربعاء (17 فبراير/ شباط 2016)، واصفة إياه بـ «صديق الشعب البحريني الذي خسره وخسرته الإنسانية جمعاء».
وفي كلمته التي عنونها بـ «ايفبري الإنسان الذي فقدناه»، قال الناشط الحقوقي عبدالنبي العكري «في فجر الأحد 14 فبراير 2016، وفي ذكرى الحراك الشعبي في 14 فبراير 2011 أعلن جون لوباك ابن اللورد اريك ايفبري وفاة أبيه بعد معاناة مع السرطان لأكثر من خمس سنوات. وخيم الحزن على الإنسانية التي ستفتقد مناضلاً بارزاً لحقوق الإنسان ونصيراً للشعوب وخصوصاً شعب البحرين، وتوالت التعازي على عائلته بل إننا نعزي أنفسنا».
وأضاف العكري «أول مرة سمعت عن اللورد ايفبري كان خلال اجتماعي في بداية التسعينات مع السير ديفد ستيل، زعيم حزب الأحرار الذي ينتمي إليه اللورد ايفبري ونائباً عنه، ومن بعده عضواً في مجلس اللوردات منتمياً لحزب الأحرار الديمقراطيين بعد توحيد الحزبين، ونصحني ستيل بأن أتوجه إلى اللورد ايفبري للتعاطي مع القضايا الحقوقية».
وأردف «وبعدها تعرفت على اللورد ايفبري، ومن يومها لم تنقطع العلاقة بيني وبينه وعائلته كذلك، بالطبع دور اللورد ايفبري في تبني قضايا الشعوب وقضايا حقوق الإنسان معروفة وليست مقتصرة على البحرين أو أنها تستهدف البحرين دون غيرها كما يروج البعض».
وواصل «شاركت منذ التسعينات في عدد من المنتديات التي ينظمها اللورد ايفبري حول البحرين مرتين في السنة في أغسطس/ آب في ذكرى الاستقلال وديسمبر/ كانون الأول في ذكري العيد الوطني وآخرها في أغسطس 2014، حيث قدم له مرصد البحرين لحقوق الإنسان درع الحقوق. أما آخر زيارة لي إلى منزله فكانت في يونيو/ حزيران 2015، وكان حينها في المستشفى، حيث قدمت له لوحة جميلة من فنان بحريني، وسعدت العائلة، زوجته وابنه جون وحفيدة بيتر بذلك».
وأكمل العكري «على امتداد التسعينيات كرس اللورد ايفبري جهده وجهد اللجنة البرلمانية المشتركة لمجلسي العموم واللوردات والتي كان يرأسها اللورد بريان اوف هوايتلي والذي زار البحرين على رأس وفد برلماني في 1996، وكان اللورد ايفبري دينامو اللجنة وأمينها العام وتتعاطى مع قضايا حقوق الإنسان في مختلف بلدان العالم».
وواصل «ومن هذا المنطلق قام اللورد ايفبري باستخدام كل ما لديه من وسائل برلمانية مثل توجيه الأسئلة في مجلس اللوردات ومراسلة الوزراء في الحكومة البريطانية وكذلك سفارة البحرين في لندن وكان السفير حينها الشيخ عبدالعزيز بن مبارك آل خليفة، بل إنه اجتمع مع السفير عده مرات. وقد جمع كل ذلك في كتاب وثائقي بالإنجليزية بعنوان البحرين جدار الطوب (Bahrain a Brick wall) صادر عن اللجنة البرلمانية 2016».
وذكر أن «اللورد ايفبري رافق الوفد الحقوقي البحريني والذي ضمني إلى جانب منصور الجمري إلى اجتماع هيئة حقوق الإنسان في مارس/ آذار 1996، حيث ألقى كلمة في الاجتماع كما اجتمعنا مع رئيس الهيئة ومسئولي المفوضية وعدد من الوفود، وكان ذلك عامل نجاح لإصدار لجنة خبراء الأمم المتحدة أول بيان للأمم المتحدة حول البحرين في أغسطس 1996».
وتابع «اصطحبت عدداً من الوفود القادمة من البحرين ومنهم ممثلو العريضة الشعبية مثل سعيد العسبول وإبراهيم كمال الدين والذي أهداه تمثالاً صخرياً نحته سجناء جِدَه، وكذلك ممثلة الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان حصة الخميري إلى بيت اللورد ايفبري، حيث كان دائماً مع عائلته يستقبلون ضيوفهم البحرينيين بالترحاب».
وبيّن أنه «وفي ظل عهد التغيير في عهد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، كان من أول من فكرنا بدعوتهم إلى البحرين اللورد ايفبري، وبالفعل فقد وجهت له الدعوة من قبل لجنة العريضة ممثلة في علي ربيعة والجمعية البحرينية لحقوق الإنسان ممثلة بسبيكة النجار والقوى الوطنية الأخرى».
وأشار العكري إلى أنه «خلال اجتماع جلالة الملك (الأمير حينها) مع وفد قيادات كل من الشعبية والتحرير العائدين من المنافي في يونيو 2001 طرح موضوع زيارة اللورد ايفبري، لكن أحد المستشارين شن حملة ظالمة ضد اللورد ايفبري وبأنه يستهدف البحرين دون غيرها. وقد فندت أطروحاته بأن اللورد مدافع عن حقوق الإنسان وحقوق الشعوب وليس البحرين وحدها، وأنه ينتقد الانتهاكات بهدف تصحيحها ولذا يجب أن يكرم في العهد الجديد».
وواصل «وهنا حسم سمو الأمير النقاش، بالقول «لا بأس تؤجل زيارته إلى ما بعد». وبالفعل جرت دعوته مرة أخرى، وبمشاركة رسمية ووصل في 31 ديسمبر 2002، وكنا في استقباله (الوزير عبدالنبي الشعلة، علي ربيعة، منصور الجمري ونبيل رجب وأنا) وقد أصر اللورد أن نوصله لفندق الخليج بدلاً من السيارة الرسمية، حيث استقبله جمع من البحرينيين باليافطات عند بوابه الفندق ومن تواضعه طلب إيقاف السيارة ونزل منها وصافحهم، وكانت فرحته كبيرة وفرحة المناضلين والحقوقيين البحرينيين أكبر باللقاء على أرض البحرين وفي أوساط شعب البحرين، الذي دافع عنه اللورد ايفبري لسنوات، وهو يرى ثمرة نضاله. وبقي في البحرين أسبوعاً».
وأردف «وكما في حالات أخرى فقد تزاحم العديدون على دعوة اللورد ايفبري، حيث كُلفت إلى جانب ممثلين لجمعيات المعارضة والحقوقية، بترتيب برنامجه منذ لحظة وصوله إلى مطار البحرين في 31 ديسمبر 2001 حتى مغادرته في 6 يناير/ كانون الثاني 2002، وقد عملت جهدي مع زملائي للتوفيق ما بين مطالب متضاربة ما بين البرنامج الرسمي والبرنامج الأهلي بما فيه من تناقضات في المواعيد. وشملت زيارة اللورد على الجانب الرسمي لقاء جلالة الملك وسمو رئيس الوزراء وحفل تكريم أقامه الوزير عبدالنبي الشعلة، حيث ألقى اللورد ايفبري كلمة شاملة تبعها نقاش متفائل حول مستقبل الديمقراطية في البحرين، وعندما أتذكر ما قاله بعض المتحدثين حينها أصاب بالعجب اليوم بعد أن تنكروا لكل ما قالوه».
وأكمل «وعلى الجانب الأهلي التقى اللورد في جلسات مع المجتمع الحقوقي وجمعيات المعارضة والضحايا وأهليهم، كما قام بزيارة لمجلس الحاج حسن العالي وزار مصنع البتروكيماويات، ومن الأوقات السعيدة سهرتنا ليلة رأس السنة بصحبة علي ربيعة وابنتيه في نادي العوالي حيث تزاحم عليه المحتفلون يهنئونه بعد أن عرفوا شخصيته. وكان اللورد سعيداً جداً بزيارته ومتفائلاً بمستقبل البحرين».
واستدرك «لكننا نعرف ما جرى من ارتداد على الميثاق وعلى المشروع الإصلاحي، ولذا استأنف اللورد ايفبري دوره في الدفاع عن شعب البحرين وحقوقه ولم يوفر جهداً أو وسيلة إلا واستخدمها، مستفيداً من رصيده المعنوي والاحترام الكبير الذي يتمتع به في الأوساط السياسية والحقوقية، ليس في بريطانيا فقط بل في الأمم المتحدة والعديد من الدول».
وختم العكري إن «وفاة اللورد ايفبري في فجر الأحد (14 فبراير/ شباط 2016)، هي خسارة فادحة لشعب البحرين الذي حمل همه لعقود، وخسارة للإنسانية جمعاء وسيظل نبراساً للشعوب المناضلة ومثالاً للمدافعين عن حقوق الإنسان بكل نزاهة وبلسماً لجراح ضحايا الاضطهاد والظلم، رحم الله اللورد ايفبري وسيظل اللورد ايفبري نبراساً لنا وملهماً لنا دائماً».
وفي كلمة جمعية وعد في تأبين اللورد ايفبري، قال أمينها العام رضي الموسوي: «هل هي صدفة أم القدر الذي قرر أن يكون رحيل اللورد ايفبري متزامناً مع يوم 14 فبراير، ذكرى الميثاق الخامسة عشرة، وذكرى الحراك الشعبي الخامسة، وهما مناسبتان عزيزتان على الشعب البحريني الذي وجد في هذا الرجل الصدق والصراحة والدفاع المستميت عن حقوق الإنسان في البحرين وفي مختلف دول العالم، وخصوصاً دول العالم الثالث التي ابتليت بأنظمة شمولية لا ترى في حقوق الإنسان إلا ترفاً لا لزوم له».
وأضاف الموسوي «رحل اللورد ايفبري فجر الرابع عشر من فبراير، وكأن في قلبه غصة لما وصل إليه الحال في البلدان العربية الموبوءة باحترابات داخلية وتدخلات إقليمية ودولية وتعطش لسفك الدماء وانتهاك لأبسط حقوق الإنسان في الحياة الحرة الكريمة الآمنة. فقد ابتليت هذه الأمة بحقبة من الانحطاط لاتزال تعيشها ولاتزال بعيدة عن القاع، فصودرت الحقوق الأساسية وغصت السجون بالمعتقلين وسجناء الرأي والضمير والمعارضين السياسيين، ليس لأنهم إرهابيون، بل لأنهم أرادوا التمسك بحقهم في التعبير وتبني وجهات النظر والآراء التي يرونها صائبة بكل سلمية، فجاءهم من قعر التاريخ إرهاب يقطع الأطراف من خلاف، ويفصل الرؤوس عن الأجساد ويحرقها حتى الموت، وكأن نار جهنم قد تم استحضارها على مساحة الوطن العربي الكبير لتأتي على الأخضر واليابس، وجاءت القوانين لتكمل الصورة وتفصل في العقاب وتغلظه على من يتأفف من روائح الفساد النتنة التي أزكمت الأنوف أو من أراد أن يتنفس هواءً نقياً بعيداً عن النهش في الأموال العامة والسطو على ثروات البلدان».
وأردف «وقد كان اللورد ايفبري ضد كل هذا وأكثر باعتباره داعية حقوق إنسان على المستوى العالمي، وهو صديق قديم للبحرين وأهلها، وخصوصاً النشطاء الحقوقيين والسياسيين الذين تعرفوا عليه عن قرب ووجدوا فيه تلك الروح الحضارية التي لا تفرق بين بني البشر بناء على جنسهم أو دينهم أو إثنيتهم أو عرقهم. أفنى حياته في الدفاع عن المهمشين، وكان بيننا بعيد التصويت على ميثاق العمل الوطني، وكان شاهداً على أفراح شعب البحرين بالخطوات الجريئة التي اتخذها جلالة الملك، فوجد الحصاد المثمر الذي ساهم هو في زراعته وريِّه، ووجد البلاد تتنفس الصعداء بعد عقود من القمع الذي وفر غطاءه قانون تدابير أمن الدولة الذي بموجبه تم الزج بالآلاف في السجون فاستشهد بعضهم بسبب التعذيب والقتل خارج الفانون، بينما يعاني حتى اليوم المئات من آثار التعذيب التي لاتزال تفعل فعلتها في أجسادهم».
وأفاد «كان ايفبري فرحاً لما حصل عليه البحرينيون بعد كل هذه التضحيات، لكنه امتعض وأصيب بخيبة أمل وهو يقرأ التقارير المحلية والدولية عن حال حقوق الإنسان في البحرين، وخصوصاً بعد ضرب اعتصام الدوار في مارس 2011 وابتعاد البلاد عن الحل السياسي الجامع ودخولها في حقبة الحل الأمني الذي حذر اللورد من التورط والغرق فيه، باعتباره أشد إيلاماً على الشعب وأقصر الطرق للتوتر وضرب التنمية المستدامة».
وأكمل الموسوي «برحيل اللورد ايفبري، فقدت البحرين واحداً من المدافعين الشجعان عن حقوق الإنسان في العالم وصديقاً لهذا الشعب، فلا يمكن أن ننسى فضله ودوره في الدفاع عن حقوق الإنسان في البحرين لعقود من الزمن، نفتقد اليوم ايفبري ونفتقد القيم الحضارية التي كان يمثلها ويجسدها في حياته البرلمانية وبشكل يومي، فهذا الرجل الذي لم يجد حرجاً في التحول من دين لآخر كون ذلك حقه، هو نفسه الذي لم يتزحزح قيد أنملة عن تمسكه بحقوق الإنسان في كل مكان، بما فيها البحرين وشعبها الذي يدين له بما قدمه هذا المواطن البريطاني».
وختم «لتنم روح اللورد ايفبري بهدوء وطمأنينة في رحلتها الأبدية بعد عطاء كبير خدم من خلاله الآخرين فاكتسب حبهم ومودتهم وصداقتهم، والصبر والمواساة والسلوان لزوجته وابنه وعائلته وأصدقائه».
العدد 4913 - الخميس 18 فبراير 2016م الموافق 10 جمادى الأولى 1437هـ
خذها قاعدة اي شخص ينابح على البحرين يصبح صديق المعارضة
وفاته خساره فادحه لنصف الشعب البحريني
نعزيكم يا إخوان في مصابكم الجلل، ونقدّر مشاعر اليتم عندكم بعد وفاة أبيكم الروحي.
أكيد سيكون هناك فاعلي خير آخرين يتبنَّوْن أيتام الملاجئ وسوف لن يكون بعيد عنكم .
تقصدون
صديق المعارضه وليس الشعب كلّه