لا يمثل اتهام القضاء الفرنسي الرئيس السابق نيكولا ساركوزي بالضلوع في تمويل غير شرعي لحملته الانتخابية عام 2012، عائقاً يلزمه وقف سعيه إلى خوض الانتخابات الرئاسية عام 2017، لكنه يزيد صعوبة هذا المسعى، الذي يبدو متعثراً حتى الآن ، وذلك وفق ما نقلت صحيفة "الحياة" اليوم الخميس (18 فبراير / شباط 2016).
والتهمة التي صدرت عقب استجوابه لمدة 12 ساعة في قضية «بيغماليون» هي الثانية ضد ساركوزي بعد تهمة التورط بتنفيذ عمليات تنصت لنيل معلومات تخضع لسرية قضائية، والتي وُجهت إليه مطلع 2014.
ويعتبر القانون الفرنسي المتهم بريئاً إذا لم يُدن، ما يعني إمكان مواصلة ساركوزي حملته في أوساط مؤيدي حزبه «الجمهوريين» (اليمين المعارض) لتجميعهم حوله وكسب الترشيح في الانتخابات الداخلية للحزب المقررة الخريف المقبل، تمهيداً لمنافسة مرشح اليسار في الاقتراع العام.
ويواجه ساركوزي في الانتخابات الداخلية خمسة من مسؤولي حزبه، في مقدمهم رئيسا الوزراء السابقان ألان جوبيه وفرنسوا فيون، في وقت تشير استطلاعات إلى عدم امتلاكه الشعبية الأكبر في أوساط اليمين، واعتباره الأوفر حظاً للفوز بترشيح حزبه.
ومجرد مواجهته هذا العدد من المنافسين داخل حزبه يشكل مؤشراً واضحاً إلى أنه بات يفتقد الشعبية والجاذبية التي امتلكــها لــدى فوزه بالرئاسة عام 2007، وأنه ليس المنقذ الوحيد للحزب الذي يعاني من سلبيات خطه السياسي المبهم وصفوفه غير الموحدة، أو لفرنسا المتخبطة في أزمات اقتصادية وسياسية واجتماعية.
وكان ساركوزي قرر في أيلول (سبتمبر) 2014 الخروج عن الصمت الذي التزمه بعد خسارته الرئاسة أمام الرئيس الحالي فرانسوا هولاند، وشدد على أنه الأجدر بتولي مهمة إعادة لملمة الحزب والتغلب على الانقسامات التي شهدها خلال فترة اعتكافه عن السياسة.
لكن هذه العودة عجزت عن تحقيق أهدافها بالكامل، إذ استمرت الانقسامات والتجاذبات الداخلية في الحزب، رغم تولي ساركوزي الزعامة. وشكلت الأخطاء التي ارتكبها خلال ولايته الرئاسية أحد أبرز أسباب الإخفاق، ما دفعه إلى تركيز جهده على مؤيدي اليمين.
وهو كثف لقاءاته ومداخلاته العامة، وحاول الالتفاف على منتقديه والاحتماء بالرأي العام عبر كتاب أصدره أخيراً، واقرّ فيه بأخطاء خلال رئاسته. لكن دعوته الفرنسيين إلى تناسي الماضي والإقبال على صفحة جديدة تحت زعامته لم تلقَ تجاوباً كبيراً.
وفي ظل هذه العراقيل، تأتي قضية «بيغماليون»، نسبة الى اسم الشركة التي تولت تنظيم مهرجاناته الانتخابية التي وصفت حينها بأنها «هوليوودية»، لتزيد المصاعب التي يواجهها في تكريس سيطرته. وهو مضطر الآن إلى تخصيص جزء من جهده لإظهار براءته من تهمة اللجوء إلى فواتير مزورة لتمويل كلفة مهرجاناته الباهظة، وأيضاً للتنصل من تهمة استخدامه عملية تنصت غير شرعي للحصول على معلومات قضائية في قضية أخرى ورد اسمه فيها.
وفيـــما يتـــرقب الجميع إذا كان القضاء سيقــــرر إحالة ساكـــوزي على المحكمة أم لا، نــــددت تعليقات مؤيديه بـ «تحامل قضائي تجاهه»، فيما أبدى منافسوه «تعاطفاً مهذباً» معه في انتظار التطورات اللاحقة.
على صعيد آخر، دهمت الشرطة مقراً لحزب الجبهة الوطنية في نانتير بضاحية باريس، في إطار تحقيق حول أجور دُفعت لـ20 من مساعدي نواب للحزب اليميني المتطرف في البرلمان الأوروبي، مع استمرار حصولهم على أموال لتنفيذهم وظائف أخرى.
وأول من أمس، دهمت الشرطة منزل الرئيس السابق للحزب جان ماري لوبن بعملية في إطار التحقيق نفسه، ومكتب سكرتيره الخاص جيرالد جيرالد ومنزل خبير سابق في المحاسبة قريب من الحزب.
ودانـــت الجبهة الوطنية في بيان عمليات الدهـــم، معتبرة أنها «عملية سياسية» ينفذها الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ورئيس الوزراء مانويل فالس بـ «هدف عرقلة ومراقبة وترهيب المعارضة الوطنية».