تناولت وكالة التصنيف الائتماني العالمية «موديز» في تقرير صدر عنها حديثاً موضوع رفع أسعار الوقود في السعودية والبحرين وقطر وعُمان والإمارات بنسبة تصل إلى %50، باستثناء الكويت الوحيدة التي لم تقدم على خطوة رفع الدعم حتى الآن، رغم إعلانها عن توجهها لمثل هذه الإصلاحات. وقالت الوكالة ان زيادة أسعار الوقود تأتي في ظل انخفاض حاد تعاني منه أسعار النفط، وتوقعات باستمرار تراجعها في العام الحالي ولاحقاً، الأمر الذي أدى إلى تحول في سياسات الحكومات الخليجية، وفق ما نقلت صحيفة "القبس" الكويتية اليوم الخميس (18 فبراير / شباط 2016).
ويتوقع التقرير أن تظل أسعار النفط عند حوالي 33 دولارا للبرميل في 2016، لتصبح نسبة تراجعها %67 مقارنة بمستويات 2014، و%32 مقارنة بمستويات 2015. وهو ما سينجم عنه عجز مالي قد يصل كمعدل وسطي إلى %12.4 من الناتج المحلي الإجمالي في دول التعاون، بعد أن وصل متوسط الفائض في هذه البلدان إلى %4.8 من الناتج المحلي الإجمالي في 2014، وتحول إلى عجز بنسبة %7.8 من الناتج المحلي الإجمالي في 2015.
وبحسب الوكالة، توجد إرادة سياسية لإصلاح الدعوم بهدف معالجة التأثيرات السلبية لانخفاض أسعار النفط على الميزانيات الخليجية، بدليل الخطوات الأخيرة التي قامت بها دول المنطقة. مع ذلك، هذه الإصلاحات غير كافية لتحقيق توازن في الميزانيات، ومن المرجح أن تكون الوفورات المالية صغيرة قياساً بنسبتها من الناتج المحلي الإجمالي ونسبة إلى حجم العجز الحكومي.
مع ذلك، قالت الوكالة انه رغم التكاليف الاجتماعية المحتملة، فان الحكومات بدأت تستجيب إلى التحولات الهيكلية وضبط الأوضاع المالية العامة بشكل جزئي. وتدرس الحكومات عدة إصلاحات هيكلية تتضمن إصلاحات تدريجية تطول الطاقة، وتخفيض الإنفاق الاجتماعي، وزيادة مداخيل الإيرادات. وعلى الرغم من أن أسعار الطاقة على المستهلكين في المنطقة لا تزال أقل من المعدل الوسطي العالمي، إلا أن التقرير يتوقع أن تواجه تدابير التعديلات المالية المستقبلية مقاومة أشد في البحرين وعُمان والسعودية مقارنة بقطر والسعودية والإمارات، إذ يعد فيها متوسط دخل الفرد أقل مقارنة بالدول الثلاث الأخيرة، وبالتالي سيكون أثر هذه الإصلاحات أعلى على القوة الشرائية.
أسعار البنزين
قال التقرير ان أسعار الجازولين في دول التعاون بين الأدنى في العالم، مشيراً إلى أن الكويت لديها أقل سعر جازولين في دول التعاون، يصل إلى 0.21 دولار لليتر الواحد، تليها السعودية. أما أكثر الدول الخليجية الهشة مالياً، البحرين فشهدت أعلى زيادة في أسعار الجازولين.
على صعيد آخر، ذكرت «موديز» في تقريرها أنه بسبب التحول الهيكلي الذي يشهده سوق النفط اليوم، من المرجح أن تشهد جميع دول التعاون عجزا مالياً. أما البحرين وعُمان وإلى حد ما السعودية، فهي الأكثر تعرضاً لمخاطر انخفاض أسعار النفط نظراً إلى أسعار نقطة التعادل المالية المرتفعة جدا لأسعار النفط في ميزانياتها، وانخفاض الاحتياطيات المالية نسبياً. بالتالي، من المرجح أن تكون تدابير الإصلاحات المالية في هذه البلدان الثلاثة أشد حدة خلال العام الحالي، بينما يتوقع أن تتخذ الكويت وقطر والإمارات نهجاً أكثر تدرجاً في ضبط الأوضاع المالية العامة.
على صعيد رفع أسعار الوقود، قال التقرير انها ستؤدي إلى مكاسب على صعيد الكفاءة، وتخفض الاضطرابات التي تسببها الأسعار المنخفضة بشكل مصطنع. وكان استهلاك النفط المحلي نما كمعدل وسطي بنسبة %6.7 سنوياً في السنوات الخمس الماضية في الكويت وقطر والسعودية والإمارات.
وقالت الوكالة ان رفع أسعار الوقود يزيد من تكلفة المعيشة على المواطنين والوافدين. وأضافت أن حصة خدمات النقل في سلة مؤشر سعر الاستهلاك لدول التعاون تتباين من %7.9 في الكويت إلى %19.2 في عُمان. بالإضافة إلى ذلك، ذكرت أن دخل الفرد يلعب دوراً هو الآخر في موضوع رفع أسعار الوقود وتأثيره في المواطنين والوافدين، إذ يتراوح ما بين 44 ألف دولار في عُمان إلى 137 ألف دولار في قطر، على أساس القوة الشرائية. وبناء على تلك المؤشرات، فإن عُمان والبحرين والسعودية هي الأكثر عرضةً لحساسية زيادة أسعار الوقود. وتظهر البيانات الصادرة عن التقرير أن الكويت الثالثة في استهلاك النفط في النقل خليجياً، إذ يبلغ الاستهلاك في الكويت 4439 مليون ليتر، مقارنة بالسعودية التي يبلغ فيها الاستهلاك 34064 مليون ليتر، تأتي الإمارات ثانيا بمعدل 9045 مليون ليتر، ثم عُمان بنصيب 4065 مليون ليتر، وقطر خامسا بنصيب 1987 مليون ليتر، ثم البحرين بنصيب 1106 مليون ليتر.
من جانب آخر، قالت الوكالة ان المواطنين في دول التعاون ينظرون إلى الوظائف في القطاع العام، وتوفير الخدمات الصحية والتعليمية بالمجان، ودعم الغذاء والوقود على أنها جزء من العقد الاجتماعي المبرم بين الدولة والمواطن. بالتالي فإن إجراء إصلاحات هيكلية على شكل تخفيض دعم الطاقة وزيادة الضريبة تخالف هذا التقليد ويزيد من السخط على المدى المتوسط. وعلى صعيد الكويت، توقع التقرير أنه وبسبب وجود برلمان صريح، فإنه يمكن أن يعترض على مثل هذه التدابير.