توفي يوم أمس (16 فبراير/ شباط 2016) الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة بطرس بطرس غالي عن عمر ناهز 94 عاماً، وهو أول عربي تسلّم أعلى منصب دولي في الأمم المتحدة بين 1992 و1996... وهذه كانت الفترة التي انتهت فيها الحرب الباردة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، وما تلا ذلك من تفكُّك يوغسلافيا واندلاع حروب أهلية، وحدوث مجزرة رواندا في إفريقيا.
الفترة التي تولّى فيها بطرس غالي منصب الأمين العام للأمم المتحدة كانت خطرة، وليس معلوماً ما إذا كنّا نمُرُّ بمرحلة أخطر حاليّاً، أم أنها بنفس مستوى الخطورة، مع الفرق أن ما كان يحدث في شرق أوروبا وإفريقيا يحدث الآن في منطقتنا. ولعلَّ الفرق أن أميركا وأوروبا توحّدتا لفرض حلٍّ سياسيٍّ (مدعوم عسكريّاً بحلف الناتو) في أوروبا، بينما تركتا إفريقيا تنحر في بعضها البعض، لعدم أهميّتها القصوى بالنسبة لكثير منهم آنذاك. وحتى عندما حدثت مذابح رواندا في منتصف 1994 وراح ضحيتها نحو مليون شخص، لم يلتفت العالم إلا بعد أن انتهت تلك المذبحة.
يُحسَب لبطرس غالي أنه قاد حملة أممية لإعادة صوغ أجندة جديدة للعالم، بدأها بـ «قمة الأرض» في ريو دي جانيرو بالبرازيل (يونيو/ حزيران 1992)، وذلك للاتفاق على أجندة عالمية من أجل حماية البيئة. بعد ذلك، أشرف على انعقاد «المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان» في فيينا بالنمسا (يونيو 1993)، وتمّ التأكيد على عالميّة حقوق الإنسان وشمولها لكلِّ البشر، كما تمّ الاتفاق على اعتبار «التنمية» حقّاً أساسيّاً لكلِّ الشعوب. واعتبر هذا المؤتمر خطوة كبيرة جداً في تعزيز منظومة حقوق الإنسان الدولية.
ثم بعد ذلك، أشرف على المؤتمر الدولي للسكان والتنمية في القاهرة (يوليو/ تموز 1994)، ونتج عن ذلك المؤتمر برنامج عمل عالمي حول التعليم والتدريب وخفض وفيات الرضّع والأطفال وخفض وفيات الأمهات وتوفير خدمات الصحة الجنسية والتناسلية. وبعدها أشرف على المؤتمر العالمي الرابع للمرأة، أو ما يُسمّى بـ «مؤتمر بكين» (سبتمبر/ أيلول 1995)، وتمّ الاتفاق على منهاج عمل هدف إلى تحقيق قدر أكبر من المساواة والفرص للنساء، والاعتراف بحقوق المرأة كحقوق متساوية مع الرجل، وظَلَّ هذا البرنامج يمثل الاتفاق الأكثر شمولاً حتى الآن بين الحكومات والمؤسسات المعنيّة بتمكين المرأة.
تلك المؤتمرات حدّدت معالم الأجندة العالميّة، وهي ذاتها التي تسيطر على الفكر والسياسة العالميّة حاليّاً، وتعتبر تلك الاتفاقات الأكثر عمقاً وشمولاً في تاريخ الأمم المتحدة، وهذا كلُّه يؤكد أن دور بطرس غالي العالمي كان أكبر وأهم بكثير من دوره في مصر وفي العالم العربي.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 4911 - الثلثاء 16 فبراير 2016م الموافق 08 جمادى الأولى 1437هـ
رحمة الله عليه
الوفاء
والله عندك يا دكتور وفاء للذين يرحلون تذكر انجازاتهم مو بعض الكتاب هامنهم بس الشهره.