حثت تركيا أمس الثلثاء (16 فبراير/ شباط 2016) حلفاءها على التدخل العسكري البري في سورية لإنهاء الحرب في هذا البلد، الأمر الذي يقلل كثيراً من فرص التوصل إلى وقف لإطلاق النار يفترض أن يدخل حيز التنفيذ خلال هذا الأسبوع، كما يزيد من حدة التوتر مع روسيا.
ووسط أجواء شديدة التوتر في شمال سورية، دعا مسئول تركي رفيع إلى إرسال جنود من قوات التحالف إلى الأراضي السورية، معتبراً أنه سيكون من «المستحيل» إنهاء الحرب في سورية ما لم يتم تحقيق ذلك.
وقال هذا المسئول أمس رافضاً الكشف عن اسمه «نريد عملية برية مع حلفائنا الدوليين. بدون عملية على الأرض، من المستحيل وقف المعارك في سورية».
لكنه أكد في الوقت ذاته «لن تكون هناك عملية عسكرية تركية أحادية الجانب في سورية».
واعتبر هذا المسئول أن هذا التدخل العسكري يجب أن يستهدف «كل المجموعات الإرهابية في سورية» مشيراً إلى تنظيم «داعش» وإلى قوات النظام السوري والميليشيات الكردية المعروفة بوحدات حماية الشعب الكردية.
وتكتفي قوات التحالف الدولي حتى الآن بقصف مواقع تنظيم «داعش» من الجو في كل من سورية والعراق.
وتلتقي تركيا في موقفها هذا مع المملكة العربية السعودية التي أعربت عن استعدادها لإرسال جنود إلى الأراضي السورية لمحاربة تنظيم «داعش».
إلا أن إيران حذرت أمس (الثلثاء) من أن نشر قوات في سورية سيعتبر «انتهاكاً للقانون الدولي».
وقال المحلل في مركز رفيق الحريري في مؤسسة «اتلانتيك كاونسل»، آرون شتاين لوكالة «فرانس برس»: «إن هذه المداولات حول تدخل على الأرض السورية ليست سوى تكرار لسياسة طالما دعت إليها تركيا» قبل أن يضيف أنه مع ذلك «من غير المرجح أن تقوم تركيا بنشر قوات في سورية».
«قصف همجي»
ومع أن هذا التدخل يبقى غير أكيد فإن الطلب التركي بهذا الصدد أثار مخاوف من صدام مباشر بين تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي وبين روسيا الداعمة الرئيسية للرئيس السوري بشار الأسد.
ومنذ قيام الطيران التركي بإسقاط طائرة عسكرية روسية في نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي توترت العلاقات بين روسيا وتركيا بشكل كبير وباتت الأزمة السورية أكثر تعقيداً.
وقال رئيس الحكومة التركية، أحمد داود أوغلو أمس «منذ سبتمبر/ أيلول تقصف هذه الطائرات (الروسية) الهمجية والغاشمة والجبانة سورية بدون أي تمييز بين المدنيين والأطفال والعسكريين»، وذلك غداة اتهامه موسكو بأنها تتصرف كـ «منظمة إرهابية». وتوعد برد حاسم إذا استمر القصف.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان أعلن الإثنين أن قصفاً «يرجح أن يكون روسياً» استهدف مناطق في شمال سورية، في حين أفادت الأمم المتحدة أن هذا القصف أوقع نحو 50 قتيلاً مدنياً بينهم أطفال.
وندد رئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك أمس (الثلثاء) بهذا القصف الذي اعتبر أنه لا يترك «سوى أمل ضئيل» بالتوصل إلى سلام في سورية.
إلا أن الرئيس السوري بشار الاسد اعتبر أنه سيكون من «الصعب» التوصل إلى وقف لإطلاق النار خلال أيام معدودة مع الفصائل التي يعتبرها جميعها «إرهابية».
استمرار القصف في شمال حلب
ومن داخل أراضيها المتاخمة للشمال السوري، واصلت أنقرة أمس قصف مواقع تحت سيطرة الأكراد في ريف حلب الشمالي.
فقد قصفت المدفعية التركية فجر أمس (الثلثاء) مدينة تل رفعت التي وقعت تحت سيطرة قوات سورية الديمقراطية، وهو تحالف كردي عربي أبرز مكوناته وحدات حماية الشعب الكردية.
وبذلك، تكون الفصائل المقاتلة المعارضة للنظام وبينها مجموعات إسلامية، خسرت أحد معاقلها الثلاثة في ريف حلب الشمالي. ولا تزال الفصائل تسيطر على اعزاز شمالاً الأقرب إلى الحدود التركية ومارع شرقاً.
واعلنت تركيا الاثنين أنها لن تسمح بسقوط اعزاز في أيدي الأكراد.
وأوضح المرصد أن مفاوضات تجرى لتمكين الأكراد من دخول مارع من دون قتال مع الفصائل المقاتلة.
دي ميستورا في دمشق
وفي زيارة مفاجئة إلى دمشق، بحث موفد الأمم المتحدة إلى سورية ستافان دي ميستورا مع مسئولين سوريين في سبل الإسراع في إيصال مساعدات إنسانية إلى المناطق المحاصرة في كافة أنحاء البلاد.
وقال بعد لقائه وزير الخارجية السوري، وليد المعلم عصر أمس (الثلثاء) إن المنظمات الدولية سترسل مساعدات إنسانية الأربعاء (اليوم) إلى مناطق محاصرة في سورية.
وقال مصدر في الهلال الأحمر السوري لوكالة «فرانس برس» إن المناطق التي سترسل إليها المساعدات اليوم هي الفوعة وكفريا، المحاصرتين من الفصائل المتطرفة، في محافظة إدلب (شمال غرب)، ومضايا والزبداني المحاصرتين من الجيش السوري في ريف دمشق.
وقالت متحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة للمساعدات الإنسانية أمس لوكالة «فرانس برس»، بعد زيارة دي ميستورا لسورية «فهمنا أن الحكومة السورية وافقت على الدخول إلى سبع مناطق محاصرة» هي «دير الزور والفوعة وكفريا في (محافظة) إدلب ومضايا والزبداني وكفر بطنا ومعضمية الشام».
وفي تطور آخر، أعرب أعضاء مجلس الأمن الدولي عن «قلقهم» حيال الضربات التركية على المقاتلين الأكراد في شمال سورية، على ما أعلن رئيس المجلس، سفير فنزويلا رافاييل راميريز كارينو أمس.
وأجرى المجلس بطلب من روسيا صباح الثلثاء مشاورات في جلسة مغلقة حول القصف التركي في سورية.
وقال سفير فنزويلا إن «أعضاء المجلس أعربوا عن قلقهم حيال هجمات تركيا في شمال سورية» مضيفاً أن الدول «اتفقت على أن تطلب من تركيا احترام القانون الدولي».
غير أن المجلس لم يصدر إعلاناً رسمياً يدين القصف المدفعي التركي.
وقال كارينو إن دول المجلس الـ15 أعربت «عن مستويات متفاوتة من القلق (...) لكن الجميع اتفق» على انتقاد عمليات القصف.
وأعرب السفير السوري، بشار الجعفري الذي كانت بلاده طلبت من مجلس الأمن التنديد بـ «الانتهاكات والاعتداءات التركية»، عن ارتياحه «لإجماع» الدول الأعضاء الـ15 على «إبداء قلقهم حيال موقف تركيا غير المسئول».
ودانت الولايات المتحدة، حليفة تركيا وشريكتها في حلف شمال الأطلسي، عمليات القصف التركية. كما نددت بها الحكومة السورية.
العدد 4911 - الثلثاء 16 فبراير 2016م الموافق 08 جمادى الأولى 1437هـ