«ليس ثمة بارجة كالكتاب تنقلنا بعيداً بعيداً، وليس ثمة جياد كصفحة شعرٍ متوثبة». إميل ديكنسون.
خاض معرض رأس الخيمة للكتاب، الذي ترعاه وتدير شئونه غرفة تجارة وصناعة رأس الخيمة، وعلى مدى اثني عشر يوماً: (31 يناير/ كانون الثاني - 11 فبراير/ شباط 2016)، غمار الدورة التاسعة من عمره الثقافي والمعرفي. دورة ثقافية زاخرة بالكتب والحكايات والفعاليات، مختلفة الأشكال والألوان والعناوين، ومتباينة الاتجاهات ووجهات النظر. دورة ثقافية تصالحت مع جمعٍ غفيرٍ من الناس، من مختلف الأعمار والأجناس والجنسيات، من كل حدب وصوب، محققة نجاحاً واكب أهمية الكتاب الذي أخذ بيدها نحو كسْب الرهان. رهان العلم والثقافة والمعرفة، بعيداً عن المكتسبات التجارية التي لا مناص منها في عالم لا يعترف إلا بالدرهم والدينار والدولار. دورة ثقافية جديدة، تكلَّلت بالظفر بزيارات حميمة من لدن المثقفين والباحثين وطلبة المدارس والمعاهد والجامعات، ومن لدن الأُسر الحريصة على إنشاء مكتبات منزلية صديقة للكتاب لا حاضنة للغبار، والحريصة على اصطحاب أبنائها إلى مثل هذه التظاهرات الثقافية المؤدِّية إلى صقل مواهبهم وتعزيز الطاقات الثقافية الكامنة.
فاتحة
«وضعنا الدولة على المسار الصحيح للابتكار، وإنَّ عجَلة الابتكار بدأت تدور وسنجني ثمرتها في القريب العاجل بإذن الله، وقد وجَّهنا بأن يكون العام 2016، عاماً للقراءة لأن القراءة هي المهارة الأساسية لجيل جديد من العلماء والمفكِّرين والباحثين والمبتكرين. القراءة تفتح العقول، وتعزِّز التسامح والانفتاح والتواصل، وتبني شعباً متحضِّراً بعيداً عن التشدُّد والانغلاق، وهدفنا ترسيخ دولة الإمارات عاصمة ثقافية عالمية بامتياز، وإحداث تغيير سلوكي دائم، وتحصين ثقافي للأجيال القادمة. نريد لدولة الإمارات أن تكون منارة للعلم والمعرفة كما كانت الأندلس وغرناطة وبغداد وغيرها من الحواضر التي كانت مصدراً للتنوير والمعرفة على مدى قرون عديدة، ونحن قادرون ومستعدون وواثقون من قدرتنا على تحقيق ذلك».
رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان.
إقْرَأْ
هكذا دعوة ترنو إلى مستقبل الأيام وإلى ترسيخ ثقافة الأجيال، دعوة ثاقبة أمر بها رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان لتكون استراتيجية دولة الإمارات الثقافية في عامها الجاري (2016)، المرسوم له ليكون عام القراءة بامتياز.
وهكذا دعوة وجَّه إليها نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، لأجل أن تكون لها آليات تنفيذ وخطط وبرامج عمل، تسمو بالكتاب وتحفظ ماء وجه الثقافة، وتدفع الأجيال إلى العودة إلى أول السطر: «اقرأ باسم ربك الذي خلق* خلق الإنسان من علق* اقرأ وربك الأكرم* الذي علَّم بالقلم* علَّم الإنسان ما لم يعلم»، للسير قُدُماً نحو المستقبل، نحو الغد الذي يتغذَّى على مكتسبات الحاضر المؤسس على مُخرجات الماضي من معارف وتراثيات مختلفة ألوانها.
هكذا دعوة صادقة وثاقبة، دعت المؤسسات الثقافية والقطاعات الاتحادية والمحلية إلى ترجمتها إلى واقع ثقافي ملموس، يسمو بالفكر ويرنو إلى مستقبل الإمارات الذاهبة إلى غدها بثبات نحو تحقيق رؤيتها ورسالتها وأهدافها الاستراتيجية، وإلى القول الذي لا يحيد عن جادَّة الطريق: «أنا أفكِّر، إذن أنا موجود».
بيت الأدب
منذ انطلاقته الأولى في العام 1984، على أيدي مؤسِّسيه من أُدَباء وكُتَّاب وشُعَراء تبنَّوا حلماً راود أفكارهم ورؤاهم الإبداعية، واتحاد كتَّاب وأدباء الإمارات جزء لا يتجزَّأ من المنظومة الثقافية الإماراتية الشاملة، وهو معنيٌّ تماماً بالفعل الثقافي العام، ومعني رئيسٌ بالمشهد الأدبي المحلي، والتحليق به نحو الفضاءات الثقافية العربية والعالمية، عبر نشاطاته الثقافية الدورية والموسمية، وعبر مطبوعاته مختلفة الأجناس والألوان، وعبر دورياته الممسكة بالمعادلات الثقافية التنويرية من جميع أطرافها، وعبر منتدياته المعنية بالفئات الأدبية جميعها: «شعراً، قصة، ونقداً»، وعبر فروعه المتوزِّعة على الخريطة الإماراتية في جميع اتجاهاتها الجغرافية، والذاهبة طواعية نحو الأخذ بيد الثقافة إلى المثول واقعاً حياً وحيوياً في المشهد الثقافي المحلي ابتداءً، وانطلاقاً نحو فضاءات قائمة على التواصل مع مثقفي الداخل والخارج.
اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، جزء رئيس في المنظومة الثقافية الإماراتية الشاملة، واتحاد كُتَّابِ رأس الخيمة ابن شرعي رئيس لاتحاد كتاب وأدباء الإمارات، وهو معنيٌّ تماماً بالفعل الثقافي التنويري، عبر مشاريعه ومواسمه الثقافية طيلة 365 يوماً، وهو جزء لا يتجزَّأ من المشروع الثقافي الكبير في إمارة رأس الخيمة، منذ تغريدته الأولى في أكتوبر/ تشرين الأول 1999م، وحتى اللحظة الراهنة من عمر الإمارة، ومن عمر الثقافة، ومن عمر الأدب والفنون على اختلاف ألوانها وعناوينها.
توأمة ثقافية
وجهان لعملة واحدة: «معرض رأس الخيمة للكتاب» و «المقهى الثقافي» لاتحاد كُتّاب وأدباء الإمارات برأس الخيمة. فمتى ما حضر الكتاب، حضرت ضرورات الإضاءة عليه، والإشارة إلى وجوده حياً يُرزق بين الكائنات الورقية والإلكترونية. هما توأمان ثقافيان، لا تنفع معهما عبارة الحضور واللاحضور: (إذا حضر الماء، بَطُلَ التيمم)!! ففيما غرفة تجارة وصناعة رأس الخيمة معنية بتنظيم وإدارة معرض رأس الخيمة للكتاب، منذ تحليقه الأول في العام 2007، وحتى طيرانه التاسع بأجنحته الجديدة في عامنا الجاري، فإن فرع اتحاد كتاب وأدباء الإمارات برأس الخيمة معنيٌّ بالتحليق بالكتاب نحو أفئدة الناس وألبابهم، للأخذ بها نحو التصالح مع الكتاب ومصافحة صفحاته والصفح عن كل ما سلف من قطيعة قلم.
مقهانا
«إقرأ، إملأ روحك»: هكذا تعويذة ثقافية، أيقونة تأملية، استجابة إبداعية، أطلقها اتحاد كتاب وأدباء الإمارات برأس الخيمة، صاحب المشروع الفكري التنموي «المقهى الثقافي»، تشاركاً مع غرفة تجارة وصناعة رأس الخيمة، الجهة المنظمة للمهرجان الثقافي السنوي معرض رأس الخيمة للكتاب، تلبية للدعوة الاستراتيجية الثقافية الثاقبة للقيادة الإماراتية: «2016م: عام القرار... عام القراءة».
«إقرأ، إملأ روحك»: برنامج ثقافي عامر بما لذ وطاب من أغذية روحية تسمو بالقول إلى مصاف الفعل، وتأخذ بيد الفعل نحو ثقافة الترسيخ في أذهان الناس، عبر شموس باسطة أشعتها لتشيع ثقافة الضوء في المشهد الاجتماعي الإماراتي، بمواطنيه المحيطين بأنفاسه، وبمقيميه المنتمين إلى خريطته، والزائرين إليه تباعاً، إتباعاً لأعرافه، وتتبُّعاً لمنجزاته.
***
«إقرأ، إملأ روحك»: شعراً ينثر قصائده في أرجاء القلب، وفي فضاءات الذاكرة.
«إقرأ، إملأ روحك»: سرداً يقصص حكاياه على أفئدة الناس، وفي مرايا الحياة.
«إقرأ، إملأ روحك»: مسرحاً يضيء الزوايا، ويقرأ أحداث البشر والمدر والحجر.
«إقرأ، إملأ روحك»: تراثاً يستحضر التاريخ، وَيَجِدُّ في المسير نحو أجداد جادوا بأرواحهم، وطمأنينتهم بالهم، وسلامة ترحالهم.
«إقرأ، إملأ روحك»: تاريخاً يُبحر في ذاكرة الأمس ويسافر نحو الغد على متن اليوم الحاضر المحاضر.
«إقرأ، إملأ روحك»: مواويل تُعْنى بالترحال بين سطور الموج، وتُغْني عن الفوج من الرياح الرائحات نحو العناء والعداء.
«إقرأ، إملأ روحك»: كتاباً، يكتب حروفه في مسامع الناس، وفي أبصار الزرقاوات اليمامات.
إقرأ، إقرأ، إقرأ، وإملأ روحك... راحة، ورائحة، ورواحاً .. وحلِّق، في فضاءات «المقهى الثقافي» التاسع للميلاد: «كتاب رأس الخيمة المسموع»: في الزمان، والمكان، والتاريخ، والجغرافيا.
إقرأ، إقرأ، إقرأ... «إقرأ، إملأ روحك» واسترح، واحترس: من نفسك، وأنفاسك، ومن ناسفي الكتب.
نافلة المقهى
القمر
عابر سبيل
يلقي أمسية ضوئية
في مقهى يطل
على رصيف مُخضذَب
بالمرايا
والأحاديث المُدجَّجة.
الرصيف
يُشْهِرُ أحلامه... يبتسم.
(شكرا للوسط الواثقة من سطورها ومن أنفاسها الثقافية. شكرا لها يدها التي تصافحنا في كل وقت وحين. شكرا للبحرين الحرية بالتقدير والشكر والعرفان منا لها ولصفحاتها البيضاء بياض قلوب أهلها وأناسها، شعبا وقيادة وقلبا وقالبا. شكرا لكم جميعا حضورنا بينكم)