العدد 4908 - السبت 13 فبراير 2016م الموافق 05 جمادى الأولى 1437هـ

150 عملية زراعة للأعضاء بالسعودية سنوياً بنسبة نجاح 90 %

يعد رئيس قسم جراحة وزراعة الكبد بمستشفى الملك فيصل التخصصي، البروفيسور محمد السبيل، واحداً من فرسان جراحة الكبد في المملكة، الذين ساهموا بشكل فعال في علاج العديد من المرضى الذين وصلوا إلى حالة مستعصية، وهو ما كان سبباً في حصوله على جائزة مجلس التعاون الخليجي للتميز، كما نقلت صحيفة "المدينة" السعودية اليوم الأحد (14 فبراير/ شباط 2016).

إسهاماته الطبية المتفردة، والتي رفعت من مستوى عمليات زراعة الكبد بالمملكة إلى المستويات العالمية، دفعت «المدينة»، للقائه في حوار مطول تناول فيه أبرز ما وصل إليه هذا المجال من تقدم بالمملكة.

- متى بدأ مشوار النجاح وما تطلعاتكم في مجال تخصصكم؟

بدأ اهتمامي بموضوع زراعة الكبد، مع بداية الثمانينات الميلادية، حينما كنت أعمل في وحدة جامعة الملك سعود في مستشفى الشميسي في الرياض، ولفت انتباهي العدد الكبير من مرضى الفشل الكبدي، وفي تلك الأيام كان هذا المرض يعني وفاة المريض، ولم يكن هناك حل أوعلاج ينهي معاناة المريض، إذ لم تكن زراعة الكبد خيارا لهؤلاء المرضى، وقد شغل هذا المرض اهتمامي، وركزت على هذه الفئة من المرضى، خلال عملي بالجراحة العامة، وخلال تدريبي داخل المملكة وخارجها، وبعد حصولي على الزمالة بدأت بالتطلع إلى تدريب متقدم في مجال جراحة الكبد، وفي تلك الفترة ظهرت بدايات زراعة الكبد على يد رائد زراعة الكبد توماس ستارزل، والذي زار المملكة، فأوقد داخلي حماس البدء في زراعة الكبد، وكان هناك رغبة وحماس من المسؤولين بالمستشفيات المتقدمة؛ للبدء في برنامج لزراعة الكبد.

- وهل تذكر أول عملية زراعة كبد بالمملكة؟

رشحتني إدارة الشؤون الصحية، بالحرس الوطني، للابتعاث والتدريب في أكبر مراكز زراعة الكبد في العالم، بمدينة بتسبرغ في الولايات المتحدة الأمريكية، والذي يشرف عليه الدكتور ستارزل، وأكملت التدريب هناك من 1991م إلى 1993 ثم عدت إلى الرياض وبدأت التحضير لبدء أول برنامج زراعة على مستوى الوطن العربي والشرق الأوسط، حيث استغرق التحضير له ستة أشهر، وأجريت أول عملية زراعة كبد في رمضان 1414 – 1994، وكان حدثا طبيا كبيرا، وإنجازا وطنيا نال الإعجاب، والاهتمام من وسائل الإعلام وحظي برعاية كريمة، من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله وحقق البرنامج نجاحا لافتا، ونتائجها تضاهي المراكز العالمية في وقت قياسي وأصبح له شهرة واسعة داخل المملكة وخارجها.

- وماذا عن البرنامج الوطني لتنشيط التبرع بالأعضاء؟

وفي عام 2001 م انتقلت إلى مستشفى الملك فيصل التخصصي، ومركز الأبحاث، وأجريت العديد من العمليات في جراحة وزراعة الكبد بنسب نجاح عالية ولله الحمد، وفي عام 2002 بدأنا زراعة الكبد من الأحياء، نظرا لتزايد أعداد المرضى والحاجة لمزيد من الأعضاء ومواكبة للتطورات والمستجدات في هذا المجال، كما أنشأت البرنامج الوطني لتنشيط التبرع بالأعضاء والذي أسهم في مضاعفة أعداد المتبرعين واستفاد منه مرضى الفشل العضوي النهائي سواء الكبد أوغيره من الأعضاء.

- ما أسباب انتشار أمراض الكبد في المملكة؟ وما نسبتها وما حجم الأمل في العلاج؟

أمراض الكبد تتنوع، لكن يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أنواع رئيسة: الأول هوالأمراض الفيروسية (ب،ج)، والتي تنتقل عن طريق سوائل الجسم مثل الدم، واستعمال أدوات الحلاقة والحجامة الملوثة وهذه ولله الحمد، بدأت تنحسر، أما الثاني فهوالأمراض الوراثية والاستقلابية وتلك تكون عند عائلات معينة، وتنتقل من جيل إلى آخر، ولعل برامج فحص الزواج تسهم في القضاء على هذا النوع، فيما يتمثل النوع الثالث في مضاعفات السمنة، وهذه بدأت نسبتها تتزايد في الآونة الأخيرة إلى درجة أن ما يقارب من ثلث المرضى المحتاجين لزراعة الكبد، من المنتمين لهذه القائمة، ويرجع ذلك إلى نوعية الغذاء وقلة النشاط الحركي، وفيما يتعلق بالأمراض الفيروسية، فإن هناك علاجات فعالة ظهرت حديثا، وخصوصا لفيروس «ج»، والمهم هنا الاكتشاف المبكر لتلك الفيروسات قبل حدوث التليف.

- وهل من جدوى للعلاج بالوصفات البديلة والأعشاب؟

ليست هناك وصفات بديلة، ولا يعترف بها طبيا، وبالنسبة لوصفات الأعشاب فينبغى الحذر منها؛ لأنها تسبب الفشل الكبدي النهائي، ولاحظنا ذلك عند بعض المرضى، ممن يؤدي بهم تناول تلك الأعشاب إلى فشل كبدي نهائي، والحاجة إلى زراعة كبد، ولا شك أن التوعية والتثقيف الصحي، كفيلان بنشر الانتباه لأخطار الأعشاب وأضرارها.

- ما تقييمكم اليوم لثقافة التبرع بالأعضاء في المملكة؟

ثقافة التبرع في المملكة، ترتكز على القيم الشرعية، وبالتالي فإن الموافقة على التبرع بأعضاء المتوفين ترتكز على الأحكام الشرعية المتعلقة بالوفاة الدماغية، وجواز نقل الأعضاء من عدمه، وصدرت فتوى واضحة من هيئة كبار العلماء، فيما يتعلق بنقل الأعضاء، وكذلك أخرى فيما يتعلق بالوفاة الدماغية، من مجمع الفقه الإسلامي، وبالرغم من وضوح الرؤية، فيما يتعلق بالأسس الشرعية، فإننا نجد ترددا في قبول الناس لفكرة التبرع بالأعضاء، ولكي نعالج هذا الأمر، فإن الجهات المعنية ينبغي عليها العمل على تصحيح النظرة لفكر التبرع بالأعضاء، فالمجتمع الطبي عليه توضيح معنى الوفاة الدماغية، وحاجة المرضى لزراعة الأعضاء، كما أن الإعلام مطالب بتوصيل تلك الأفكار إلى المجتمع، وعلى علمائنا الأفاضل أيضا توصيل الرؤية الشرعية لهذا الموضوع، كما أن هناك مسؤولية كبيرة على وزارة الصحة؛ لتذليل معوقات التبرع بالأعضاء، والتي تتلخص في عدم تبليغ بعض وحدات العناية المركزة عن الحالات، وكذلك نقص إمكانات تشخيص الوفاة الدماغية، وسوء العناية الطبية بالمتوفين دماغيا، وأخيرا عدم وجود مختصين يستطيعون إقناع الأقارب بالتبرع بالأعضاء.

- وبرأيك كيف يكون الحل؟

وجدنا من خبرتنا أن العمل مع المستشفيات في الميدان «فرق ميدانية متنقلة»، هوأفضل وسيلة لزيادة أعداد المتبرعين، ومن خلال هذه الفرق كان هناك زيادة في الأعضاء في منطقة الرياض إلى ثلاثة أضعاف مقارنة بالسنوات السابقة.

- كم عدد العمليات التي تجرى سنويا لزراعة الكبد بالمملكة؟ وكم تبلغ نسبة النجاح؟

يتجاوز عدد عمليات زراعة الكبد في المملكة، 150 عملية سنوياً، بنسبة نجاح تصل إلى 90 %، و75% من هذه العمليات على الأقل تتم بمستشفى الملك فيصل التخصصي، ويصل عدد علميات الزراعة في المملكة منذ بدء البرنامج لحوالى 2000 عملية.

- بعيداً عن مجال تخصصكم ما قراءتكم للتحديات التي تواجه المنطقة حاليا؟

نعيش مرحلة حرجة تتطلب الوعي والاهتمام والمتابعة، خاصة في عصرنا الذي يصل فيه الخبر ساعة حدوثه لكل أنحاء المعمورة، وعلينا واجب السعي الجاد الحثيث، كي نعتمد على أنفسنا في مجالات العلم والتقنية؛ لكي نستطيع مواجهة التحديات ومواجهة أولئك الذين لا يريدون لبلادنا الخير، فالمملكة اليوم تقود العالم الإسلامي تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله، لدحر الأعداء، وسلاحنا هو التوكل على الله وحده، ثم الاعتماد على أنفسنا، والتسلح بالإيمان والعلم والالتفاف حول قيادتنا الرشيدة، وعدم الانصياع خلف الشعارات الهدامة.

- ما أمنياتكم على المستوى الشخصي والعائلي والوطني؟

أتمنى أن يجد مريض الكبد العلاج الشافي، مهما كانت درجة مرضه، وأن يجد المواطن الفرصة للوقاية والكشف المبكر، قبل أن يصل به المرض إلى مراحل متقدمة من التليف، فهذا الحلم بذلت من أجله الكثير من الوقت والجهد، ولن يحقق إلا بوجود مركز متكامل متخصص في أمراض الكبد، يعتني بشؤون المرضى، ويقوم على رعايتهم، وهذا الجهد أثمر بفضل من الله ثم بتضافر الجهود وحرص المسؤولين ودعم ولاة الأمر عن البدء في إنشاء مركز متخصص، وهومركز الملك عبدالله لأورام وأمراض الكبد، في مستشفى الملك فيصل التخصصي، وأتطلع لبدء تشغيله في القريب العاجل بإذن الله تعالى، وهو مركز يعنى بالفحص المبكر والمتابعة والعلاج، كما أسأل الله أن أرى مركزا عملاقا للتبرع بالأعضاء يوفر حاجة المستشفيات من الأعضاء، وتحقيق تطلعات مراكز الزراعة في مختلف أنحاء البلاد، لئلا نضطر نحن الأطباء إلى الحصول على الأعضاء من تبرع الأقارب الأحياء، وكذلك لئلا يضطر مرضانا للسفر إلى الخارج لشراء الأعضاء، فيرجعون بأمراض أشد ضررا وأعظم خطرا، أوينتهي بهم الأمر إلى الوفاة في بعض الحالات، ولو تضافرت الجهود، وتوفرت الإرادة لتحققت هذه الأمنيات، أما أمنيتي الشخصية فأن يمنّ الله عليّ بالصحة والعافية، وأن أكمل المشوار الذي ألزمت نفسي به وهوخدمة المرضى المحتاجين لرعاية خاصة في مجال الكبد، وعلى المستوى العائلي أتمنى التوفيق لأولادي وبناتي وكافة أفراد أسرتي كما أسأل الله العلي القدير أن يديم علينا نعمة الأمن والاستقرار في ظل قيادتنا الرشيدة.

- نريد منكم وصفة طبية للنجاح؟

تعريفي للنجاح هو "عمل كل ما في وسعك لبلوغ الغاية التي تسعى من أجلها"، وبالتالي فالنجاح لا يقترن بالنتائج، فهو القناعة بالهدف، وبذل الجهد، وكل ما في الوسع لبلوغ هذا الهدف، مع الاتكال على الله وحده وسؤاله التوفيق، وأوجه هذه الرسالة إلى كل مواطن، كلٌ في مجال تخصصه، مع أصدق الأمنيات للجميع بالنجاح والتوفيق، فأنا أعلق آمالاً عريضة على الأجيال الشابة الطموحة.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً