تعود الذاكرة إلى يوم الأربعاء الموافق (22 نوفمبر/ تشرين الثاني 2000)، والذي سارت فيه البحرين في طريق الديمقراطية وأمست دولة المؤسسات وذلك بعد أن أصدر عاهل البلاد (أمير البلاد آنذاك) جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة أمراً أميرياً رقم (36) لسنة 2000 بتشكيل اللجنة الوطنية العليا لإعداد مشروع ميثاق العمل الوطني.
مرت اليوم 15 عاماً على ذلك الحدث التاريخي والنقلة المهمة في مسيرة البحرين الحديثة، وبتتبع التسلسل التاريخي لذلك، فقد عقدت اللجنة الوطنية العليا أولى اجتماعاتها بتاريخ 4 ديسمبر/ كانون الأول 2000 في قصر الزاهر برئاسة سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة، وبحضور أعضاء اللجنة وموظفي السكرتارية وعدد من مندوبي وزارة شئون مجلس الوزراء والإعلام، تلته 5 اجتماعات أخرى خلال الفترة من 6 إلى 18 ديسمبر/ كانون الأول 2000، ليرفع في الثالث والعشرين من الشهر ذاته مشروع ميثاق العمل الوطني إلى عاهل البلاد.
وفي يوم الأربعاء الموافق 27 ديسمبر 2000، رعى العاهل حفل رفع مشروع ميثاق العمل الوطني إلى جلالته في قصر الرفاع، وألقى كلمته التاريخية السامية والتي جاء فيها: «هذا يوم أغر في تاريخ البحرين ولحظة مجيدة في مسيرتنا المشرفة، ويمكننا القول بثقة إن إنجازكم مشروع الميثاق الوطني يمثل خطوة متقدمة في مسيرة التحديث السياسي للدولة والنظم والمؤسسات، بما يلبي تطلعات شعب البحرين الناهض نحو المزيد من التطور والتقدم الحضاري (...)».
وارتبط يوما 14 و15 فبراير/ شباط للعام 2001، بحدث لا ينسى، وذلك بعد أن جرى فيهما استفتاء شعبي على ميثاق العمل الوطني والذي حصد نسبة تأييد كبيرة وصلت إلى 98.4 في المئة ومشاركة وصلت إلى 90.3 في المئة، ليعلن بعد ذلك إجراء انتخابات بلدية خلال مايو/ أيار 2002 وأخرى برلمانية في أكتوبر/ تشرين الأول 2002.
7 فصول ضمّها ميثاق العمل الوطني، إذ شمل الفصل الأول عدداً من المحاور منها المقومات الأساسية للمجتمع، وأهداف الحكم وأساسه، وكفالة الحريات الشخصية والمساواة، وحرية العقيدة، وحرية التعبير والنشر، ونشاط المجتمع المدني، والأسرة أساس المجتمع، والعمل واجب وحق، والتعليم والثقافة والعلوم، فيما ضمن الفصل الثاني العناوين التالية وهي: الأمير، شكل الدولة الدستوري، الشريعة الإسلامية والتشريع، الشعب هو مصدر السلطات جميعاً، مبدأ الفصل بين السلطات، سيادة القانون واستقلال القضاء، وحق الشعب في المشاركة في الشئون العامة.
أما الفصل الثالث فقد تناول الأسس الاقتصادية للمجتمع المتمثلة في مبدأ الحرية الاقتصادية، والملكية الخاصة، العدالة الاقتصادية والتوازن في العقود، وتنوع النشاط الاقتصادي ومصادر الدخل القومي، والبيئة والحياة الفطرية، والأموال العامة والثروات الطبيعية، وأخيراً العمالة والتدريب.
وكان للفصل الرابع مهمة التأكيد على أن الأمن الوطني هو السياج والحصن الحصين لحماية البلاد وصيانة أراضيها ومكتسباتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ودعم مسيرة التنمية الشاملة وخاصة في ظل الظروف والمتغيرات الإقليمية والدولية المعاصرة، ومن أهم ركائز الأمن الوطني دعم وتعزيز قوة دفاع البحرين لتكون قادرة على أداء مهامها وواجباتها على الوجه الأكمل، كما تقتضي توفير المعدات والمقومات الأساسية لقوات الأمن العام لكفالة أداء واجبها في نشر الأمن والطمأنينة في ربوع البلاد والسهر على حفظ النظام والأمن العام، ودعم وتعزيز الحرس الوطني لأداء دوره في إطار منظومة قوة الدفاع والأمن، باعتباره عمقاً عسكرياً لقوة دفاع البحرين، ودرعاً أمنياً لقوات الأمن العام في حماية الوطن، وذلك دعماً لمسيرة التنمية التي تشهدها البلاد، وحفاظاً على منجزاتها الحضارية، وصيانة لكل شبر من أرضها وبحرها وسمائها، وأن الانتماء إلى أجهزة الأمن الوطني واجب وشرف لكل مواطن.
التجربة النيابية في البحرين، تم إدراجها في الفصل الخامس والذي أشار إلى ضرورة وجود تجربة نيابية في البحرين من مجلسين وأن تطور الممارسة الديمقراطية ينبغي ألا يقف عند حدود معينة، طالما أن هنالك مساحات أرحب لهذه الممارسة يمكن ارتيادها من أجل فتح آفاق أوسع لمزيد من الديمقراطية، فيما تناول الفصل السادس مسألة العلاقات الخليجية، إذ بين أن دولة البحرين ستعمل دوماً، وبكل ما أوتيت من جهد على دعم مجلس التعاون ومساندة القضايا العادلة للدول الأشقاء الأعضاء فيه، وتعتبر ذلك من ثوابت سياستها التي تعتبرها نهجاً أساسياً وضرورياً ومصيرياً، ذلك أن أمن ورفاهية دولة البحرين جزء لا يتجزأ من أمن ورفاهية دول الخليج العربية الشقيقة الأخرى.
وأكد ميثاق العمل الوطني في الفصل السابع المتعلق بالعلاقات الخارجية على أن «دولة البحرين تعتز بحقيقة انتمائها العربي، وبكون شعبها الأبي جزءاً لا يتجزأ من الأمة العربية، وأن إقليمها جزء من الوطن العربي الكبير، وقد تجسد هذا الانتماء، ليس فقط في وحدة اللغة والدين والثقافة، ولكن أيضاً في الآمال والآلام والتاريخ المشترك. وانطلاقاً من هذه الحقيقة فإن دولة البحرين لا تدع سبيلاً لدعم التعاون العربي إلا وتبادر إليه، فمنذ استقلال دولة البحرين، وهي عضو فاعل في جامعة الدول العربية، وهي تعمل بجانب أشقائها العرب على تفعيل دور الجامعة لكي تظل إطاراً سياسياً وقانونياً يجسد وحدة الأمة العربية ويعمل على تكامل العمل العربي المشترك وعلى تكريس إرادتها، وتؤكد دولة البحرين على تشجيعها لكل صور التعاون الاقتصادي العربي المشترك.
العدد 4908 - السبت 13 فبراير 2016م الموافق 05 جمادى الأولى 1437هـ