بعد أعوام عدة، شهد خلالها الموقع الإلكتروني لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر رسائل تدعو إلى ضرورة إظهار قوّة أفرادها والشدّة في التعامل مع الآخرين ممن يخالفونهم في توجهاتهم الفكرية، إضافة إلى عدد من الرسائل الأخرى التي يأتي أبرزها مسألة «كشف الوجه»، استبعد القائمون على الموقع أخيراً تلك الرسالة، قبل أن يتنكّر الجهاز لأفعال أعضائه التي كان بعضها متوافقاً مع ما كانت تتبناه سابقاً، وذلك وفق ما نقلت صحيفة "الحياة" اليوم السبت (13 فبراير/ شباط 2016).
وشهدت القضية التي عُرفت بـ«فتاة النخيل» ووقعت في الرياض الأسبوع الماضي، ردود أفعال واسعة اتفقت معظمها على إنكار ما قام به أفراد الهيئة من اعتداء على فتاة تم القبض عليها، إذ ظهرت مطالبات عدة بسرعة محاسبتهم والتصدّي لمثل تلك الممارسات الخاطئة التي باتت متكررة من عدد من أعضاء هذا الجهاز. وفي الوقت الذي كانت فيه الهيئة تدعو إلى الشدّة مع من يخالفها – كما ظهر في موقعها الإلكتروني سابقاً، قدّمت أخيراً صورة متناقضة تمثّلت في تبرؤ الجهاز من فعل أعضائه ووصفه بـ«التجاوز»، مع العمل على محاسبتهم وفقاً لما تقتضيه اللوائح.
وكانت معلومات كشفت لـ«الحياة» أن شرارة قضية «فتاة النخيل» بدأت بعد أن أنكر العضو الميداني للهيئة عليها كشفها لوجهها، على رغم الخلاف الفقهي طوال الأزمنة حول هذه المسألة، إلا أن الرئاسة حتى وقت قريب لم تكن تنظر إلى ذلك الخلاف، إذ اعتبرت عبر موقعها الإلكتروني في وقت سابق أن كشف المرأة لوجهها يعد «معصية»، توجب على «المحتسب» الإنكار عليها.
واحتفظت «الحياة» بعدد من الوثائق المنشورة سابقاً على موقع الهيئة الإلكتروني قبل أن تُسقطه، إذ استعرضت الرئاسة فيه عدداً من المسائل الاجتماعية، مُطلقةً على بعضها وصف «شبهات»، وعلى مسائل أخرى «منكرات شائعة»، يأتي بينها مسألة كشف الوجه، على رغم أن القواعد الفقهية شملت مبدأ «لا إنكار في مسائل الخلاف»، إذ إن عدداً من أهل العلم الشرعي يرون أن تغطية وجه المرأة يعد من المسائل التي يُكتفى فيها بالأمر بالمعروف من دون النهي والإنكار، إلا أن الهيئة وصفت كشف المرأة وجهها بـ«المعصية»، وأن الخلاف في هذه المسألة لا يدخل في باب «ترك الإنكار»، لكون ضرر الكشف لا يختص بالمرأة وحدها، وإنما يصل إلى غيرها لأن ذلك فتنة، محذرة في الوقت ذاته أعضاءها من الوقوع في الفتنة عند حديثهم مع المرأة الكاشفة وجهها!