رأى إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي، الشيخ عدنان القطان، أن الأزمة التي تعيشها مختلف دول العالم الآن، هي أزمة أخلاقية وليست اقتصادية، مشيراً إلى أن هذه الأزمة مرتبطة بسوء تدبير وتبذير للأموال في الكماليات بل في التفاهات إن لم تكن في المحرمات، وعلى جميع المستويات.
وأوضح القطان، في خطبته يوم أمس الجمعة (12 فبراير/ شباط 2016)، أن الإسراف منهي عنه، وكذا البخل مذموم، مشيراً إلى أن من توجيهات الدين الاقتصاد في الإنفاق، بل رتب الله تعالى على ذلك أجوراً وثواباً عليه، فهذا أمر من الله تعالى بالإنفاق على قدر الرزق، ووعدٌ منه سبحانه للفقير باليُسر بعد العسر إذا أنفق على قدر رزقه».
وأكد أن حاجة كثير من الناس إن لم يكن كلهم، ليست لزيادة الموارد والدخل وكثرته، بل يحتاجون إلى التدبير في المعيشة وحسن التصرف والاقتصاد فيها، وقبل ذلك وبعده البركة من الله فيما يرزقهم».
وقال: «تمر الدول والشعوب والمجتمعات والأفراد والمؤسسات بأزمات مالية صعبة، ومراحل اقتصادية، بين مد وجزر وزيادة ونقص، وبين وفرة وقلة، وكثرة ونقصان، والعاقل من يديرها ويتعامل معها بحكمة في كلا الحالتين، فلا يسرف في الوفرة، ولا تقضي عليه الأزمة والنقص، فتنغص عليه معيشته وحياته».
ولفت إلى أن «أكثر المشكلات الاقتصادية تكمن فيما اعتاده البعض من مستوى معيشة معينة، فيها زيادة ومبالغة في المآكل والمشارب والملابس والمراكب، والاحتفالات والملاهي والسفرات، وكثيرٌ منها لا يصل إلى مستوى الحاجات، فضلاً عن الضرورات، وأكثرها من التحسينات والكماليات وما هو دونها، وكلها تستهلك من إيرادات الناس وأموالهم، فتسمع الشكوى من الغلاء وارتفاع الأسعار، وقلة الدخل وإن كان كثيراً، ومن كثرة المصاريف والطلبات ولو كان أكثرها ليس له حاجة».
وأضاف «إن من اللافت للنظر استِرسال بعض الناس في الإسراف والتبذير، فترَى الواجِدَ يُسرِف، والذي لا يجِدُ يقترِضُ من أجل أن يُسرِف، ويصرِف على ما لا يحتاجُه».
وتحدث القطان في خطبته عن أسباب محق البركات، مبيناً أن «البركة والمحق وصفان مؤثران في الأرض وما فيها من أرزاق وأموال، وهما من أفعال الرب جل جلاله، فإذا بارك رزقاً قليلاً وَسِع الناس كلَّهم مهما بلغوا، وإذا محق شيئاً لم يكف صاحبه ولو كان كثيراً، وكما أن البركة هي كثرة الخير ودوامه، ولو بدا للناس قليلاً، فإن المحق قلةُ الشيء وزواله ولو كان في أعين الناس كثيراً».
وذكر أن «أهل الإيمان يعرفون ذلك بنصوص القرآن الكريم، والسنة النبوية الصحيحة، بخلاف الملاحدة الماديين، الذين ينكرون الغيب، ولا يؤمنون إلا بالعد والحساب والإحصاء والميزان، ويظنون أن الله تعالى لما خلق الخلق ضيعهم، فلم تكفهم أرزاقهم، وبنظرتهم التشاؤمية، وسوء ظنهم بالله تعالى أوبقوا أنفسهم، وأضروا بغيرهم».
واعتبر أن «التعامل بالربا يزيد المال في الظاهر فتهفوا النفوس إليه، وإن الزكاة تُنقص المال في الظاهر، فيحجم الناس عنها، ولكن سنة الله تعالى تقضي بأن هذه الزيادة في الربا، تعود على المال وصاحبه بالمحق، كما أن الجزء المزُكى يعود على المال وصاحبه بالبركة والنماء؛ ولذا قيل في الزكاة، إنها النماء والزيادة، وهذه السنة الربانية المحكمة يعرفها المؤمنون؛ لأنهم يؤمنون بالغيب، ويجهلها الماديون، لأنهم ينكرون الغيب».
وتابع «من سنة الله تعالى، مباركة الأموال بالتجارة الحلال، والصدق في البيع والشراء، فتلحق بركة أرباحها المال كله، فيكون مالاً مباركاً، كما أن من سنته سبحانه، محق الأموال بالبيوع المحرمة، والمعاملات الفاسدة المبنية على الكذب والغش والضرر والاحتكار، فيحيط المحق بأصحابها وأموالهم، وقد دل على هذه السنة الربانية أحاديث كثيرة».
وأردف قائلاً «لو أمعنا النظر في هاتين السنتين الربانيتين القاضيتين بأن المال يتبارك بالزكاة وبالصدق والنصح في العقود والتجارة، وأن المال يُمحق بالربا وبالكذب والغش في التجارة، ثم نزّلنا هاتين السنتين على واقع البشر، فإننا سندرك يقيناً أن المحق قد حاق بالبشر في أرزاقهم بسبب انتشار الربا في أموالهم، وتفشي المحرمات في عقودهم ومعاملاتهم، وأن البركة نُزعت من أرزاقهم؛ بسبب منع الزكاة، وقلة الصدق والنصح في العقود والمعاملات. وهذا هو السبب الحقيقي الذي يُغفله الناس في تلك الأزمات المالية المتلاحقة، التي تنذر بخطر كبير على البلاد والعباد».
وأضاف «لنوقن تمام اليقين أن الله تعالى ما ضيع البشر حين خلقهم، وأنه سبحانه قد كفل أرزاقهم، وما من مولود يفد إلى الدنيا إلا ورزقه معه، ولكن البشر أفسدوا في الأرض، حتى ضاقت الأرزاق، ونزعت البركات. إن الأرض في القرن الأخير قد فاضت بالخيرات، وتحررت فيها التجارات عقب الثورة التجارية، ثم اتسعت الأرزاق أكثر بعد الثورة الصناعية، وزادت أكثر وأكثر بعد ثورتي الاتصال والمواصلات، ولكن الفقر ازداد في الأرض، وكثر الجوع، وتبع ذلك اختلال الأمن، واضطراب الأحوال».
وأشار إلى أن «الفساد الرأسمالي في الفكر والتصور والإدارة والعمل قد تسبب في محقٍ عظيم أحاط بالبشر في كل بقاع الأرض، وأسبابُ هذا المحق جاءت به الرأسمالية المتوحشة؛ فالربا الذي هو الركن الأول للمحق لم يكتف الرأسماليون بالتعامل به فحسب، بل فرضوه نظاماً مالياً عالمياً كان سبباً لمحق أموال الناس في كل مكان، والآن يجنون بعض ثماره الفاسدة، ويعانون من محقه الأكيد».
وأفاد بأن «المعاملات المحرمة أكثر من أن تُحصى في نظامٍ أطلق لكبار المرابين والمقامرين والمتوحشين أن يمتصوا دماء الناس، وينتهبوا أموالهم، ويلعبوا بعقولهم، ويغشوهم في تجاراتهم عبر الدعايات الكاذبة للمنتجات الاستهلاكية التي تنفق الشركات المنتجة أموالاً طائلة عليها، لا هدف لها إلا التسويق وخداع المتلقين عنها بأي وسيلة، حتى حولوا الناس إلى مستهلكين دائمين لا ينفكون عن الاستهلاك والإسراف ولو استدانوا لذلك وافتقروا، فكان فعلهم هذا من أعظم الغش والكذب والغرر في التجارات، وتسويق المنتجات، وقد علمنا أن المحق من سنة الله تعالى في أموال أهل الكذب والغش».
وخلص إلى أن «أسوأ ما في النظام المالي المهيمن على العالم في هذا العصر أنه شرَّع أسباب المحق ونشرها وفرضها، وحارب أسباب البركة وحال بينها وبين أكثر الناس، وبهيمنة هذا النظام المالي الفاسد عمَّ المحق أموال البشر، ونُزعت البركة من أرزاقهم».
العدد 4907 - الجمعة 12 فبراير 2016م الموافق 04 جمادى الأولى 1437هـ
أقول يا شيخ
كم تحصل ..
سببها
فَمَا جَاعَ فَقِيرٌ إِلَّا بِمَا مُتِّعَ بِهِ غَنِيٌّ
وَمَا رأَيْتُ نِعْمَةً مَوفُرَةً إلا وجَانبَها حقٌّ مُضيَّع.. الإمام علي
الونيس
الراتب 250 ويقول تبذير كيف حالك ياشيخ
ياجماعة
احد يفهة ناس رواتبها ٢٥٠دينار