هزّ كبير أساقفة الكنيسة الأنغليكانية جاستن ويلبي، أسقف كانتربري، المجتمع البريطاني، خصوصاً الدوائر السياسية في البلد، بدعوته الحكومة البريطانية إلى تحمل مسئولياتها بالنسبة للصراع في الشرق الأوسط والاعتراف بأن الاستعمار الكولونيالي البريطاني في هذه المنطقة هو سبب أساسي لظهور تنظيم «داعش» المتطرّف، إضافة إلى الثقافة الأميركية والغربية عموماً التي غزت العالم، معتبراً أنه من الخطأ مواجهة «داعش» بالقوة والسلاح فقط ، وفق ما نقلت صحيفة "الراي" الكويتية اليوم الجمعة (12 فبراير / شباط 2016).
فأن يصدر مثل هذا الكلام من صحافي أو كاتب مهما كان مهماً شيء عادي، لكن أن يصدر عن أحد كبار حكماء القوم في بريطانيا، فالمسألة ليست بسيطة وتحتاج إلى وقفة خاصة.
فكلام كبير أساقفة الكنيسة الأنغليكانية، التي تعد أكبر كنيسة في بريطانيا ورئيستها الفخرية الملكة إليزابث الثانية ولها أتباع في جميع أنحاء العالم، جاء في محاضرة له ألقاها في«جامعة كوين»في مدينة بلفاست عاصمة إقليم إيرلندا الشمالية وجرى فيه التركيز على محاربة الخطر الإرهابي الذي تواجهه بريطانيا والعالم من«داعش»حالياً.
وقال ويلبي:«على بريطانيا أن تواجه مسؤولياتها التاريخية في شأن الصراع الدائر في الشرق الأوسط والاعتراف في شكل خاص بما ترتّب على تصرفاتها خلال الحرب العالمية الأولى وما بعدها»، في إشارة واضحة لاحتلال أجزاء واسعة من العالم العربي ومن ضمنها منطقة الخليج العربي وتقاسم سورية الكبرى مع فرنسا في«اتفاقية سايكس بيكو»ومنح فلسطين لليهود ليقيموا فيها وطناً قومياً لهم.
وذكر كبير الأساقفة أن«الامبراطورية البريطانية كنظام تجاري عالمي والثقافة الأميركية اللتين رفعتا لواء الدفاع عن المرأة ومثليي الجنس، هما عنصران مهمان أدّيا إلى الإساءة للمسلمين وبالتالي كراهيتهم لها». وقال إنه لا يعارض قرار رئيس الوزراء (البريطاني) ديفيد كاميرون في إرسال قوات عسكرية لمحاربة«داعش»في سورية، لكنه أضاف«أن ذلك سيكون خاطئاً إذا كانت الحرب والقوة العسكرية هي الوحيدة المستخدمة لمحاربة داعش». وتابع أنه«على بريطانيا حتى مواجهة التراث الذي خلّفته لها فترة حكم الملكة فيكتوريا بالنسبة للشرق الأوسط»، وهي الفترة التي شهدت دخول بريطانيا إلى الخليج العربي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر.
وأوضح ويلبي أن كثيراً ما يقال له ان السعودية هي البلد الوحيد في الشرق الأوسط الذي لم يخضع للاستعمار الكولونيالي البريطاني، لكنه اعتبر أنه«في عام 1920 كان الحاكم الرئيس للمسلمين في العالم هو الملك جورج الخامس»، وأضاف، مع ذلك«فالتوجه الغربي إلى النبي محمد (صلّى الله عليه وسلّم) ونظرة وسائل الإعلام للمسلمين كانت مقرونة دائماً بالوحشية والغضب الشديد».