المقصود بالإيحاء Suggestion هو الاثر الذي يقع على تصرفات الشخص نتيجة رسالة تتجه مباشرة الى العقل الباطن، وتعتمد في قوتها على اجتذاب مشاعر الشخص بصورة مباشرة. الإيحاء قد يكون له تأثير قليل، أو لا تأثير، على قوى الشخص الذهنية (العقل)، والإيحاء لا يثير المناقشة او النقد، وانما هو حالة يميل الشخص الى تقبلها من دون تفكير، وذلك نظرا لقوة جاذبيتها لمشاعره.

أما الإيحاء الذاتي Autosuggestion فهو ايحاء يوجهه الشخص لذاته (بعكس ا الإيحاء الذي يعتمد على مصدر خارجي)، ولذلك فان الاعلانات التجارية تعتمد أساساً على قابلية الانسان للايحاء، والاعلانات الأكثر ذكاء هي التي تجتذب المشاعر والعواطف، أو انها تثير الغرائز، من خلال مخاطبة العقل الباطن مباشرة.

ويمكن استخدام الإيحاء الذاتي في «التنمية الذاتية»، إذ يمكن اعادة هيكلية الذهنية، أو وقف أو تغيير عادات قائمة. الإيحاء الذاتي يساعد كثيراً في خلق عادات وانماط تفكير جديدة، والوسيلة تعتمد على اقتراح فكرة معينة، وترديدها، بحيث تصل الى العقل الباطن للشخص الذي يمارس الإيحاء الذاتي.

أن تكرار ذكر فكرة عدة مرات، وعلى مدى فترات مناسبة، هو ابسط اسلوب في «الإيحاء الذاتي»، إذ ان تكرار فكرة جديدة في داخل نفسك، وعلى أساس منتظم، يأخذ شكل التأكيدات Affirmations الهادفة إلى زيادة الثقة بالنفس.

مثلا، قد يكرر الشخص «أنا شخص جيد ولائق لهذا العمل»، ومن خلال تكرار العبارة مراراً، يستطيع هذا الشخص تكييف نفسه لاجادة العمل الذي يعتزم القيام به.

الإيحاء الذاتي يتطلب الاسترخاء Relaxation ، وذلك للمساعدة في السيطرة على المزاج عبر استشعار الهدوء، وتصور مشاهد Imagery تساعد على الشعور بالراحة.

وقد ذكر بيتر فليتشر Peter Fletcher في كتابه «كيف تمارس الإيحاء الذاتي» - ترجمة صلاح مراد- بعض الارشادات لممارسة الإيحاء الذاتي، كما يلي:

1. تخيل بعقلك ما تريد أن تعمله، أو أن تكون عليه، واكتب أبسط عبارة بصيغة إيجابية، لتعبر بها عن رغبتك، واكتبها على الورق حتى لا تجد فرصة لنسيانها، واقض بعض الوقت فى هذه الخطوة، و لا تنتهى منها إلا عندما تكون الجملة معبرة تماما وبدقة كاملة عما تريده.

2. فكر بعناية فى أسباب عدم تحقيق ما تريد حتى الآن، و ما هى المشاعر المعتادة التى منعتك من تحقيق ما تريد، أو جعلتك تستمر فى طريق آخر مخالف للطريق الذى تريد السير فيه الآن. فكر فى أى طريق كانت مخيلتك تسير حتى الآن، بحيث لم تتحقق السعادة و الاكتفاء عن الطريق الاخر الذي تريد الان ان تسير فيه.

3. الآن اسأل نفسك بإخلاص عما إذا كان إشباع رغباتك سيتحقق عبر الطريق الجديد الذى تريد سلوكه فى المستقبل، وقارن ذلك فى مخيلتك مع ما توفره لك العادة الحالية.

4. ابحث فى عقلك ومخيلتك عن كل احتمالات السعادة و السرور، و تقدير الذات التى يمكن أن تراها فى خطة العمل الجديدة، وتصور نفسك فى كل أنواع الظروف المختلفة، وفى جميع أنواع الحالات النفسية التى تمر بها و أنت تتصرف وفق الطريقة الجديدة.

5. استمر فى البحث الذهني إلى أن تقتنع بأنك سوف تشعر بسعادة أكثر عند عمل ما تنوى أن توحى لنفسك به. و عندما تثق من ذلك، فإنه يمكنك بأماكنك أن تبدأ فى اختيار خطة محددة للإيحاء. و إذا لم تستطع أن تعمل ذلك، فاترك الهدف الحالي، و أبحث عن هدف آخر يحقق الشروط بحيث يكون هدفاً قريباً عن امكانياتك ورغباتك الحقيقية. وعندما تفعل ذلك كله، فقد تجد أنه يجب أن تراجع العبارة المكتوبة للايحاء والتى كتبتها وأعددتها من قبل، وأن تعدل فيها إلى أن تحصل عليها في صورة صحيحة تماما، ثم ضعها في صيغة تأكيد ايجابي شخص في جملة تبدأ هكذا « أنا أستطيع وسأعمل كذا و كذا».

6. والآن أصبح لديك إيحاء ذاتى، خصص لنفسك عشر دقائق قبل أن تنهض من السرير فى الصباح، وعشرة دقائق قبل أن تذهب للنوم فى المساء. و أبحث عن مكان تكون فيه بمفردك هذه المدة، و حيث يمكنك أن تسترخى فى وضع مريح والأفضل أن تكون راقدًا على ظهرك. وهنا يجب ان يكون الاسترخاء حقيقياً، وهذا ما يجب ان تتعلمه. لا تسعتمل قواك العقلية أثناء هذه الفترة من الاسترخاء، واترك أفكارك تنساب فى الإيحاء الذى كتبته بهدوء وراحة دون أي مجهود عقلى على الإطلاق. اترك مخيلتك تتصور انك تعمل الآن ما تريد ان تعمل أو كأنك أصبحت من نوع الناس الذين تريد ان تصبح مثلهم.

7. أشعر نفسك متمتعاً بالتجربة التى تتخيلها كأنها حقيقة بقدر الإمكان، و تصور أنك فى كل أنواع الحالات، فى المنزل، فى العمل، فى الشارع، فى أى مكان محتمل أن تكون فيه، تتصرف تبعاً للتعليمات الواردة فى إيحاءك. واعمل ذلك متمتعاً بكل أنواع السرور والمتعة التى يمكنك أخذها من ذلك الشعور لمدة تسعة دقائق. وفى الدقيقة الأخيرة كرر لنفسك ببطء وعناية كلمات إيحائك، بصوت عال وبثقة كما لو كانت رغبتك قد تحققت فعلا.

8. فى نهاية العشر دقائق، أيقظ جسمك وعقلك من حالة الاسترخاء، و انسى كل تخيلاتك و كل ما صممت عليه حتى الفترة التالية من التدريب النفسي. إن النسيان مهم، ومثله فى ذلك كمثل الإيحاء نفسه. و كثير من الناس يفسدون أثر الإيحاء الذى يوجهونه لأنفسهم نتيجة محاولة استعجال الأمور.

9. المخيلة و العقل الباطن يجب أن تتاح لهما فرصة العمل بطريقتهما الخاصة، ومن أجل ذلك يجب أن تكون هناك فترات منتظمة من تمرينات الاسترخاء و التخيل، وبينها يجب أن يختفى الأمر كله «عن النظر و العقل» وعليك أن تستمر بطريقتك القديمة دون بذل أي مجهود للتغيير إطلاقا.

10. استمر فى التمرينات الصباحية والمسائية كل يوم وبدون انقطاع حتى يتم التغير الذى تريده وهذا هو كل شيء... فالإيحاء الذاتي يتحقق فى غاية البساطة.

وبحسب فليتشر، سيحصل التغيير في سلوكك، ولكنه سيحصل بدون مجهود أو ملاحظة، وستجد تدريجيًا أن تصرفاتك بدأت فى تطبيق إيحائك دون أن تعرف لذلك سبباً، و لكنك إذا استمرت ملاحظتك لنفسك أو إذا حاولت أن تتعجل الأمور فإنك تكون قد أيقظت صفات النقد فيك، و بذلك تفسد الأثر الحسن الذى عمله الإيحاء قبل أن يستقر كشعور أساسى فى نفسك.