بنيامين فرانكلان، الفقير الذي كان أبوه يتذمر من أولاده السبعة عشر ومن متطلباتهم، والذي أرغمه أبوه على العمل وهو في سن العاشرة عاملاً في مصنع، ثم نجاراً وحداداً وصانع أحذية، وأراد له أن يكون قسيساً فكان يتمرد على ذلك، فخشي عليه أبوه الهرب وشجعه على العمل في مطبعة أخيه حاد الطباع شديد القسوة، ومع كثرة العمل وقسوته لدى أخيه إلا أنه لم يسأم واستمر بالعمل فيها، وكان يقضي أمسياته يقرأ الشعر والأدب والكتب المتنوعة، ثم بدأ بكتابة المقالات والشعر ونشرها من غير تذييلها باسمه؛ كي لا يكتشف أخوه ذلك ويوقفها، حتى افتضح أمره ونهره أبوه فضاق ذرعاً بالحصار وهرب إلى نيويورك التي رفضت انضمامه إلى مطبعتها الوحيدة فسافر إلى فلادلفيا في سفينة عمل بها حتى وصل وهو لا يملك إلا ثلاثة بنسات اشترى بها خبزاً يأكل منه قضمة ويدخر الباقي تحت إبطه، فتسول وتشرد في شوارعها إلى أن وجد عملاً لا يحرمه من القراءة والمطالعة، فكان كثيراً ما يحرم نفسه العشاء ليشتري كتاباً، بعد أن تزوج واستقر.
في سن العشرين خطا أولى خطواته الجريئة فأنشأ مجلة باسم مجلة فلادلفيا، وكان عدد الصحف وقتئذ في الولايات المتحدة الأميركية لا يتجاوز الثلاث، فاستطاعت أن تثبت مكانتها خلال فترة وجيزة بسبب خبرته في هذا المجال، واهتمامه بنوعية الأخبار التي تهم المجتمع، وأدخل الاعلانات ضمن صفحاتها مما أعطاها أهمية أكبر، إلى أن وصل إلى مرحلة إصدار نشرات وكراسات مطبوعة كانت نواة للكتب المطبوعة فيما بعد. وبعد سنوات سلّم المجلة إلى شريكه وانصرف لإدارتها فنيّاً وتعلم اللغات الإسبانية والفرنسية واللاتينية والإيطالية، وأنشأ نادياً لتبادل الكتب كان نواةً للمكتبات العامة، ثم أنشأ اتحاداً أهليّاً لمكافحة الحريق بعد أن نشب حريق كبير في المدينة، فشركة للتأمين ضد الحريق، ثم جمعية لدراسة العلوم صارت فيما بعد جامعة بنسلفانيا.
كما اختير مديراً عامّاً للبريد، فنقله من حاله البدائي البطيء إلى حال أفضل وأكثر تطوراً، وابتدع فكرة الطوابع البريدية ونفذها فغطى بإيراداتها نفقات البريد. وبفضل درايته واطلاعه على كل ما هو جديد في العلم والدراسات، حوّل بعض الأراضي البور التي اشتراها إلى مزارع فاكهة ونباتات مختلفة، إلى أن أغرته السياسة فدخل غمارها وتسلم عضوية المؤتمر الوطني الثاني وأسندت إليه مهمة تنظيم البحرية والجيش، ومع أنه كان حينذاك في التاسعة والستين من عمره إلا أنه نجح في هذه المهمة بل نجح فيما هو أبعد من ذلك، إذ أقنع جماعات من الكويكرز بالاسهام في الحرب ضد الاستبداد الانجليزي. حين توفي فرانكلان لم يبق أحد في البلد إلا وبكى عليه؛ لأنهم تيقنوا أنه ظل مخلصاً وقادراً على العطاء حتى آخر يوم في حياته. هكذا لا تقف الظروف حاجزا ً أبداً أمام نجاح الفرد وتعلقه بالعلم والاستفادة منه مهما كان فقيراً معدماً.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 4905 - الأربعاء 10 فبراير 2016م الموافق 02 جمادى الأولى 1437هـ
ممتاز
هذه الروايه تعطي الطاقة الإيجابية وعدم الياس
قصة ملهمه ورائعه
مقال متميز لكاتبة متميزة
موفقه عزيزتي لكل خير
محرقي
فرانكلن شخص فائق الذكاء وهو احد منظري الحركة الماسونية إن لم يكن الأب الروحي لها
نعم نعم مقال رائع عن رجل رائع
مقااال اكثر من رائع لا يجود احلى من الاصرار????
مقال ملهم
مقال رائع يبين كيف للفقير ان يكون مهما في بلاد تهتم بالانسان اولا
قصة ملهماً
فعلا .. قصة أصرار ونجاح شخصي وقدوة حسنة .. شكرا لهذا المقال الرائع لنبدأ صباحنا بالنشاط الدائم
بالفعل
قصة جميلة ومحفزة . شكراً استاذة مقالك رائع