تحدى قرار البرلمان الدنماركي، بشأن مواجهة موجة اللاجئين، ومصادرة الأصول الخاصة بطالبي اللجوء القادمين إلى الدنمارك، كل التوقعات، كما فتح المجال لإثارة الجدل والانتقادات والاعتراضات الاوروبية والدولية، على السياسات الخاطئة التي تنتهجها الحكومة اليمينية الدنماركية بخصوص اللجوء والهجرة، لكن ذلك لا يبدو أنه قد يغير في الأمر شيئا.
ففي الوقت، الذي فتحت فية غالبية الدول الاوروبية الغربية، أبوابها مشرعة على مصراعيها لاستقبال المزيد من المهاجرين واللاجئين الفارين من جحيم الحروب والنزاعات المسلحة والاضطرابات والمجاعات، ووفرت لهم الملاذات الآمنة والمساعدات، فإن الدنمارك وحدها على ما يبدو، خالفت هذه الفكرة بشكل مثير، فقد أقر البرلمان الدنماركي، الذي يتمتع بغالبية يمينية، قرارا مخالفا للمعاهدات الدولية يهدف إلى الحد من تدفق اللاجئين، وفرض شروط مجحفة بحقهم، يأتي في إطار خطة ممنهجة توليها السلطات الدنماركية أهمية بالغة، لإذلال جميع اللاجئين القادمين إلى البلاد، وتحميلهم كل نفقات إقامتهم في الدنمارك، وبموجب هذا القرار يمكن للسلطات الأمنية الدنماركية، تفتيش أمتعة جميع اللاجئين في نقاط الحدود، ومصادرة المقتنيات الثمينة والأموال السائلة الخاصة بهم، والتي يمكن أن تزيد عن قرابة 10 آلاف كرونة دنماركية، أي ما يعادل قرابة (1340 يورو) بهدف استخدامها لتمويل نفقات إقامتهم في البلاد.
وبفعل كل هذه الاجراءات، خالفت الدنمارك قوانين المفوضية الأوروبية، المتعلقة بقضايا اللجوء والهجرة، وكذلك الاتفاقات والمعاهدات الدولية، التي تشدد على معاملة اللاجئين الفارين من أتون الحروب والنزاعات المسلحة والاضطرابات، معاملة انسانية خاصة، وأصبحت بعد اعتمادها هذه الإجراءات موضع انتقادات وربما سخرية وتهكم، من قبل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وكذلك الأمم المتحدة، كبلد لم يكن بوسعه استيعاب الأجناس المختلفة والثقافات الأخرى.
ويقول مسئولون في منظمات حقوقية أوروبية، أن الدنمارك بالغت في إجراءاتها الأخيرة ضد اللاجئين المعذبين، وأنها تريد من خلال كل هذه الإجراءات المخالفة للقوانين والمعاهدات الوطنية والأوروبية والدولية، أن تجرح مشاعر اللاجئين وتضايقهم وتبتزهم وتسطوا على مقتنياتهم الخاصة، وتجبرهم وأطفالهم على تناول لحوم الخنازير كطعام إلزامي في مراكز إيواء اللاجئين ودور الحضانة، تحت ذرائع واهية للحفاط على العادات والتقاليد والخصوصيات والثقافة الوطنية الدنماركية من الضياع والاندثار.
وفي نفس الوقت، الذي أعلنت فيه عدة منظمات حقوقية وطنية ودولية، عزمها على دعم قضية اللاجئين المتضررين من هذه الإجراءات المؤسفة والمجحفة، وتقديم شكاوى ضد التعديلات الجديدة على قانون اللجوء التي أقرها البرلمان الدنماركي حديثا إلى المحكمة الأوروبية، أدانت الأمم المتحدة، هذه التعديلات، وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون «ينبغي معاملة جميع الناس الذين عانوا كثيرا وفروا من الصراعات والحروب بتعاطف واحترام مطلق، مع الحفاظ على كل حقوقهم الكاملة كلاجئين».
إقرأ أيضا لـ "هاني الريس"العدد 4905 - الأربعاء 10 فبراير 2016م الموافق 02 جمادى الأولى 1437هـ