يا حبّذا ريحُ الولد
ريح الخزامى في البلد
أهكذا كلُّ ولد
أم لم يلد مِثلي أحد!
كانت تلك أرجوزة لإحدى النساء في الجاهلية وقد كانت تهدهد وليدها الذكر على مقربة من خيمة ضرّتها، وكانت بذلك تريد إغاظة ضرّتها التي أنجبت أنثى (حسب سياق ما ذكر في مناسبة قول البيتين).
القارئة فَيّ العباسي تقول في مقالها إن الأمهات يفضّلن الذكور على الإناث، وهي تستهجن هذا الفعل وتستغربه كون الولد والبنت هما فلذتا كبدَي الأبوين.
قطعاً لا يعود تفضيل الذكر على الأنثى لموروثات (جاهلية) ولا لنوع من التمييز الجندري، ولكن يبدو أن الأم ترى في الذكَر سنداً لها وذخراً لسنيّ كهولتها وعجزها وإن كان ذلك الظن والأمل نسبياً وغير دقيق!
كما أنه من خلال بعض القصص والتجارب الحية، لوحظ أنّ الأم، غالباً، هي التي تميّز بين أبنائها وتولي بعضهم أو أحدهم (الأكبر أو الأصغر) اهتمامها ورعايتها ويحظى بدلالها وتظل تدفع وتدافع عنه باستماتة، وأحياناً يكون ذلك على حساب أبنائها وبناتها الآخرين، ومن العجيب والمُحزن في الوقت ذاته أن كثيراً من الأمهات يمِلنَ إلى أحدهما (الولد أو البنت) الذي يُعاملهن بغلظة ويسبب لهن الأذى والألم!
أمّا الغريب في الأمر هو أن الرجال صاروا هم من يفضِّلون إنجاب البنت على الولد ويحتفون بولادتها والتباهي بها. وتفضيل البنت على الولد هنا يرجع لعدة أسباب؛ ربما أهمها أن تربية الولد صارت معقدة وصعبة، وصار هذا الجيل متمرداً ولا يصغي ولا يطيع والديه، وكل تلك الأمور مستحدثة وجديدة على واقع الأسرة بسبب انتشار التكنولوجيا وسهولة الوصول إليها؛ ما يجعل الولد وسلوكه في مهب الريح، فضلاً عن تطلّعات الولد (المادية) التي لا تقف عند حد!
والملاحظ أن المودّة والتعلّق متبادل بين الأب وابنته، كون البنت كما يقال "أبويّة العاطفة" وتميل وتقف إلى جانب أبيها دائماً حتى في خلافه مع أمها!
جابر علي