يقوم معظمنا بالكثير من العمل يومياً لكننا دائماً ما نواجه مشكلة عدم القدرة على التركيز لفترات طويلة. لذلك قام العلماء بإجراء بعض البحوث حول العوامل التي تجعل الناس أكثر أو أقل تركيزًا (إنتاجاً وإبداعاً)، وفق ما نقل موقع "ساسة بوست" .
وقد أنتجت هذه البحوث عدداً من النصائح حول ما يجب القيام به وما يجب تجنبه لجعل الساعات التي تقضيها في العمل أكثر فائدة.
قد يكون مغرياً محاولة تحقيق التوازن بين عدة مهام في وقت واحد، لكن هذا يجعلنا أكثر بطئاً وقابلية للوقوع في الأخطاء. فقد أظهرت بعض الدراسات أن الأشخاص الذين يقومون بعدة مهام في وقت واحد أكثر عرضة للإلهاء بالمحفزات البيئية.
لكن لماذا لا نستطيع القيام بعدة مهام في وقت واحد؟ يردُّ الباحثون على هذا السؤال قائلين أن الدماغ البشري لديه قدرة كبيرة على المعالجة (حل أكثر من أمر في نفس الوقت)، لكنك عندما تطلب منه القيام بعدة مهام في آن واحد فأنت بذلك تقلل من قدرته بدلًا من محاولة تعظيم كفاءته.
وهناك بعض الطرق لتجنب هذه المشكلة:
أولًا مقاومة الإغراءات، مثل التفقد الدائم لبريدك الإلكتروني أو الإطلاع على فيسبوك.
ثانيًا كتابة قائمة بالأشياء التي تريد القيام بها واختيار واحدة منها وتجاهل الأمور الأخرى.
ويمكنك من أجل هذا خلق بيئة العمل الخاصة بك لجعل هذا أسهل، فمثلا يمكنك فصل الإنترنت عن جهاز الكمبيوتر أثناء عملك. ويمكنك أيضًا إيقاف تشغيل الهاتف المحمول.
أخذ قسط من الراحة بدلًا من القيام بالعمل قد يعتبره البعضُ مضيعة للوقت. لكن هناك أدلة على كون أخذ فترات قصيرة من الراحة في بعض الأحيان يساعدك على التركيز عند العودة للعمل وبالتالي فهو مفيد للعمل.
ويكون ذلك خاصة إذا كنت تواجه صعوبة في التركيز. فقد أظهرت بعض البحوث أن أخذ استراحة عند مواجهة مشكلة صعبة للغاية قد يساعدك على إيجاد حل أكثر إبداعًا لها.
لكن يجب التأكيد على أن أخذ استراحة يختلف كثيرًا عن تفقد فيسبوك وتويتر كل عشرين ثانية، فهذا يعتبر قيامًا بعدة مهام في آن واحد يفقدك الانتباه ويصيبك بالتشتت أثناء عملك.
فالاستراحة الفعالة تعني فصل نفسك عن العمل لمدة من الوقت لا تقل عن عشر دقائق تقضيها في الكلام مع زملائك أو تناول وجبة خفيفة أو الوقوف والمشي.
لكن لماذا أخذ استراحة يجعلنا أكثر إنتاجية في عملنا؟ يقول الباحثون أن الدماغ البشري يشبه العضلات، وعند الإفراط في استخدامها تتعرض للإرهاق، فأخذ فواصل أثناء العمل يساعد على إعادة شحن الدماغ. فالفواصل قد تكلفك عشر دقائق من وقت العمل ولكن الفوائد التي تعود عليك من حيث التركيز والإبداع تستحق ذلك.
المشي هو واحد من أكثر أنواع الاستراحات فاعلية، وذلك لأن الحصول على بعض التمارين الرياضية يعزز الجانب الإبداعي لدى الشخص عند للعمل. فقد أظهرت عدة دراسات أن المشي لفترات قصيرة يزيد من مهارات حل المشاكل لدى الأشخاص ويساعدهم على إيجاد حلول بديلة أفضل.
ويفضل المشي في المساحات الخضراء، فقد أوضحت الأبحاث أن الأشخاص الذين يتنزهون في المناطق الخضراء يتمتعون بالكثير من الفوائد أكثر من الأشخاص الذين يتنزهون في المناطق الحضرية المزدحمة.
وللمشي فوائد أخرى لا تتعلق بزيادة إنتاجية العمل فقط بل بالصحة على المدى الطويل. فهناك الكثير من الأدلة على أن الجلوس طول اليوم له تأثير سلبي على القلب والأوعية الدموية. لكن المشي لمدة خمسة دقائق أو أقل يوميًا قد يساعد على تخفيف هذه الآثار.
للأسف فإن معظم البيئات المكتبية الحديثة لا تسمح لمعظمنا بأخذ غفوة في منتصف النهار على الرغم من وجود أدلة كثيرة على أن أخذ قيلولة قصيرة يجعلك تسترجع حيويتك عند العودة للعمل.
فقد أثبتت التجارب التي أجريت أن أولئك الذين يأخذون قيلولة يتفوقون على غيرهم ممن لا يفعلون ذلك من حيث القدرة على الجلوس لفترات طويلة أمام شاشة الكمبيوتر وسرعة الاستجابة للمؤثرات الخارجية. فممرضات غرف الطوارئ اللاتي يأخذن قيلولة قبل الشروع في عملهن على سبيل المثال يكنّ أشد انتباهًا وأكثر قدرة على القيام بالمهام.
لكن القيلولة لا تنفع معنا أحيانًا لأن بعضنا أصبح مكيفا للنوم ليلًا فقط ولفترة طويلة. لكنك إذا أردت أن تأخذ غفوة أثناء النهار فإن مفتاح نجاحها هو النوم لثلاثين دقيقة فقط. لأن النوم أكثر من ذلك يجعلك عرضة للدخول في المراحل العميقة من النوم ويشعرك بالدوارعند الاستيقاظ.
ويقول بعض الأطباء أن فترة منتصف بعد الظهر من الساعة (1 إلى 3) هي أفضل فترة لأخذ قيلولة.
5- التعرض للضوء الطبيعي
تقول الأبحاث أن التعرض المنتظم للضوء الطبيعي يجعل الإنسان أكثر إنتاجية في العمل. وتشير الدراسات إلى أن العاملين في المكاتب الذين يجلسون بالقرب من النوافذ يكونون أقل عرضة للإصابة بالصداع وأقل غيابًا عن العمل.
وليس من الواضح كيف يساعد التعرض للضوء الطبيعي على زيادة إنتاجية العمل، لكن هناك عدد من العوامل يساعد على ذلك، فالتعرض المنتظم للضوء الطبيعي يساعد على تنظيم الساعات البيولوجية للجسم، وبالتالي زيادة الاستفادة بالنوم أثناء الليل واليقظة أثناء النهار. كذلك فإن التعرض للضوء الصناعي لفترات طويلة يزيد من إرهاق العين بمرور الوقت.
وإذا لم تتمكن من الجلوس بالقرب من نافذة أو من استخدام وحدة إضاءة تعطي نفس موجات الضوء الطبيعي فهذا سبب آخر يدفعك للقيام بالمشي خلال يومك.
أخيرًا فيما يتعلق بضوء شاشة الكمبيوتر هناك بضعة أمور يمكنك القيام بها. يجب عليك أن تنظر بعيدًا عن الكمبيوتر على الأقل 20 ثانية كل 20 دقيقة فهذا يساعد على منع إجهاد العين. بالإضافة لذلك يمكنك استخدام تطبيق F.lux الذي يضبط لون الشاشة والسطوع تلقائيا إلى الوضع الأكثر شبهًا بأشعة الشمس في المساء.
6- الذهاب للمقهى
ليس لجميعنا حرية اختيار المكان الذى سيعمل فيه، لكن إذا كنت تمتلك حرية اختيار المكان فيمكنك الاستفادة من التوجه إلى بيئة صاخبة مثل المقهى. لكن إذا لم تتمكن من ترك مكتبك فيمكنك استخدام موقع Coffitivity، الذي يصدر صوتًا يجعلك تشعر وكأنك في مقهى.
فقد أظهرت الدراسات أن هناك بعض الناس عند زيادة مستوى الضوضاء المحيطة بهم يزداد الجانب الإبداعي عندهم. خاصة إذا ما كنت محاطًا بمستوى معتدل من الضوضاء (70 ديسيبل) وهذا المعدل من الضوضاء يمكنك الحصول عليه في المقهى.
ويشير الباحثون المشاركون في هذه الدراسة إلى أن الضوضاء المعتدلة تزيد معدل الإبداع لأنها تجعل عملية معالجة المعلومات صعبة إلى حد ما، وهذا في الواقع يساعدنا على التفكير المجرد بما يؤدي إلى إيجاد طرق لحل المشكلات المطروحة.
هذا لا يعني أن عليك أن تحيط نفسط باستمرار بالضوضاء كلما شرعت في العمل، لكن إذا كنت عالقًا وتريد قليلًا من المساعدة للتفكير بشكل خلاق فإن فكرة الذهاب إلى بيئة صاخبة باعتدال قد تكون جيدة.