الظاهرة الأكبر في الملاعب الأوروبية هذا الموسم هو فريق ليستر سيتي متصدر الدوري الإنجليزي بفارق 5 نقاط عن أقرب منافسيه بعد مرور 25 جولة من المسابقة المكونة من 38 جولة.
ليستر، أو فريق الثعالب كما يلقب، نجا بأعجوبة الموسم الماضي من الهبوط إلى الدرجة الثانية قبل أن تقرر الإدارة ايكال المهمة الفنية للمدرب الايطالي الشهير كلاوديو رانييري الذي يمتلك خبرة كبيرة في أعظم الدوريات العالمية، لكن مع نسبة نجاح ضئيلة في تحقيق الألقاب.
شخصيًّا لم أكن من المعجبين بتاتًا بالمدرب رانييري واعتقدتُّ دائمًا أنه غير قادر على تحقيق الإنجازات، حتى أني صادفته مرة على الطائرة نفسها، وكان جالسًا في الكرسي الذي أمامي مباشرة مع طاقمه الفني ابان تدريبه نادي يوفنتوس الإيطالي العام 2007 في رحلة من روما إلى لندن ولم أجد في نفسي الدافع للتصوير معه أو أخذ توقيعه، وخصوصًا أن يوفنتوس كان للتو صاعدًا من الدرجة الثانية إلى الدرجة الأولى.
لو تكررت هذه الصدفة مرة أخرى لما ضيعتها دون أخذ صورة تذكارية معه؛ كوني بتُّ من أشد المعجبين بالعمل الاستثنائي الذي قام به مع ليستر.
هذا العمل الذي جعل فريقًا متواضعًا كان ينافس على الهبوط أن يلعب كرة قدم سهلة وبسيطة وبثقة عالية جدًّا وقدرة على التحكم بالكرة وعلى أداء الأدوار الدفاعية والهجومية بامتياز.
أن تلعب كرة قدم سهلة كما يراها المشاهد هو أصعب ما في كرة القدم؛ لأن أعظم الفرق لا تستطيع أن تلعب مثل هذه الكرة التي يتحرك فيها اللاعبون بسلاسة تامة ويتم خلالها استغلال الكرات الثابتة والهجمات المرتدة والمهارات الفردية والجمل التكتيكية في صناعة الفارق.
لا يوجد أسهل من كرة القدم التي يلعبها برشلونة الاسباني كما نشاهدها، لكنها في عمقها وحقيقتها أصعب من قدرة أي فريق في العالم على اللعب مثلها.
أن يصل ليستر إلى لعب هذه الكرة السهلة والبسيطة وبهذه الثقة هو أمر خارق للعادة ويدل على عمل استثنائي للجهاز الفني واللاعبين.
الشيء المذهل أيضًا قدرة هذا الفريق المصنف ضمن أندية الوسط والمؤخرة على تجنب ارتكاب الأخطاء في المنطقة المحرمة أو في داخل منطقة الجزاء والتي عادة ما ترتكبها فرق الوسط بكثرة، فالفريق يمتلك قدرة عصبية وفنية لا تتواجد إلا في الفرق الكبيرة، ولاعبوه قادرون على تجنب الأخطاء القاتلة في أصعب الظروف وفي ظل الصراعات الثنائية القوية، مع القدرة على استرداد الكرة والتحكم بها.
من الأمور الرئيسية أيضًا في هذا النجاح المبهر لفريق ليستر كان التوظيف العبقري للاعبين متوسطي المستوى تحولوا إلى نجوم عالميين، فقلبا الدفاع هوث ومورغان يجيدان التمركز الدفاعي والاحتفاظ بالكرة وتقديم الاضافة الهجومية بالتمرير الصحيح وبالكرات الثابتة، والظهيران سيمبسون وفوكس يلعبان بأريحية الكبار وبالسهل الممتنع في الزيادة الهجومية وفي اتقان التغطية الدفاعية.
بقية القصة في وسط الملعب والهجوم هي أشبه بقصة خيالية، فمعظم اللاعبين مغمورون غير أن ما يؤديه الفرنسي كونتي في منتصف الملعب من قطع للكرات دون أخطاء والتمرير السليم والمجهود الجبار حوله لواحد من أفضل اللاعبين في هذا الموقع بمساعدة زميليه درنكووتر وألبرايتون في حين تولى الثلاثي الهجومي الابهار الكامل.
أوكازاكي الياباني يقوم بتحركات تكتيكية عالية جدًّا ًتخلق الفراغات اللازمة للمذهل رياض محرز في الاختراق والتصويب والتمرير المتقن في الوقت الذي يتولى فيه الخارق فاردي ترجمة مجهود فريقه لأهداف.
فاردي الهداف الذي كان يلعب في الدرجة السادسة قبل 5 مواسم ويعمل في مصنع بدوام جزائي تحول بفضل أدائه التكتيكي والفني العالي إلى أبرز مهاجمي الدوري الإنجليزي.
اللاعب لا يبتعد كثيراً عن منطقة الجزاء ولا يخرج على أطراف الملعب ويؤدي أدواره كرأس حربة حقيقي بمثالية كاملة في التمركز والانقضاض واللعب الهجومي الايجابي مستغلاًّ أنصاف الفرص في التسجيل.
مثل هؤلاء المهاجمين لم يعودوا متواجدين بكثرة في الملاعب العالمية، بل باتوا عملة نادرة شارفت على الانقراض بانتهاء عصر باتستوتا وفان باستنوألين شيرر بعد أن بات المهاجم يميل كثيراً للعب على الأطراف واستعراض المهارات.
مفارقة فاردي وتوظيف العبقري رانييري له تجعلني في حيرة دائمًا من طريقة توظيف مدرب مانشستر يونايتد لويس فان غال للاعبه الفرنسي مارسيال الذي كان يمكن أن يتحول لما يفوق الظاهرة فاردي لو لعب بحق في قلب الهجوم بدلاً من الطرف الأيسر البعيد تماماً عن قدرات اللاعب.
لا أعرف لماذا يصر فان غال على تواجد مارسيال في الجهة اليسرى وروني في قلب الهجوم في حين يمكن بتغيير تكتيكي بسيط بعكس الأدوار بينهما أن يقدم إضافة فنية ونوعية مختلفة تماماً لمانشستر بدل الضعف الهجومي الواضح للفريق.
بالعودة إلى ليستر فإن عبقرية رانييري ونوعية فاردي وتحركات أوكازاكي ومهارات محرز ومجهود كونتي والبريتون والذكاء الدفاعي الهائل في قطع الكرات من دون أخطاء كلها عوامل منحت هذا الفريق ليس فقط صدارة البريميرليغ وإنما الاطاحة بالكبيرين ليفربول ومانشستر سيتي على التوالي وبنتائج كبيرة وأداء مثالي.
إقرأ أيضا لـ "محمد عباس"العدد 4903 - الإثنين 08 فبراير 2016م الموافق 29 ربيع الثاني 1437هـ
ليش مانشستر
مثل ما قال الزائر رقم 1 الموضوع جدا عادي وما في أضافه الي القاريء بس في نقطه مهمه ليش في وسط الكلام حطيت مانشستر ؟؟
موضوعك عادي جداً
بكل امانة موضوعك عادي جداً، واي متابع لكرة القدم الانجليزية بيعرف جميع هذه التفاصيل ،