العدد 4903 - الإثنين 08 فبراير 2016م الموافق 29 ربيع الثاني 1437هـ

ماريسا ميير: العالم لم يُصنع من البشر البِيض فقط وكذلك عوالم الرواية

جانب من سلسلة «السجلات القمرية»
جانب من سلسلة «السجلات القمرية»

في لقاء أجرته صحيفة «الغارديان» يوم الثلثاء 2 فبراير/ شباط 2016، مع الروائية الأميركية ماريسا ميير، قالت، إن «العالم لم يُصنع من البشر البِيض فقط؛ لذا لا ينبغي لعوالم الرواية أن تكون كذلك (أن تقتصر عليهم)». صاحبة رباعية «السجلات القمرية»، والتي أصدرت منها كتباً قائمة على: «سندريلا»، «ذات الرداء الأحمر»، «رابونزل»، و «بياض الثلج»، قالت أيضاً، إنها استقت بعض رواياتها من التاريخ، والثورات وسقوط السلالات، وحركة الحقوق المدنية، وكذلك الطاعون.

روايتها «سيندر»، تدور في عالم مستقبلي، يتعايش فيه البشر مع «السايبورغ»، كائن خيالي هو مزيج من مكونات عضوية، وميكاترونية، تتداخل فيها الميكانيكا بالكهرباء والإلكترونيات ونظم المعلومات، وكذلك كائنات من الروبوتات.

في رواية «سكارلت»، وهي الثانية من «السجلات القمرية»، وصدرت في العام 2013، تتكئ بشكل كبير على الحكاية الخرافية «ذات الرداء الأحمر»، كالرواية السابقة سيندر القائمة بشكل كبير على «سندريلا».

بالنسبة إلى «كرس»، وهي الثالثة في السلسلة، وصدرت في العام 2014، تستند إلى الحكاية الخرافية «رابونزل».

أما «وينتر»، والتي صدرت في العام 2015، واحتلت قائمة أكثر الكتب مبيعاً على قائمتي كل من: «يو إس أيه توداي»، و «وول ستريت جورنال»، وهي الأخيرة في سلسلة «السجلات القمرية»، فتستند كسابقاتها إلى الحكاية الخرافية «بياض الثلج». هنا أهم ما جاء في الحوار:

من أو ما هو أكبر مصدر إلهام لك في الكتابة؟

- ليس هناك في الحقيقة مصدر رئيسي واحد للإلهام، بالإمكان أن يأتي من أي مكان! من الواضح، بالنسبة إلى «السجلات القمرية»، أنني استلهمتها من حكايات الجن التي استندتْ إليها السلسلة، وكذلك من ملاحم الخيال العلمي مثل: حرب النجوم والحُباحب (ذباب يطير بالليل يضيء ذَنَبه). وكثيراً ما كانت مستوحاة من تكنولوجيا اليوم؛ فضلاً عن الأخبار ومقالات المجلات، تلك التي تتحدَّث وتتساءل عن: أين نتجه مع التكنولوجيا، والذكاء الاصطناعي، واستكشاف الفضاء، وعلم التحكُّم الآلي. استقيت بعض ذلك الإلهام من التاريخ والثورات وسقوط السلالات، وحركة الحقوق المدنية، والطاعون الدبلي (مشتق من الكلمة الإغريقية «BouBwv» وتعني «الأربية»؛ حيث إن الغدد اللمفاوية المنتفخة تظهر غالباً تحت إبطين وفي أربية الشخص المصاب بالطاعون الدبلي. وغالباً ما تم استخدام مصطلح الطاعون الدبلي كمرادف إلى الطاعون)، تطول وتطول مصادر الإلهام. الإلهام في كل مكان. إنها وظيفة الكاتب أن يلتقط جذاذات الأفكار تلك، ويعمل على صياغتها في قصة.

عندما تراودك فكرة، ما الذي تفعلينه معها أول الأمر؟

- أدوِّنها! احتفظ بالقلم والمفكرة على الطاولة الجانبية للسرير، فالأفكار عادة تظهر في منتصف الليل. أعمد باستمرار إلى تدوين الأفكار من خلال خاصية المذكرة في جهاز هاتفي. هناك الكثير من الأفكار التي لا لا تتلاشى وتظل قارَّة. ما يبدو رائعاً اليوم قد يبدو مثيراً للسخرية غداً. لكن ما يُهمني هو بدلاً من أن أقرر التصرُّف مع فكرة في وقت لاحق، عليَّ أن أتصرَّف بعدم المخاطرة بفقدانها تماماً.

كيف كان تعاملك مع البحوث التي قادتك لمعرفة كل التكنولوجيا المستقبلية التي تم توظيفها في «السجلات القمرية»؟

- عندما قرَّرت من البداية كتابة هذه السلسة من الخيال العلمي، ذهبت إلى المكتبة وسحبت كومة من أعداد مجلة علمية أميركية. قضيت ساعات في قراءتها علَّ قصة من بين تلك القصص تلفت نظري، فقط لأشعر إلى أين أصبح العلم والتكنولوجيا اليوم، وأين سيكونان في تقدُّمهما. لقد تعلَّمت الكثير. بدأ العالم المستقبلي لـ (السجلات القمرية) يتخلَّص من مواد العلوم في عالمنا الحقيقي. أردت للتكنولوجيا في كتبي أن يكون لها أساس في الواقع. أن أشعر ليس فقط بإمكانية تحقق ذلك في الواقع، بل إنه أمر لا مفرَّ منه. إنه لأمر مدهش حقاً، ذلك الذي تمكَّن العلماء من إنجازه في عالمنا، وأنا لا أستطيع الانتظار كي أرى أين نحن بعد عشرة، عشرين، خمسين عاماً من الآن.

هل شخصيات ثورن وكريس بأي شكل من الأشكال، مستوحاة من فلين ورابونزيل. من فيلم ديزني ذي الحبْكة المُرْهِقة؟

- المثير للدهشة، رداً على سؤالك: لا! كنت قد أنجزت فعلاً المسوَّدة الأولى من «كرس» قبل أن يبدو التشابك في العمل، وأتذكر أنني ذهبت إلى مشاهدة فيلم في دور العرض، وبعد لحظة من الإمعان في التفكير قلت: مهلاً، هذا هو السارق... قاطع الطريق المختال الذي ينتمي لي. وهناك نماذج كثيرة لأشياء مماثلة يتم استلالها من ثقافتنا أو وسائل الإعلام، وكان هذا بالتأكيد واحداً منها. إنه لأمر غريب الكيفية التي يحدث بها ذلك!

«السجلات القمرية» تحتوي مجموعة من الشخصيات من جميع أنحاء العالم ... كيف يمكن لكل تلك الشخصيات أن تفهم لغة بعضها بعضاً؟

- هناك لغة عالمية يتم التحدث بها على الأرض و «السجلات القمرية»، أتصور أنها في الغالب مزيج من الإنجليزية والإسبانية والصينية (على رغم أنني لا أعرف حقاً ما الذي سيبدو عليه ذلك الأمر). ومع ذلك، فإن الناس الآن ومن مختلف أنحاء العالم لهم عاميتهم واللهجات الخاصة بهم. هناك بعض المناطق في العالم مازالت محافظة على اللغات الفردية الخاصة بها، وقد تم التلميح بها في جميع كتب السلسلة، ولاسيما عند وصول الشخصيات إلى إفريقيا.

ما هو الجزء المفضَّل لديك فيما يخص كتابة «السجلاَّت القمرية»، وكيف هو شعورك الآن مع انتهاء السلسلة؟

- أحببت حقاً تطوير الشخصيات، وأن أحظى بقضاء كثير من الوقت معها، ومعاينة كل منها وهي تنمو وتنضج على مدار القصة. بعض المشاهد المفضَّلة في كتابتها ترتبط بالمساحات التي كانت فيها الشخصيات مجتمعة، وكذلك صياغة الحبكة الجادَّة، مع توافر مساحات للمزاح والفكاهة. بعد كتابة السلسلة التي استغرقت ثماني سنوات، أصبحت هذه الشخصيات تشعرني وكأنها بعض من أصدقائي المقرَّبين، وكان من الصعب حقاً أن أراها تمضي! كان لإنهاء السلسلة متعة مشوبة بالألم. لا تزال هناك أيام أفتقد فيها الشخصيات، وأريد أن أذهب إلى حيث هي كي أكون لصيقة بها أكثر؛ لكن لديَّ أيضاً الكثير من مشاريع الأعمال الجديدة التي أستمتع بها، وفي ذلك عزاء.

الكتاب الأخير في السلسلة الرئيسية «وينتر»، يمثله البطل الأسود في الرواية. هل تشعرين بأن التنوُّع هو جانب مهم في روايات الخيال التي تُكتب لليافعين والبالغين وفي كتابتك عموماً؟

- لم أكن أفكِّر كثيراً في مسألة التنوُّع عندما كنت أصوغ القصة بداية الأمر وكذلك الشخصيات. خلقت الشخصيات سابقاً، وتحديداً في العام 2008، وكنت أرغب في أن يشعر بها العالم بشكل أصيل وحقيقي، وفكرة أن كل هذه الشخصيات التي تقوم بأشياء مذهلة تنتمي إلى البِيض فقط، تبدو مسألة سخيفة بالنسبة لي. لم يُصنع العالم من ذوي البشرة البيضاء فقط، لذلك ينبغي ألَّا تكون عوالم الرواية والخيال كذلك (أن تقتصر عليهم)». أرى أن مثل ذلك التوجُّه سيكون أكثر طبيعية بالنسبة لي، حين تتضمَّن الشخصيات مجموعة متنوعة من ذوي البشَرة المتنوعة والخلفيات العرقية. أسمع الآن من قرَّاء كثيرين، وهم يثنون على ما قمت به، بتضميني الملونين في الأدوار الرئيسية للأعمال التي أنجزتها، قد لا أستطيع أن أكون أكثر نفعاً، إلا أنني آمل أن يساعد ذلك في يوم ما على أن يكون مثل ذلك التوجُّه معياراً.

من هو/ هي شخصيتك/ شخصياتك المفضَّلة في الأعمال التي تضمَّنت إصداراتك؟

- لا شخصية محدَّدة بحق! أحب جميع شخصيات رواياتي. لقد وصلنا جميعاً إلى مرحلة نبدو فيها مثل الأصدقاء المقرَّبين، ربما تكون إيكو هي الشخصية التي تحمل طابعاً أكثر متعة بالنسبة لي في الكتابة. لم أكن أعرف ما الذي ستقوله أو ما الذي ستفعله في وقت لاحق، وتبقيني حيويتها على أطراف أصابعي.

هل من خطط لإعادة النظر في عالم «السجلاَّت القمرية»؟

- لديَّ الكثير من مشاريع الأعمال الآن، ولكنني لن أكون ضدَّ استكشاف أكثر للعالم، إذا حضرتني فكرة حقيقية.

ما الذي كنت تحبين قراءته في مراحل مبكِّرة من حياتك؟ هل لديك كتاب توصيننا بقراءته الآن؟

- قرأت الكثير من كلاسيكيات الأطفال عندما كنت صغيرة. رواية «تشارلي والمصعد الزجاجي» لرولد دال، و «مصنع الشوكولاتة» ربما يكونان كتابيّ المفضَّلين حين كنت صغيرة. عندما كبرت قليلاً كنت في حال من الشغف بروايات الخيال. لم يكن هناك ما يمكن تسميته آنذاك بنوعية «الشباب البالغين».

ضوء

يُذكر أن ماريسا ميير، روائية أميركية. ولدت في تاكوما بالعاصمة (واشنطن)، وتخرَّجت في جامعة المحيط الهادئ اللوثرية، حيث حصلت على درجة في الكتابة الإبداعية.

قبل أن تُصدر روايتها الأولى «سيندر»، والتي تقوم بشكل كبير على الحكاية الخرافية الكلاسيكية «سندريلا»، ونُشرت من قبل «ماكميلان بابليشرز»، عملت ميير كمحررة كتب لمدة خمس سنوات وكتبت روايتها «Sailor Moon» باسم مستعار «أليسيا بلايد». قالت في مقابلة مع «The News-Tribune»، إن كتابة الرواية التي حملت اسمها المستعار، ساعدتها على تعلُّم حرفة الكتابة، وأتاحت لها ملاحظات فورية وعلَّمتها كيف تتلقى الانتقادات.

روايتها الأولى «سيندر»، وبها عُرفت، صدرت في 3 يناير/ كانون الثاني 2012. وهي الكتاب الأول من سلسلتها «السجلات القمرية».

صرَّحت ميير بأنها أُلهمت بداية لكتابة «سيندر» بعد مشاركتها العام 2008 في مسابقة «NaNoWriMo» للكتابة؛ حيث كتبت قصة مركِّزة على «هرَّة ذات حذاء». وتعدُّ «السجلات القمرية»، سلسلة من أربعة كتب (رباعية) مع فصول قائمة على سندريلا، ذات الرداء الأحمر، رابونزل، و بياض الثلج. احتلَّت روايتها «سيندر»، قائمة «نيويورك تايمز» للكتب الأكثر مبيعاً.

في العام 2013، تلقَّت ميير صفقة كتابين جديدين من «فيول وفريندز» ضمن سلسلة «الشباب البالغين».

يُشار إلى أن رواية «سيندر» التي صدرت العام 2012، تدور أحداثها في بكين مستقبلية، وتكون دول العالم وقتها قد أعيد تنظيمها، ضمن امبراطوريات جديدة وتحالفات، يتم من خلالها استعمار القمر. البطلة، لين سيندر، هي «سايبورغ» (كائن خيالي) تعمل في كشك ميكانيكي في سوق شارع محلي في بكين الجديدة، وتعيش تحت حماية زوجة أبيها. مبكراً في الكتاب، التقت الأمير كاي الذي طلب منها أن تصلح روبوتاً شخصياً. مرضت أخت سيندر غير الشقيقة بطاعون بعد مصاحبتها لسيندر لمزبلة لجمع قطع غيار للإصلاح. في غضب، تبرَّعت زوجة أب سيندر بها إلى أبحاث الطاعون. عندما حقنت سيندر بالطاعون، أظهرت مناعة ضده. بدأ الباحث في الطاعون الدكتور إيرلاند، أبحاثا على مناعة سيندر، التي قادت إلى البحث في فزيولوجيا سيندر الفريدة من نوعها، وفي نسيجها السايبورغي، وحياتها قبل أن تصبح سايبورغ وهي في سن الحادية عشرة، التي لا تتذكرها.

ماريسا ميير
ماريسا ميير




التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً