قالت تركيا انها على استعداد لفتح حدودها أمام آلاف اللاجئين السوريين الذين ينتظرون في البرد بعد فرارهم أمام تقدم القوات الحكومية في شمال سورية، لكن أنقرة لم تحدد متى ستفتح حدودها. وفي انتظار قرار سلطات تركيا فإن الوضع الانساني أصبح "يائساً" على المدنيين السوريين ومعظمهم من النساء والاطفال بحسب ما أفادت منظمة "أطباء بلا حدود" أمس الأحد (7 فبراير/ شباط 2016).
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال السبت إنه إذا وصل اللاجئون السوريون "إلى أبوابنا وليس لديهم خيار آخر، وإذا كان ذلك ضرورياً، فسنضطر إلى السماح لأخواننا بالدخول". لكنه لم يوضح متى سيكون بإمكانهم دخول الاراضي التركية. وأفادت مراسلة لوكالة فرانس برس أن نقطة العبور الوحيدة في شمال حلب عبر مركز اونجو بينار الحدودي بقيت مغلقة الأحد.
وفي الجانب السوري من هذا المعبر في بلدة باب السلامة وفي مدينة اعزاز، لا يزال عشرات آلاف المدنيين ينتظرون في أوضاع صعبة في مخيمات أقيمت على عجل. وقال هيثم حمو المتحدث باسم جماعة "الجبهة الشامية" في اتصال هاتفي أجرته معه وكالة فرانس برس "انها مأساة. الذين لم يتمكنوا من الحصول على خيمة ينامون تحت أشجار الزيتون". وأضاف "يحصل النازحون على وجبة غذائية واحدة في اليوم وارتفعت أسعار المواد الغذائية".
وقالت رئيسة بعثة منظمة "أطباء بلا حدود" إلى سورية موسكيلدا زنكادا إن المنظمة وزعت أكثر من 230 خيمة مشيرة إلى نقص في المياه ومشاكل في الصرف الصحي في مناطق عدة. ويقدر عدد الأشخاص الذين وصلوا في الأيام الماضية إلى ضواحي مدينة اعزاز بأكثر من 30 ألفاً، وقد يرتفع إلى 70 ألفاً وفقاً لحاكم محافظة كيليس سليمان تبيز. وأمام هذه المأساة الانسانية الجديدة ذكّر الأوروبيون أنقرة بواجبها لاستقبال اللاجئين السوريين الذين يبلغ عددهم 2.7 ملايين.
وقال نائب رئيس الوزراء التركي نعمان كورتولموس الاحد إن "تركيا بلغت أقصى إمكاناتها في استقبال اللاجئين. لكن في نهاية المطاف ليس لهؤلاء الأشخاص أي مكان آخر يلجأون إليه. إما سيموتون تحت القنابل وإما سيقتحمون حدودنا". وتقوم المستشارة الألمانية انغيلا ميركل الاثنين بزيارة قصيرة إلى تركيا لحثها على تعزيز الرقابة على حدودها ووقف تدفق المهاجرين المتواصل من سواحلها باتجاه اليونان.
ويواصل الجيش السوري تقدمه في ريف حلب الشمالي، حيث تدور اشتباكات جنوب قرية كفين التي تفصله عن بلدة تل رفعت، أحد أهم معاقل الفصائل الاسلامية والمقاتلة في ريف حلب الشمالي، وفق المرصد السوري. كذلك، تتواصل الاشتباكات في محيط بلدة بيانون الواقعة على طريق الامدادات الرئيسية بين مدينتي حلب جنوباً واعزاز شمالاً. وتترافق الاشتباكات في ريف حلب الشمالي مع غارات جوية روسية مكثفة، بحسب المرصد. وقال مصدر عسكري لوكالة فرانس برس إن "العملية العسكرية مستمرة (في ريف حلب الشمالي)"، مؤكداً أن "الهدف الرئيسي لكل الجبهات هو قطع طرق الامداد، والانتقال إلى جبهات أخرى". وأوضح المصدر "تتسم معارك ريف حلب بالمساحات الشاسعة، والأرض المنبسطة، والطبيعة الجغرافية غير المعقدة، التي يسهل معها انتقال الجنود والآليات".
واستعاد الجيش السوري منذ بدء هجومه الاثنين بلدات عدة في ريف حلب الشمالي، بينها حردتين ورتيان، وكسر الحصار عن بلدتي نبل والزهراء، ونجح في قطع طريق امدادات رئيسية للفصائل المقاتلة بين الأحياء الشرقية التي تسيطر عليها في مدينة حلب وتركيا. وفي ضوء ذلك، نجحت قوات النظام بتضييق الخناق أكثر على الأحياء الشرقية للمدينة حيث يعيش حوالى 350 ألف مدني، وفق المرصد السوري. كما لم يبق أمام مقاتلي الفصائل سوى منفذ واحد يتعرض أيضاً لقصف جوي في شمال غرب المدينة باتجاه محافظة ادلب (غرب) الواقعة بالكامل تحت سيطرة الفصائل الاسلامية والمقاتلة باستثناء بلدتين.
ولا يقتصر الامر على الجيش السوري والمسلحين الموالين له، إذ سيطرت وحدات حماية الشعب الكردية خلال الأيام الماضية على قريتي الزيارة والخربة وتلال الطامورة، وفق المصدر العسكري. وقال المصدر بناء على ذلك أن "الفصائل المسلحة أصبحت بين فكي كماشة، الأكراد، والجيش السوري"، وذلك رغم "عدم صدور أي تصريح رسمي عن تنسيق كردي - سوري معلن".
إلى ذلك أفاد المرصد السوري عن اشتباكات عنيفة تدور أيضاً بين الفصائل الاسلامية والمقاتلة من جهة ووحدات حماية الشعب الكردية من جهة ثانية، وسط تقدم للأخيرة، في قرية العقلمية قرب مطار منغ العسكري. وفي اغسطس/ آب 2013 سيطر مقاتلون من داعش ومقاتلون اسلاميون على هذا المطار العسكري، وانسحب عناصر التنظيم المتطرف منه في فبراير/ شباط 2014.
على جبهة أخرى، سيطر الجيش السوري على المنطقة الفاصلة بين داريا ومعضمية الشام في ريف دمشق الجنوبي، وفق الاعلام الرسمي والمرصد السوري. وتسيطر فصائل اسلامية على داريا منذ العام 2012 ويقع إلى شمال الغرب منها مطار المزة العسكري. في المقابل، قتل 35 على الاقل من قوات النظام السوري والمسلحين الموالين لها الأحد في كمين نصبه تنظيم "جيش الاسلام" في الغوطة الشرقية، وفق ما أفاد المرصد السوري. إلى ذلك، أعلن المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سورية بافيل تشيشيك لوكالة فرانس برس أن اللجنة الدولية والهلال الاحمر السوري وزعا الأحد 700 حصة غذائية على 700 عائلة في معضمية الشام التي تحاصرها قوات النظام في ريف دمشق.
ويلقى هجوم القوات النظامية السورية تنديداً شديداً من الدول الداعمة للمعارضة السورية وبينها تركيا والسعودية التي باتت تفكر في عملية برية في سورية إذا اتخذ التحالف الدولي ضد "داعش" الذي تقوده واشنطن قراراً بذلك. وقال أردوغان إن تركيا مستعدة "للقيام بكل ما هو ضروري" دون أن يوضح استراتيجية أنقرة التي تتهمها موسكو بالتحضير "لتدخل عسكري" في سورية.
في المستوى السياسي تستأنف الجهود الدولية المتعثرة حتى الآن، في الأيام القادمة. وتعقد المجموعة الدولية الداعمة لسورية الخميس في ميونيخ وتأمل الامم المتحدة أن تستأنف المفاوضات السورية غير المباشرة في 25 فبراير.