أعلنت كوريا الشمالية أمس الأحد (7 فبراير/ شباط 2016) أنها نجحت في وضع قمر اصطناعي في المدار بفضل إطلاقها صاروخاً في خطوة وصفتها بأنها «حدث العصر» وتعتبر اختباراً لصاروخ بالستي في إطار صنع أسلحة قادرة على ضرب الأراضي الأميركية.
وتشكل عملية إطلاق الصاروخ هذه التي تخالف عدداً من قرارات الأمم المتحدة، تحدياً جديداً للأسرة الدولية التي ما زالت تدرس طريقة معاقبة بيونغ يانغ بعد تجربتها النووية الرابعة في السادس من يناير/ كانون الثاني.
ولم يصدر أي تأكيد خارجي حتى الآن لوصول الطبقة الأخيرة من الصاروخ التي تحمل القمر الاصطناعي إلى مداره. لكن مسئولاً أميركياً في الدفاع قال إن آلية الإطلاق «وصلت إلى الفضاء على ما يبدو».
وأعلنت مقدمة برامج في التلفزيون الرسمي إطلاق الصاروخ بأمر من الرئيس الكوري الشمالي، كيم جونغ-أون شخصياً، وقالت إنه أتاح «وضع قمرنا الصناعي لمراقبة الأرض كوانغميونغسونغ-4 بنجاح في المدار».
وتلت البيان ري شون-هي مقدمة البرامج الشهيرة في كوريا الشمالية المعروفة بأسلوبها المضخم في إعلان الأحداث الكبرى بما في ذلك التجربة النووية الشهر الماضي.
وقالت ري إن «النجاح التام في إطلاق كوانغميونغسونغ-4 (...) هو حدث العصر في تطور البلاد العلمي والتقني والاقتصادي وقدراتها الدفاعية عبر ممارسة الحق المشروع في استخدام الفضاء لأغراض سلمية ومستقلة».
إدانات
ولم تتأخر الإدانات لهذه الخطوة، إذ رأت واشنطن فيها «استفزازاً كبيراً» يهدد أمن آسيا والولايات المتحدة وستكون «عواقبه خطيرة».
وقال البيت الأبيض إنها خطوة «جديدة تؤدي إلى زعزعة الاستقرار واستفزازية وتشكل انتهاكاً صارخاً للقرارات العديدة لمجلس الأمن الدولي».
وأكد أن «برامج الأسلحة النووية والبالستية لكوريا الشمالية تشكل تهديداً جدياً لمصالحنا بما فيها أمن بعض من حلفائنا المقربين، وتهدد السلم والأمن في المنطقة».
من جهته، طلب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون من كوريا الشمالية «الكف عن أعمالها الاستفزازية»، مؤكداً أن إطلاق الصاروخ «مؤسف جداً» وينتهك قرارات الأمم المتحدة.
بدورها، دانت فرنسا بشدة إطلاق كوريا الشمالية للصاروخ معتبرة أنه «عمل استفزاز جنوني». ودعت إلى «رد سريع وقاس من الأسرة الدولية في مجلس الأمن».
أما موسكو، فاعتبرت أنه «مضر جداً» بالأمن الإقليمي، بما في ذلك أمن بيونغ يانغ.
وفي لندن دانت الحكومة البريطانية «بحزم» إطلاق الصاروخ، داعية إلى «رد قوي إذا واصلت كوريا الشمالية انتهاك» قرارات مجلس الأمن الدولي.
ودان الأمين العام للحلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ «بحزم» إطلاق الصاروخ الكوري الشمالي معتبراً أنه انتهاك لخمس قرارات دولية، ودعا بيونغ يانغ إلى وقف أعمالها «الاستفزازية».
من جهتها، نددت وزير خارجية الاتحاد الأوروبي فديريكا موغيريني أمس باستخدام كوريا الشمالية «تكنولوجيا الصواريخ الباليستية»، معتبرة أن الخطورة تشكل «انتهاكاً صارخاً جديداً» لالتزامات بيونغ يانغ الدولية، وداعية الأخيرة إلى الحوار.
من جهتها، طلبت الرئيس الكورية الجنوبية، بارك غيون-هوي من مجلس الأمن تبني «إجراءات عقابية قوية».
وتؤكد كوريا الشمالية أن برنامجها الفضائي أهدافه محض علمية لكن معظم الدول الأخرى ترى أن الأمر ليس سوى تغطية لتجارب لصواريخ بالستية تهدف إلى تطوير أنظمة أسلحة قادرة على ضرب الأراضي الأميركية.
وذكر التلفزيون الكوري الشمالي إن الصاروخ الذي أطلق عند الساعة التاسعة بتوقيت بيونغ يانغ (00,30 ت غ) من قاعد سوهاي في شمال غرب البلاد، دخل المدار بعد عشر دقائق على ذلك.
وكانت كوريا الجنوبية واليابان هددتا باعتراض الصاروخ في حال انتهاك مجاليهما الجويين.
وتحظر الأمم المتحدة على كوريا الشمالية تطوير أي برنامج نووي أو بالستي.
ويرى الخبراء أن الصواريخ الكورية الشمالية يمكن استخدامها في القطاعين المدني والعسكري.
توقيت اختير بدقة
أعلنت وزارة الدفاع الكورية الجنوبية أمس أن مسئولي الدفاع الأميركيين والكوريين الجنوبيين قرروا بدء محادثات رسمية لنشر نظام دفاعي أميركي مضاد للصواريخ في شبه الجزيرة الكورية.
واعلنت الصين اعتراضها الشديد على نشر هذا النظام قرب حدودها.
وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية، هوا شونيينغ «حين يسعى بلد ما إلى ضمان أمنه، عليه ألا يهدد المصالح الأمنية لدول أخرى»، مضيفاً أن خطوات كهذه يمكن أن تضر باستقرار المنطقة.
وكانت الولايات المتحدة وحليفتاها اليابان وكوريا الجنوبية حذرت كوريا الشمالية من انها ستدفع ثمناً باهظاً جداً اذا أطلقت الصاروخ. لكن المحللين يرون أن بيونغ يانغ اختارت توقيت عمليتها الجديدة بدقة لتقليل الانعكاسات.
من جهة أخرى، أكد قائد العمليات في هيئة الأركان المشتركة للجيش الكوري الجنوبي، كيم يونغ-هيون للنواب الكوريين الجنوبيين أمس أن المناورات العسكرية المشتركة الأميركية الكورية الجنوبية المقبلة ستكون الأوسع التي تجرى حتى الآن.
وعبرت الصين الحليفة الرئيسية لكوريا الشمالية عن «أسفها». وقالت ناطقة باسم وزارة الخارجية الصينية، هوا شونيينغ على الموقع الإلكتروني للوزارة إن «الصين تعبر عن أسفها في ما يتعلق بالإصرار (من قبل كوريا الشمالية) على تنفيذ إطلاق صاروخ رغم المعارضة الدولية».
ورغم استيائها من إصرار كوريا الشمالية على مواصلة برنامجها النووي، تبقى أولوية الصين التي ستتعرض لضغوط أميركية أكبر على الأرجح، منع إطاحة كيم جونغ-أون وقيام كوريا موحدة متحالفة مع الولايات المتحدة على حدودها.
دان مجلس الأمن الدولي «بشدة إطلاق» كوريا الشمالية لصاروخ أمس (الأحد) وذلك في بيان صدر بإجماع أعضائه إثر مشاورات مغلقة.
وتعهد المجلس «الإسراع في تبني قرار جديد» لا يزال قيد التشاور منذ أسابيع عدة لتشديد العقوبات على بيونغ يانغ رداً على إطلاق الصاروخ وعلى آخر تجربة نووية أجرتها في السادس من يناير/ كانون الثاني الماضي.
وأورد البيان أن «أعضاء مجلس الأمن سيتبنون سريعاً قراراً جديداً للمجلس يفرض عقوبات ذات دلالة رداً على هذه الانتهاكات الخطيرة» لقرارات الأمم المتحدة التي تحظر على بيونغ يانغ القيام بأي نشاط نووي أو بالستي.
وأضاف أن إطلاق الصاروخ الذي قالت بيونغ يانغ إنه إطلاق لقمر أصطناعي «يستخدم تكنولوجيا الصواريخ البالستية» و»يساهم (بذلك) في تطوير كوريا الشمالية لأنظمة تتصل بأسلحة نووية»، أي صواريخ عابرة للقارات مزودة رؤوساً نووية قادرة على بلوغ الولايات المتحدة.
واعتبر البيان «من الواضح أنه تهديد للسلام والأمن الدوليين».
العدد 4902 - الأحد 07 فبراير 2016م الموافق 28 ربيع الثاني 1437هـ