نقل موقع "العربي الجديد" لقاء مع وزيرة الدولة البريطانية للتنمية الدولية، جاستين غرينينغ، تطرقت فيه إلى الأهداف التي يسعى مؤتمر "دعم سورية والمنطقة"، الذي يعقد اليوم الخميس (4 فبراير/ شباط 2016) في لندن، بما في ذلك الدور البريطاني، مؤكدة على أهميّة بذل الجهود لتلبية نداء الأمم المتحدة وتأمين التمويل الكافي لدعم السوريين، سواء ممن يتواجدون في سورية أو الذين أجبرتهم الظروف على الانتقال إلى دول الجوار.
ما هي الأهداف أو الأفكار الجديدة التي ستناقش في المؤتمر لتلبية الاحتياجات الفورية وطويلة الأجل، لأولئك الذين تأثّروا جرّاء الأزمة؟
الملف السوري يدخل عامه الخامس كما نعلم، وأثّر بشكل مأساوي على الناس في سورية وأيضاً في المنطقة. بيد أنّ بريطانيا عملت منذ اليوم الأول على مساعدة اللاجئين الذين تشرّدوا داخل البلد، وأيضاً على مساعدة 4.5 ملايين سوري ممن تركوا البلاد. وخلال هذا المؤتمر سنسلّط الضوء على ثلاثة أمور: أولاً التأكّد من أنّ يلقى نداء الأمم المتحدة، الذي انطلق هذا العام الدعم الكافي في أقرب وقت ممكن، وأيضاً تأمين تمويل كاف للعامين المقبلين. وتكمن أهمية ذلك في تيسير مهمة المنظمات الإنسانية مثل "برنامج الأغذية العالمي" و"اليونيسف" والمنظمات الأخرى غير الحكومية في المنطقة، التي لم تلقَ سوى نصف التمويل المطلوب، في العام الماضي، ما جعل مهمتها صعبة جداً في تقديم الدعم الأساسي اليومي للناس مثل الطعام والماء والسكن والعناية الصحيّ.
"المسألة الثانية هي النظر إلى ما يسمّيه الناس "حماية"، لكنّه في الواقع يعني القدرة على الوصول إلى الناس. ومن المعلوم أنّ أحد أكبر التحديات التي واجهتنا كانت انتهاك القانون الإنساني، حين احتجز الناس في بعض المناطق، وصَعُبَ الوصول إليهم. وطبعاً بلدة مضايا هي واحدة من التي كتب عنها الإعلام الدولي، ولكنّ هناك أماكن عديدة يصعب الوصول إلى سكّانها، لذلك سنحاول خلال هذا المؤتمر أن نناقش مسألة الوصول، ونرى ما الذي يمكننا القيام به.
أما الجانب الثالث، فيكمن في استطاعتنا تقديم الحاجات اليومية للاجئين بشكل أفضل، لكن في الواقع علينا القيام بأكثر من ذلك. ويبدو النظام الإنساني اليوم، أشبه بمستشفى للحالات الطارئة، لذلك نسعى إلى تقديم دعم على المدى الطويل. وذلك مهم للاجئين وللمجتمعات المستقبلة لهم، كما أنّ غالبية اللاجئين لا يسكنون المخيّمات، والملايين منهم خارج سورية يؤثّرون بشكل كبير على البلاد التي استقبلتهم، لذلك سنساعد تلك البلاد على التعامل مع قضية اللاجئين، والاستثمار بشكل خاص في التعليم والتوظيف، والعمل على إعادة كل طالب سوري لاجئ إلى مدرسته مع نهاية العام الدراسي المقبل. وأيضاً نريد أن نخلق وظائف في المنطقة لمساعدة السوريين على تحمّل تكاليف إعالة عائلاتهم، فضلاً عن إيجاد وظائف للأشخاص الآخرين العاطلين عن العمل في لبنان والأردن مثلاً.
ما الذي ستقومون به بالتحديد لمساعدة الناس على إيجاد وظائف، هل ستموّلون حكومات الدول المستقبلة أو أي منظّمات؟
سنقوم بأمور كثيرة ومنها أنّ الحكومة الأردنية تحاول إيجاد وسيلة للسماح للسوريين بالعمل وأيضاً تطوير المناطق الاقتصادية، وعقد الصفقات، إضافة إلى استثمارات رجال الأعمال السوريين في لبنان والأردن، كافتتاح شركات ومعامل فيها، أو الانتقال من سورية إليها. ومثال ذلك حين كنت في المنطقة، فقد سنحت لي الفرصة أن أزور أحد المعامل السورية الذي انتقل إلى الأردن لأنّه يعجز عن الاستمرار هناك، وهي "شركة الدرة للمنتوجات الغذائية"، والجانب الإيجابي أنّهم حتى لو أعادوا افتتاح معملهم في دمشق في المستقبل سيستمرّ الاحتياطي في العمل في الأردن.
هل تعتقدين أن رجال الأعمال السوريين سيستثمرون أموالهم في بلد غير مستقر كلبنان؟
" أعتقد أنّ لبنان والأردن لديهما خططهما المسبقة، كما أنّ جزءا من الاستثمارات سيموّل من مؤسّسات مثل "البنك الدولي" الذي قد يساعد في التخلّص من النفايات، وإنشاء مدارس جديدة وتحسين مراكز الرعاية الصحيّة، وكل ما تحتاجه تلك المجتمعات التي تضاعف عدد سكّانها وهذا بدوره فرصة جيدة لخلق وظائف على أرض الواقع. واللافت أنّ الاقتصاد اللبناني لديه الكثير من المشاريع الخاصّة، لأن للقطاع الخاص دوراً كبيراً، وأعتقد أن ذلك يشكّل قاعدة جيدة للبلد. ولكن كما ذكرت في سؤالك تبقى المسألة بمثابة تحدٍّ كبير نواجهه.
كيف ستتعاملون مع تلك المسألة وتخلقون وظائف لمليوني سوري في بلد يعجز الكثير من مواطنيه عن إيجاد فرصة عمل؟
حين كنت في المنطقة وتحدّثت مع أفراد من الحكومة ممّن يتعاملون مع مسألة اللاجئين، وجدت أنّ التحدي يكمن بأن الناس موجودون هناك وغالبيتهم يعمل بشكل غير قانوني. وما سنحاول القيام به هو مساعدة تلك الدول على معالجة هذه المسألة لتصبح قانونية أكثر، وأيضاً أن يدرك المجتمع الدولي، أنّه عليه أن يؤدي دوراً أكبر لمساعدة تلك الدول اقتصادياً وخلق وظائف للاجئين. وسيناقش المؤتمر تلك النقطة المهمّة بخصوص اللاجئين السوريين والأعداد الكبيرة من مواطني البلدين الذين يعانون من مشاكل في التوظيف والعمل.
ماذا عن قيام مشاريع مدارس جديدة في الدول المستقبلة وكيفية توفير التعليم لجميع الطلاب السوريين؟
التعليم من الجوانب المهمة في المؤتمر، ولتأمين الدراسة للجميع، ستقوم بعض المدارس بمناوبتين وسنبني مدارس في بعض المناطق. ومنذ عامين ذهبت إلى لبنان، وأدركت أنّ علينا القيام بالمزيد لمساعدة الطلاب على دخول المدارس، وعملنا مع وزير التربية والتعليم اللبناني الياس بو صعب، في العامين الماضيين. وأستطيع القول إنّه كان إنجازاً كبيراً أن يتمكّن بو صعب ووزارته من إدخال ما يزيد عن 200 ألف طالب إلى المدارس، وبرهن أنّه من الممكن إرسال جميع الطلاب السوريين واللبنانيين إلى المدارس. ما نسعى إليه في هذا المؤتمر هو مساعدة لبنان والأردن بشكل خاص على تطوير ودعم نظامهم التعليمي، ودعم مجتمعاتهم على خلق وظائف جديدة. وهو ما سيكون له فائدة طويلة الأجل للبلدين.
كيف سيساعد المؤتمر السوريين المشرّدين داخل سورية، الذين يفتقدون للحماية والأمان وحياتهم مهدّدة بشتّى أنواع المخاطر؟
" سنناقش مسألة القيام بعمل أفضل بالنسبة للمناطق التي تحاصر ويحتجز سكّانها مثل مضايا، وينبغي أن نميّز أولاً تلك المناطق وتحريك المجتمع الدولي وحتى النظام السوري أو أي جهة تمنع وصول المساعدات إلى الناس المحجوزة فيها وأن نضغط عليهم بشكل أكبر. وجميعنا يعلم أنّ الحل السياسي في سورية هو مسألة معقّدة، ولكن بغض النظر مع أي جهة يصطف بعض الأشخاص ينبغي أن تبقى قضية الوصول إلى المدنيين فوق كل اعتبار.
هل هناك احتمالية إسقاط الغذاء من الجوّ مستقبلاً إن تكرّر تجويع المدنيين ومحاصرتهم، أو هل من الممكن إيجاد أي وسيلة أسرع لإنقاذهم من الموت جوعاً؟
لقد أسقطنا الغذاء في الماضي على مناطق في العراق بطلب من الحكومة العراقية، لكنّها تبقى مهمّة الأمم المتحدة لإيصال الغذاء ونترك لهم اختيار الطريقة التي يرونها مناسبة لذلك. بيد أنّ إسقاط الطعام يفترض أن يكون من ارتفاع منخفض جداً لتحديد المكان كما فيه الكثير من المخاطر بالنسبة للمناطق التي نحلّق فوقها وأحياناً قد نخطئ الهدف.
ما مدى فعالية هذا المؤتمر قبل الوصول إلى اتفاق سياسي؟
أعتقد أنّه سيرفع قضايا الناس المحاصرين وسيجد حلولاً للكثير من الأمور، وعلى المدى الطويل يسعى للوصول إلى حلّ سلام للأزمة السورية، حتى يعود السوريون إلى بلدهم ويبنوها من جديد. أمّا عن دور بريطانيا في المؤتمر فستحاول أن تتأكّد أن المجتمع الدولي يقوم بدوره في مساعدة المنطقة واللاجئين في حياتهم اليومية.
كيف ترين مستقبل اللاجئين السوريين؟
أتمنى أنّه بعد يوم الخميس، سيتأكّدون أن أطفالهم سيدخلون إلى المدارس وسيكون لديهم فرص أكبر للعمل وإعالة أنفسهم، للتمتع بكرامة العمل عوضاً عن الاعتماد على المنظّمات الإنسانية.